أخبار رئيسية

الرميثي: كبار المواطنين أولوية وطنية.. واستراتيجيتنا تستلهم توجيهات القيادة ورؤية “أم الإمارات”

الوحدة تحاور سعادة مريم محمد الرميثي مدير عام مؤسسة التنمية الأسرية

أجرى الحوار : محمد الشبراوي

في ظل ما توليه القيادة الرشيدة من اهتمامٍ متزايدٍ بكبار المواطنين، وترجمةً للرؤية الملهمة لسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات”، التي جعلت من هذه الفئة المهمة في المجتمع أولوية وطنية وركيزة إنسانية راسخة.. تواصل مؤسسة التنمية الأسرية أداء دورها الحيوي في تمكين هذه الفئة، وتعزيز جودة حياتها، وترسيخ حضورها الفاعل في المجتمع. وعلى هامش المؤتمر الصحفي الذي نظمته المؤسسة اليوم لإطلاق دليل “لنحمي كبارنا بحب”، والذي يُجسد التزام المؤسسة بتعزيز الوعي المجتمعي بمفاهيم الرعاية العاطفية لكبار المواطنين، كان لـ”صحيفة الوحدة” هذا اللقاء مع سعادة مريم محمد الرميثي، مدير عام مؤسسة التنمية الأسرية، التي أكدت أن كبار المواطنين ليسوا فقط جزءاً من الماضي، بل طاقة حية في حاضرنا، وجزءاً لا يتجزأ من مستقبلنا الاجتماعي والإنساني.. وفيما يلي هذا اللقاء:

بداية، ما الذي يمثله كبار المواطنين بالنسبة لمؤسسة التنمية الأسرية، وكيف تُترجم هذه الأهمية إلى خططٍ ومبادراتٍ ملموسة، وما الهدف من إصدار دليل “لنحمي كبارنا بحب”، وما الذي يميزه؟

يمثل كبار المواطنين دعامة أساسية في النسيج المجتمعي، وهم القدوة التي نستلهم منها قيم العطاء والانتماء، بما يحملونه من خبرات حياتية تعزز استقرار الأسرة والمجتمع. وتولي مؤسسة التنمية الأسرية اهتماماً بالغاً بهذه الفئة، وفاءً لعطائهم، واستجابةً لتوجيهات القيادة الرشيدة، التي يأتي على رأسها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، الذي أكد أن كبار المواطنين أولوية وطنية. وتُجسد المؤسسة رؤية وتوجيهات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات”، التي تبذل جهوداً كبيرة لضمان رعاية كبار المواطنين وتمكينهم، من خلال إطلاق المبادرات النوعية، وتوجيه الدعم المؤسسي والمجتمعي لهم، ومتابعة البرامج المخصصة لرفع جودة حياتهم.
وتترجم المؤسسة هذا الاهتمام عبر برامج متكاملة تشمل الأدلة التوعوية، والورش التدريبية، والأنشطة الاجتماعية، والدعم النفسي والاستشارات الأسرية، إلى جانب بناء شراكات استراتيجية تُسهم في تعزيز جودة حياة كبار المواطنين ودمجهم الفاعل في المجتمع، بما يضمن لهم حياة كريمة وآمنة ومستقرة. ويهدف الدليل إلى تعزيز الوعي المجتمعي بمفاهيم الرعاية العاطفية لكبار المواطنين، وتسليط الضوء على الممارسات اليومية التي قد تؤثر عليهم نفسياً دون قصد. ويتميز هذا الدليل بكونه أداة توعوية مبسطة، تُخاطب أفراد الأسرة ومقدمي الرعاية بلغة إنسانية مباشرة، تركز على أهمية الاحترام، والإنصات، والتفاعل الواعي مع هذه الفئة الغالية.

لاحظنا في الآونة الأخيرة تركيز مؤسسة التنمية الأسرية على إطلاق العديد من الفعاليات والمبادرات والأدلة الخاصة بفئة كبار المواطنين والمقيمين والقائمين على رعايتهم.. ما دوافع هذا الاهتمام؟ وما الأسس التي يستند إليها؟

لا شك في أن كبار المواطنين يمثلون شريحة مهمة من النسيج الاجتماعي في الدولة، وهم القدوة التي نستلهم منها قوة الإرادة والعزيمة لمواصلة مسيرة التقدم والبناء، فعطاؤهم مستمر، ومن حقهم علينا أن نرعاهم وندعمهم، وهذا ما أكدته القيادة الرشيدة، التي يأتي على رأسها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، في أكثر من مناسبة، حيث أصدر سموه قانوناً بتعديل اختصاصات مؤسسة التنمية الأسرية بتاريخ 30 نوفمبر 2024، لتشمل تقديم الإرشاد والتوعية الأسرية، وتوفير الرعاية الشاملة لكبار المواطنين، في خطوة تعزز استقرار الأسرة وتنمي بنيانها.
ويعكس الاهتمام بهذه الفئة رؤية استراتيجية تنظر إلى كبار المواطنين بوصفهم الجذور الراسخة لهذا الوطن، وبركة الدار، ومن سطروا تاريخ الإمارات العريق، ولا يزالون ينيرون دروب المستقبل بحكمتهم وخبراتهم. لقد أفنوا حياتهم في البذل والعطاء وخدمة المجتمع، ومن الواجب أن نحيطهم بكل ما يصون كرامتهم، ويحفظ خصوصيتهم واستقلاليتهم، ويعزّز مكانتهم في أسرهم ومجتمعهم.. فشباب اليوم هم كبار الغد، وبقدر ما نمنح كبارنا من رعاية واهتمام واحترام، نرسخ قيماً مجتمعية وإنسانية يتوارثها الأبناء والأحفاد، ونبني مجتمعاً متماسكاً، متراحماً، يُعلي من شأن الإنسان في جميع مراحله العمرية.

هناك العديد من البرامج الداعمة لكبار المواطنين كما تفضلتم، كيف تُراعي هذه البرامج خصوصية هذه الفئة من حيث الاحتياجات النفسية والاجتماعية والصحية؟

إن مؤسسة التنمية الأسرية تولي اهتماماً بالغاً بكبار المواطنين، وتجسد هذا الاهتمام من خلال مجموعة من البرامج الطموحة والشاملة التي يتم تنفيذها وفق رؤية “أم الإمارات” الرامية إلى ضرورة تمكين هذه الفئة وضمان جودة حياتها. ومن أبرز هذه البرامج “بطاقة بركتنا”، التي تمنح لكبار المواطنين وتتيح لهم تسهيلات وخدمات متعددة، إلى جانب تقديم رعاية مؤقتة داخل المنازل، ونظام عمل مرن لأبناء كبار المواطنين، وخدمات لتحسين المساكن بما يتلاءم مع احتياجاتهم.
كما تبرز نوادي “بركة الدار” التي أنشئت برعاية سموها في أبوظبي والعين ومنطقة الظفرة لتوفر بيئة آمنة تدمج كبار المواطنين في أنشطة ثقافية وصحية واجتماعية، وتعزز شعورهم بالانتماء والدعم النفسي. وتدعم المؤسسة هذه البرامج بمبادرات توعوية، مثل دليل “تهيئة المنازل الآمنة”، إلى جانب ورش الصحة النفسية والتكيف مع التقاعد، بما يضمن تلبية احتياجاتهم النفسية والاجتماعية والصحية، ويُسهم في صون كرامتهم وتعزيز دورهم داخل الأسرة والمجتمع.

وكيف تعمل المؤسسة على إشراك كبار المواطنين في أنشطة مجتمعية تضمن استمرارهم في العطاء والمشاركة الفاعلة؟

إن كبار المواطنين لديهم رصيد غني بالخبرات والمعارف، وأن استمرار عطائهم يمثل قيمة مضافة للمجتمع.. ومن هذا المنطلق، نعمل على دمجهم في أنشطة مجتمعية هادفة، تُراعي قدراتهم وتعزز مكانتهم، بما يُسهم في استدامة دورهم الفاعل.
ومن أبرز الجهود في هذا الإطار، نعمل على تنظيم الفعاليات والبرامج في نوادي “بركة الدار”، التي توفر مساحة حيوية للتفاعل والمشاركة في ورش ثقافية وصحية وترفيهية، كما نسعى لإشراكهم في مبادرات نقل المعرفة بين الأجيال، لتفتح المجال أمامهم لتقديم خبراتهم من خلال جلسات حوارية وأنشطة توعوية.
وتحرص المؤسسة على تصميم هذه الأنشطة بما يراعي اهتمامات كبار المواطنين ويعزز شعورهم بالانتماء، مع توفير بيئة داعمة وآمنة تُمكنهم من الإسهام في الحياة المجتمعية بروح إيجابية، تعكس احترام المجتمع لعطائهم وتاريخهم، وتحفظ لهم دورهم الفاعل في البناء الاجتماعي المستدام.

لا أحد ينكر أهمية الشراكة مع القطاعين الحكومي والخاص في تعزيز منظومة العمل الاجتماعي.. فما الدور الذي تلعبه هذه الشراكات الاستراتيجية، خصوصاً مع الجهات المعنية برعاية كبار المواطنين، وكيف تعملون على تقييم أثر البرامج والخدمات المقدَّمة لهم، وما مدى رضا كبار المواطنين عنها؟

لا شك في أن الشراكات الاستراتيجية تلعب دوراً أساسياً في تمكين مؤسسة التنمية الأسرية من تقديم خدمات متكاملة لكبار المواطنين، من خلال التعاون مع الجهات الحكومية والمجتمعية والقطاع الخاص لتوحيد الجهود وتوفير بيئة داعمة تلبي احتياجاتهم الصحية والاجتماعية والنفسية. وتُسهم هذه الشراكات في تطوير برامج نوعية تُعزز جودة الحياة وترسخ قيم التكامل المجتمعي.
لدينا فريقاً يستخدم مختلف التقنيات الحديثة ويعمل بمهنية عالية لرصد أثر هذه البرامج عبر استبيانات دورية، ومقابلات ميدانية، ومؤشرات أداء تقيس مستوى التحسن في جودة الحياة ودرجة الرضا العام، وقد أظهرت النتائج ارتفاعاً ملحوظاً في رضا كبار المواطنين، ما يعكس فاعلية المبادرات ويؤكد نجاح مؤسسة التنمية الأسرية في تحقيق رسالتها الإنسانية والمجتمعية.

وما الذي تطمحون في تحقيقه خلال السنوات القادمة في إطار استراتيجية المؤسسة لخدمة كبار المواطنين، وما النصائح التي توجهونها لأفراد المجتمع للإسهام في دعم هذه الفئة والوقوف إلى جانبهم كجزء من المسؤولية المجتمعية؟

نطمح في مؤسسة التنمية الأسرية إلى مواصلة تطوير منظومة متكاملة ومستدامة تعزز جودة حياة كبار المواطنين، من خلال التوسع في البرامج والخدمات النوعية، وتعزيز الشراكات المجتمعية والمؤسسية، وتوظيف الحلول الرقمية والابتكار الاجتماعي في تقديم الرعاية، بما يضمن وصول الخدمات إلى كل من يستحقها بسهولة وكفاءة. وتعمل المؤسسة على ترسيخ ثقافة مجتمعية تُؤمن بدور كبار المواطنين، وتثمن عطـاءهم، وتسعى لدمجهم بشكل أوسع في الحياة العامة، ليبقوا شركاء فاعلين في مسيرة التنمية.
ومن خلال منبركم الإعلامي، نوجه دعوةً صادقةً إلى أفراد الأسرة والمجتمع كافة للوقوف إلى جانب كبار المواطنين، ليس فقط بالرعاية، بل بالاستماع والتقدير والمشاركة، فدعمهم واجب إنساني ومسؤولية مجتمعية أصيلة، تبدأ من الأسرة وتمتد إلى المحيط الاجتماعي الأوسع، فمجتمع لا ينصتُ لكباره، يُضيع جذوره.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى