أخبار الوطن

الأرشيف والمكتبة الوطنية يستعرض أهمية المرويات في استدامة الموروث معتمداً على تجربته المتميزة في جمع التاريخ الشفاهي وحفظه

محاضرة ضمن مبادرات الأمانة العامة لمراكز الوثائق والدراسات بدول مجلس التعاون

أبوظبي – الوحدة:

ضمن مبادرات الأمانة العامة لمراكز الوثائق والدراسات بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، نظم الأرشيف والمكتبة الوطنية -أحد أبرز أعضاء الأمانة العامة- محاضرة بعنوان: “صوت الذاكرة: دور توثيق المرويات في استدامة الموروث” سلط فيها الضوء على التشابه الثقافي والتواصل المستمر بين مجتمعات وشعوب دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتي تدل على وحدة الجذور والثقافة والتراث والتاريخ، وعلى ضرورة جمع وتوثيق المرويات المسجلة بالصوت والصورة ضمن أنشطة التاريخ الشفاهي ويأتي ذلك مكملاً للتاريخ المدون للأجيال.
بدأت المحاضرة-التي قدمتها الدكتورة عائشة بالخير مستشارة البحوث في الأرشيف والمكتبة الوطنية، بتعريف منظومة التاريخ الشفاهي فتطرقت للذاكرة الذهنية التي تتمثل في حفظ الأحداث ذهنياً إذ يتمكن المرء من استدعائها عند الحاجة إليها، وشرحت كيف تعتمد هذه الذاكرة على ذكاء ومهارة الرواة حسياً، وبالمقابل سلطت الضوء على الذكريات التي تحتفظ بها الذاكرة، لاسيما لارتباطها المباشر بالعواطف والعناصر الملموسة ، مؤكدة أنه حين تندمج الذاكرة مع الذكريات ينتج التاريخ الشفاهي الذي يُعرف بأنه توثيق لسِيَرِ الأفراد ومخزون ذاكرتهم وتفاصيل حياتهم بالصوت والصورة، وبذلك فهو يرسم تصوراً للواقع، ويتقصى الحقائق، ويوثق ذاكرة الزمان والمكان ليستكمل ما لم يرِد في الوثائق التاريخية المكتوبة، ولتتناقله الأجيال المتعاقبة، فيكمل تاريخ الوطن وتفاصيل مسيرته.
وتطرقت المحاضرة إلى ذاكرة الماء، والذاكرة الجينية، والقراءة في تفاصيل رحلة الزمن، والذاكرة الجمعية التي تختزن بواسطتها الكثير من المعارف والسلوكيات التي ما زالت تمارس وهي تؤطر حياة الجماعة ومسارها على المستوى الاجتماعي.
وركزت المحاضرة على الأهمية الاستراتيجية للائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم 7 لعام 2008 بشأن الأرشيف والمكتبة الوطنية، والذي جعل الأرشيف الشفوي في صميم المادة الأولى من الفصل الأول فعرّف بالمادة المعلوماتية التي يتم جمعها مشافهة وتسجيلها بالصوت والكتابة استكمالاً لمعلومات غائبة أو لم تدوّن أصلاً، ويتم ضمها إلى مقتنيات الأرشيف بعد توثيقها بشكل رسمي.
ولفتت الدكتورة عائشة بالخير إلى أن الأرشيف والمكتبة الوطنية قد اعتمد في بناء منظومة التاريخ الشفاهي فيه على ما حققته جامعة بيركلي الأمريكية التي جعلت التاريخ الشفاهي في صلب اهتماماتها منذ عام 1953، وأوضحت طرق منهج البحث بدءاً بتحديد محاور المقابلة وموضوعاتها، ثم آلية العمل التي تُعنى بوضع معايير الرواة المستهدفين، وتوظيف الأساليب المثلى لجمع المواد السمعية والبصرية باستخدام أجهزة التصوير والتسجيل الرقمية، وتصنيف محتوى التسجيلات، وتصنيف المقابلة، والمراجعة التاريخية للتأكد من سلاسة السرد وسلامة تعريف المفردات العامية، والتدقيق اللغوي حين توثق المقابلة باللغة العربية الفصيحة، ثم أرشفتها في نظام الوسائط المتعددة.
وأكدت مستشارة البحوث في الأرشيف والمكتبة الوطنية أن مشروع التاريخ الشفاهي هو الوحيد الذي ينتمي إلى جهات عالمية متعددة منذ عام 2009م، وأن العمل في جمع التاريخ الشفاهي وتوثيقه يجري وفق معايير متعارف عليها وموحدة عالمياً، وتطبق عليه الأسس العلمية والقانونية.
واستعرضت معايير اختيار الرواة من كبار المواطنين الذين يعتبرهم الأرشيف والمكتبة الوطنية كنوز الإمارات الحية، وحددت الهدف من إجراء مقابلة التاريخ الشفاهي وتدوين المرويات، ثم تحدثت عن الاستعداد لإجراء مقابلة التاريخ الشفاهي؛ كجمع المعلومات عن الراوي، وإعداد الأسئلة، وزيارة الراوي والتحدث معه قبل إجراء المقابلة، ثم تحديد موعد المقابلة والحضور في الوقت المحدد، ومراجعة أسئلة المقابلة والتدرّب عليها لكسر الحواجز بين الراوي والباحث الذي يجري المقابلة، والتأكد من صلاحية أجهزة التسجيل وجودتها.
وركزت المحاضرة على ما يتوجب على الباحث عمله أثناء المقابلة، وعلى أدبيات مقابلة التاريخ الشفاهي، والأهداف المنشودة التي حققتها المقابلة، وطرق حفظها وتوثيقها.
ودعمت الدكتورة عائشة بالخير محاضرتها بالأمثلة العملية والتطبيقية من التجارب التي مرت بها في العمل الميداني، وسبل التأكد من المعلومات الجديدة التي أسفرت عنها المقابلة، مؤكدة أن معظم المقابلات تخضع للتدقيق التاريخيّ المدعوم بالصور والوثائق لرفع مصداقية الرواية الشفاهية وبذلك يتمكن الباحثون المهرة من إضافة معلومات جديدة ورصينة تسدّ ثغرات في التاريخ المكتوب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى