تقرير جديد للإسكوا: البلدان العربية الأقلّ نموًا والمتوسطة الدخل تُصارع للحدّ من الفقر المتعدد الأبعاد
بيروت- الوحدة:
خلُص تقرير جديد أصدرته اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) تحت عنوان “خفض الفقر المتعدد الأبعاد: مهمّة لم تُنجز بعد في عدّة بلدان عربية” إلى أن جهود الحدّ من الفقر في عدد من الدول العربية لا تزال بطيئة وغير متكافئة، وفي بعض الحالات راكدة.
ويكشف التقرير أنّ الفقر المتعدد الأبعاد (أي الحرمان في مجالات التعليم، والصحة، والتغذية، والوصول إلى الخدمات الأساسية) في كلّ من الأردن وتونس ومصر قد شهد انخفاضًا طفيفًا فقط خلال العقد الماضي، مع تحسن محدود في بعض المؤشرات.
ويبرز التقرير أن الفقر لا يزال أكثر انتشارًا في المناطق الريفية مقارنة بالمراكز الحضرية، ويظل التعليم العامل الأساسي المسبب للفقر المتعدد الأبعاد في هذه الدول الثلاثة.
كذلك، يسلّط التقرير الضوء على التحديات التي تواجهها البلدان العربية الأقلّ نموًا التي تتوفر عنها بيانات حديثة — جزر القمر، موريتانيا، واليمن — حيث لا يزال الفقر المتعدد الأبعاد مرتفعًا بشكل حرج. وتبرز جزر القمر كاستثناء لأنها حققت تقدمًا كبيرًا بانخفاض نسبة الفقر المتعدد الأبعاد من 34.6% في عام 2012 إلى 19.4% في عام 2022، إلى جانب تحسينات في خدمات الصرف الصحي، ومياه الشرب، والكهرباء والتعليم.
أما موريتانيا، فلا تزال تعاني من انتشار واسع للفقر، الذي أثّر على 57.4% من السكان في عام 2021، مع انخفاض طفيف في شدة الحرمان. ولم يُظهر اليمن أيّ تقدّم يُذكر، حيث ظلت نسبة الفقر المتعدد الأبعاد 38% تقريباً بين عامي 2013 و2023. وقد أدى الصراع المتواصل في البلاد، إلى جانب التدهور الاقتصادي، والصدمات المناخية، ومحدودية الوصول إلى المساعدات الإنسانية، إلى انهيار سبل العيش، وتشريد الملايين، وتدمير البنى التحتية، وترك نصف السكان يواجهون انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي.
وتعليقًا على النتائج، دعا المؤلف الرئيسي للتقرير في الإسكوا خالد أبو إسماعيل إلى معالجة هذه التحديات المستمرة لا سيّما وأنّ التقدم في الحدّ من الفقر المتعدد الأبعاد في المنطقة العربية لا يزال بطيئًا للغاية وغير متكافئ. وأضاف: “ما لم نعالج الأسباب الجذرية وبالأخص الفجوات في التعليم والتغذية والوصول إلى الخدمات الأساسية، فسيظل الملايين عالقين في دوامة الحرمان”.
وتُبرز التحليلات كذلك أن مستويات الفقر في موريتانيا أعلى بكثير مما يُتوقع بالنظر إلى نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس ضعف تحويل الدخل الوطني إلى تحسينات في الرفاه والخدمات الأساسية. وعلى النقيض من ذلك، تتماشى جزر القمر واليمن بشكل أكبر مع الأنماط العالمية، حيث تُظهر مستويات فقر تتناسب مع مستويات دخلها.
ويدعو التقرير إلى إصلاحات محلية جريئة وتجديد للتعاون الدولي. ففي الأردن وتونس ومصر، يتطلب خفض الفقر المتعدد الأبعاد استثمارات أكبر في التعليم الشامل العالي الجودة، وتحسين الانتقال من المدرسة إلى سوق العمل، وتوسيع الوصول إلى البنية التحتية الرقمية. كما يتطلب قطاع الصحة والتغذية اهتمامًا عاجلًا، إلى جانب جهود لتعزيز نظم الحماية الاجتماعية لضمان تغطية كافية للفئات المحرومة.
أما في جزر القمر وموريتانيا واليمن، فإن وضع معايير دُنيا للصرف الصحي، ومياه الشرب النظيفة، والطاقة يظل أمرًا ضروريًا، في حين يمكن أن تساعد الخدمات المصرفية الرقمية والتمويل الأصغر الأسر على التكيف مع الظروف الهشة. وبالنسبة لليمن، هناك حاجة ماسة إلى دعم خارجي كبير، لا سيّما من خلال آليات حلّ النزاعات والمساعدات الإنمائية الرسمية، لدعم الحوكمة وتوفير الخدمات الأساسية.
وأضاف أبو إسماعيل أنّ “الجهود المحلية الصلبة، إلى جانب التعاون الدولي المتجدد، ضرورية لضمان حصول جميع الناس في المنطقة على الخدمات الأساسية والفرص اللازمة للعيش بكرامة. فلا تزال مهمة الحدّ من الفقر المتعدد الأبعاد غير مكتملة، وهي مهمة يجب على الحكومات والمجتمع الدولي تجديد الالتزام بها بشكل عاجل”.