أخبار عربية ودولية

محلل سياسي : العلاقات بين الكوريتين الجنوبية والشمالية لن تتحسن خلال رئاسة الرئيس لي

واشنطن – (د ب أ): يرى المحلل السياسي بيونج تشول لي أنه في ضوء المبادئ والقوانين الحاكمة التي تعمل على أساسها كوريا الشمالية ، كان احتمال تخليها عن الأسلحة النووية والموافقة على السماح بعمليات التفتيش الدولية وقبول قيود على سيادتها الذرية ، ناهيك عن التنازل عنها تماما ، ضئيلا للغاية دائما .

وقال بيونج- تشول لي ، وهو أستاذ مساعد في معهد دراسات الشرق الأقصى التابع لجامعة كيونجنام في كوريا الجنوبية. وكان عضوا في فريق تخطيط السياسات الخارجية والأمن القومي في المكتب الرئاسي لكوريا الجنوبية من عام 1993 إلى عام 1999، إنه بالنسبة لكوريا الشمالية ، فإن تحقيق ذلك سوف يتطلب منها التخلي عن جوهر وجودها واتخاذ خطوات غير مسبوقة فعليا في تاريخ سياستها الخارجية .

وأضاف لي ، في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية ، أن الكثيرين من خبراء العلاقات الدولية ومراقبي الشؤون الكورية وخبراء السياسة يتحدثون كما لو كانت حيازة كوريا الشمالية للأسلحة النووية أمر حتمي، حتى رغم أن وضع كوريا الشمالية الخالية من الأسلحة النووية يمكن أن يحل الكثير من المشاكل الجوهرية التي يعاني منها النظام ، بما في ذلك الخلل الاقتصادي المزمن وميله التاريخي للسعي للحصول على الوسائل التي تبقيه على قيد الحياة عبر الصين ، ومؤخرا روسيا.

وإذا كان الأمر كذلك ، هناك طريقتان فقط لمنع النظام الشيوعي من تطوير قدراته النووية ، وهما: المفاوضات أو العمليات العسكرية.

وبالرجوع إلى الماضي ، تدهورت العلاقات بين الكوريتين بشكل ملحوظ خلال الحكومة غير الليبرالية للرئيس يون سوك يول على مدار أكثر من عامين في كوريا الجنوبية.
وكان الرئيس يون، الذي تمت الإطاحة به من منصبه عقب عزله في الجمعية الوطنية (البرلمان) بسبب إعلانه البغيض الخاص بالأحكام العرفية في 3 ديسمبر /كانون الأول الماضي ، صقرا صريحا وتعهد علانية بالرد بقوة على أي هجوم كوري شمالي.

وكان أمرا مفاجئا أن أعادت حكومة يون البث عبر مكبرات الصوت بطول المنطقة منزوعة السلاح ، ودعت إلى قدرات استباقية أقوى بما في ذلك مناقشات بشأن إعادة نشر أسلحة نووية تكتيكية أمريكية .
وكان من الطبيعي عندئذ أن يعلن كيم جونج أون ، الزعيم الكوري الشمالي ، عقيدة الدولتين العدائيتين خلال الجلسة الموسعة التاسعة للجنة المركزية لحزب العمال الكوري في شهر ديسمبر /كانون الأول عام 2023، كما لو كان مصمما بشدة على أن يقسم عرقيا ما كانت الكوريتان قد رسخته ،بينما يؤكد أن إعادة التوحيد لم يعد ” هدفنا”.

وتهدد خطب كيم الآن بمحو قيادة حكومة سول إذا اتخذت أي إجراءات استفزازية، وأن هذا ليس مجرد كلام ، وأنه يمثل تحولا جوهريا واستراتيجيا في موقف كوريا الشمالية.

ماهى سياسة الرئيس الكوري الجديد لي جاي ميونج بشأن كوريا الشمالية؟

أحيا الرئيس لي من جديد الأمل في حدوث دفء في العلاقات بين الكوريتين . وكانت لغة خطبه في الحملة الانتخابية ورسائله المبكرة تشير إلى عودة للحوار وبناء الثقة ، والانخراط الانتقائي ، ما يعكس حقبة سياسة” الشمس المشرقة “

وفي توقيت مناسب ، أمر الرئيس لي جيشه بوقف تشغيل مكبرات الصوت القوية في 11 يونيو/حزيران الجاري للمساعدة في استعادة الثقة في العلاقات بين الكوريتين وإقامة سلام في شبه الجزيرة الكورية.
وقبل هذا ، قام الرئيس الكوري الجنوبي بترشيح لي يونج سيوك كمدير لجهاز الاستخبارات الوطنية ،الذي يلعب تاريخيا دورا رئيسيا خلف الكواليس في الاتصالات بين الكوريتين.

و يُعتقد على نطاق واسع أن تعيين لي مديرا للاستخبارات يشير إلى نية واضحة لاستعادة تلك المهمة التي تعكس عملية إعادة تقييم استراتيجي ودبلوماسي.
ورغم ذلك ، فإن التفاؤل في تحقيق مصالحة يواجه حاجزا ضخما ، حيث إن كوريا الشمالية لم تعد تعتبر كوريا الجنوبية شريكا في حوار ، ولكن عدوا لدودا واضحا.
ورغم أن الرئيس لي أيد تاريخيا التواصل ، فإن المشهد السياسي بين الكوريتين الذي يواجهه مختلف جوهريا عن ذلك الذي كان سائدا في عهد أسلافه التقدميين.
ويعكس قيام نظام كيم بتوسيع برنامجه الخاص بالصواريخ الباليستية العابرة للقارات واستراتيجيته الخاصة بالأسلحة النووية التكتيكية ، نظاما يسعى لامتلاك ميزة قسرية وليس التفاوض.
وببساطة ، فإن النظام في بيونج يانج غير مهتم بالحوار ما لم يتمخض عن تنازلات من جانب واحد : تخفيف العقوبات بدون نزع السلاح .

هل سوف تتحسن العلاقات بين الكوريتين في عام 2025؟

وفي هذا السياق ، فإن التوقعات بشأن استئناف الحوار أو تحقيق اختراق في العلاقات بين الكوريتين غير واقعية . وإذا لم تغير بيونج يانج بشكل جوهري حساباتها الاستراتيجية ، سوف تتمخض سياسات مثل الشمس المشرقة عن أكثر قليلا من خيبة الأمل .

وربما تحاول حكومة الرئيس لي طرح مبادرات على نطاق صغير ، وتقدم مساعدات إنسانية وتجرى تبادلات ثقافية غير سياسية ، لكن من غير المرجح أن تحدث هذه الخطوات تغييرا في موقف بيونج يانج.
والأمر الأسوأ ، هو أن يُساء قراءة مثل هذه المبادرات في بيونج يانج على أنها ضعف أو يأس ، وخاصة عندما رسخت كوريا الشمالية مؤسساتيا وصف جارتها الجنوبية بأنها خصم عسكري يتعين القضاء عليه ، وليس التواصل معه.

وهذه الحقيقة الواضحة تجعل تحالف كوريا الجنوبية والولايات المتحدة والتعاون الأمني الثلاثي مع اليابان ، أمرا جوهريا أكثر من أي وقت مضى.

وأشار الرئيس لي بالفعل إلى دعم إعلان واشنطن و الردع النووي الممتد والاستعداد العسكري المشترك . وأنه يفهم أن الردع لايتعارض مع الدبلوماسية ولكنه مطلب أساسي لها.
وتعتبر رغبة الرئيس لي في إبقاء الباب مفتوحا أمام كوريا الشمالية مفهومة سياسيا . فلا يمكن لأي زعيم كوري جنوبي أن يتجاهل كوريا الشمالية .
ومع ذلك ، فإن درس العقد الماضي واضح : لا يمكن تحقيق السلام من جانب واحد ، و لا يتمخض حوار بدون ردع عن أي نتائج .

وطالما ينظر كيم جونج أون من الناحية الجوهرية إلى كوريا الجنوبية على أنها عدو ، فإن أولويات حكومة الرئيس لي يجب أن تكون تعزيز التحالفات والحفاظ على الاستعداد العسكري وإعداد العدة للأمور الطارئة .

وفي الوقت الراهن ، لاتزال تخيم السحب الكثيفة على العلاقات بين الكوريتين. ولن يكون الانخراط الدبلوماسي ممكنا إلا عندما يتغير المناخ الاستراتيجي ليس فقط في سول ولكن أيضا في بيونج يانج. وحتى يحين ذلك الوقت ، يتعين أن تسود الواقعية على الرومانسية في نهج كوريا الجنوبية تجاه كوريا الشمالية .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى