مرئيات

رحلة جاسبارو بالبي إلى الخليج العربي

دبي – الوحدة:

تحقيقاً للنص التاريخي عن شواطئ اللؤلؤ الأسطورية وذكر قرية دبي لأول مرة بشكل موثق في المصادر التاريخية من رحلة جاسبارو بالبي إلى الخليج العربي سنة 1580م، حيث ذكر اسم دبي لأول مرة في المصادر التاريخية الغربية سنة 1580م النسخة الأصلية من هذا الكتاب محفوظة في مكتبة محمد بن راشد العامة في دبي بالطابق السابع، وهي من مقتنيات سموه.

ووفقا لتقرير أجراه طارق حسين المرزوقى الباحث والكاتب في تاريخ منطقة الخليج العربي، يقول المؤرخ ب. ج. سلوت B. J. Slot عن رحلة تاجر المجوهرات الفينيسي : « ولا يكاد يوجد أي من أسماء الأماكن على الساحل بين قطر ورأس الخيمة يظهر في مصادر أخرى قبل نهاية القرن الثامن عشر»، مما يبرز تفرد Gasparo Balbi كمصدر تاريخي أولي لعدد كبير من أسماء الاماكن المعروفة اليوم في الخليج العربي.

%D8%AC%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%886

جاسبارو بالبي (ولد حوالي 1550 وتوفي بعد 1590م) كان تاجر مجوهرات ولؤلؤ فينيسي الأصل، سافر من 1579 إلى 1588م إلى الشرق الأوسط والهند وجنوب شرق آسيا، وأصدر في عام 1590م كتابًا بعنوان: رحلة إلى الهند الشرقية Viaggio dell’ Indie Orientali يروي فيه رحلاته ويوثق الأسواق والموانئ وطرق التجارة في تلك الحقبة، ما يهمنا في كتابه حيث ذكر دبي لأول مرة بشكل موثق.
بالإمكان ملاحظة تدوين واضح لقرية دبي (Dibei) والتي هي نفسها امارة دبي ضمن اتحاد الامارات اليوم، كذلك مناطق أخرى من الإمارات والخليج ذكرت ضمن وصفه لشواطيء اللؤلؤ الأسطورية سنة 1580م
ولفهم أوضح لنص بالبي يجب ترجمته أولا عن الإيطالية القديمة ثم تحقيق أسماء الأماكن والنصوص المرتبطة بها تاريخياً وجغرافياً ضمن منهجية علمية.
بالنظر لقائمة الأسماء التي سجلها بالبي في وصفه لشواطيء اللؤلؤ، تبدأ غربا من الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية اليوم، لتمتد شرقاً مروراً بالبحرين ثم قطر وسواحل دولة الإمارات العربية المتحدة حتى سلطنة عمان كالتالي:

%D8%AC%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%881

1- بَيرين Bairen= وهي تصحيف لكلمة البحرين
2- جزر گيونفار Gionfar ، نستعين بمصادر تاريخية ولغوية لإثبات الاسم الجغرافي الصحيح .
بالرجوع لخريطة مصر، والنوبة، والحبشة، والعربية السعيدة…الخ. رسم غيوم دوليل، والذي نشر في هولندا، أمستردام سنة 1742م لدى الناشرين الجغرافيين جان كوفين وكورنيي مورتير. يلاحظ في الخريطة كتابة جلفار هكذا ( Giolffar أو Julphar – جيلفار أو جُلفار). ولغوياً كتابة كلمة جلفار تكون بعدة أوجه بالإيطالية القديمة:
حيث يلاحظ انه باللغة الايطالية القديمة انه لا يوجد الحرف ”J“ لذا يستعاض عنها بالحرفين GI يرمز لها لغويا ʤ وتنطق ج بالعربية، لذلك تكتب گيونفار Gionfar كما في بعض الخرائط او الكتب الجغرافية الغربية.
الخلاصة، نطق الرحالة جاسبر بالبي: گيونفار Gionfar بالإيطالية، هي تصحيف لكلمة جلفار، لذلك فرضية المؤرخ الإنجليزي جيفري كينج في ورقته البحثية أن جلفار لم تذكر في نص بالبي، وأن صير خور الخوير هي دمج مكانين مختلفين خاطئة، وسنفصل لاحقاً عند ذكر صير خور الخوير.
نكمل تحقيق الأسماء الجغرافية:
3 – لطيف Latif= القطيف.
4 – لاسن Lasen= الإحساء.
5 – بارس كاتور Barcechator= بحر قطر.
6 – ززيرافيلبار zeziraïslbar= جزيرة “جزائر” في البحر (وربما عنوان فرعي يُقدِّم ما يلي من أسماء الجزر)
7 – ألول Alul= جزيرة حالول.
8 – سيران Seran= ربما جزيرة شراعوه.
9 – ديسوي Desüe= ربما جزيرة دُيينة.
10 – داس Daas= جزيرة داس.
11 – إم-غور-سي-نون Eme-gor-ce-non= ام قرنين، وتسمى اليوم جزيرة جرنين.
12 – أرزَوي Arzeui= جزيرة أرزنة.
13 – زيروك zeroch= جزيرة زيركوه.
14 – دلمي في الماس Delmephialmas= بالرجوع لروزنامة المرحوم النوخذة الخارجي ذكرت جزيرة دلما هكذا: جزيرة دلما بها ماء وهو الاسم الذي عرفت به دلما قديماً وتهجئة جاسبارو بالبي في كتابه تؤكد نقله الاسم المحلي المتعارف عليه حينها (دلما بها ماء) حيث أن دلما كانت مصدر مهم للمياه لسفن الغوص على اللؤلؤ في مجموع الجزر التاريخية المحيطة كما أن السفن كانت تنقل المياه من دلما للبر الرئيسي لأبوظبي، ولهذا دلما اشتهرت بهذا الاسم.

%D8%AC%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%884

15 – صيربني است sir beniast= وهي تصحيف لجزيرة صير بني ياس.
16 – الدانة Aldane= الظنة او جبل الظنة في أبوظبي.
17 – فيتسبرواتيش Fsetebruatich = ربما اسم فشت بحري، وهي محاولة إيطالية لنقل وصف عربي شفهي لاسم هذا الفشت مثل فشت بوطينة.
والاحتمال الآخر أنه ربما عنوان فرعي يُقدِّم ما يليه من المناطق ذي القيعان الرملية المرجانية كما يقترح المؤرخ الإنجليزي جيفري كينج في ورقته البحثية.
18 – خيريزان Cherizan= خور قرقشان؟ (قد يكون أقدم ذكر لمنطقة في جزيرة أبوظبي، وخور قرقشان يقع بالقرب من جزيرة ابوظبي) وربما هي محاولة إيطالية لنقل وصف عربي شفهي لاسم هذا الخور.
19 – ديبي Dibei= دبي وهو مطابق لنطق سكان المنطقة وليس كما تكتب اليوم بالإنجليزية Dubai وبالاعتماد على هذه التهجئة بالإمكان إنكار الكثير من الفرضيات عن اصل تسمية دبي، ربما نتحدث عنه في موضوع منفصل.
20 – سربا Sarba= الشارقة (واللفظ في المصادر البرتغالية Sarha: سَره)
21 – عجيمان Agiman= وتنطق باللهجة المحلية عيمان واليوم تكتب عجمان، أيضاً بالاعتماد على هذه التهجئة بالإمكان إنكار الكثير من الفرضيات عن أصل تسمية عجمان.
22 – رأس Ras=ربما اسم لسان ساحلي على البحر بين عجمان وأم القيوين تحمل اسم راس لكن لم يذكر اسمها الكامل
23 – إملغويين Emelgouien= تصحيف لكلمة أم القيوين.
24 – رأس أجيار Rasagaiar = يحتمل رأس العجير/ رأس غيارة / رأس قيارة / رأس قيس؟ وهي محاولة إيطالية لنقل وصف عربي شفهي لاسم هذا الرأس الساحلي.
25 – دَوين Daoin= ربما ضاية.

%D8%AC%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%885

26 – راس الخيم Rasaelchime = رأس الخيمة.
27 – سيركوركور Sircorcor= صير خور الخوير، يقترح المؤرخ جيفري كينج في ورقته البحثية أنه ربما “سيركوركور” لدى بالبي تمثل دمجًا بين الصير (أي جلفار) و”خور الخوير”، في كلمة واحدة، نتيجة لسوء فهم أو تحوير صوتي لدليله العربي. حيث أن بالبي جمع بين اسمين منفصلين.
والإحتمال الذي نرجحه أن الاسم الصحيح هو صير خور الخوير حيث أن جلفار ذكرت في بداية النص مباشرة بعد جزيرة البحرين لوصف جزر الخليج و مغاصات اللؤلؤ ولشهرة جلفار كحاضرة في الخليج، سميت بجزر جلفار.
كما أن كلمة الصير لغوياً تعني: الصَّيْرُ من الشيء: “جانبه وناحيته، أو طرفه” كما وردت في المعجم التاريخي للغة العربية، الصادر عن منشورات القاسمي. أما المراجع في المنطقة مثل الشيخ سالم السيابي في كتابه “عُمان عبر التاريخ”ينقل عن ابن رزيق أن البرتغاليين بنَوا في مدينة مسقط حصنين كبيرين، أحدهما الجلالي، والآخر الميراني، كما أنشؤوا “صيرتين” أي قلعتين صغيرتين لحماية الميناء من دخول الأعداء.
ويُستدل من ذلك أن كلمة “الصير” تُطلق على القلاع والحصون البحرية الصغيرة المشيّدة في الجزر أو السواحل القريبة من الموانئ والمداخل البحرية. لذا كان الاسم صير مرادفاً للعديد من الأماكن الجغرافية وهنا نستعرض مثالين في الخليج: صير بني ياس، وصير بونعير.
كما أنه وردت في روزنامة الخارجي الأسماء الجغرافية الساحلية التالية هكذا:
البدية لها صير و رأس ليمه له صير(تقع بمسندم).
الخلاصة: الصير حسب ذكرها اللغوي بالنصوص تعني أن المكان محصن أما ببرج دفاعي أو ملجأ للسفن عند الظروف الغير مواتية، لذلك الاسم صير خور الخوير صحيح. وفرضية المؤرخ جيفري كينج ضعيفة.
28 – كَساب = تصحيف لـ خصب.
29 – كُنزار = تصحيف لـ كمزار

%D8%AC%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%882

وللتأكد من تُطابق الأماكن المذكورة في النص وفق تسلسلها بدقة، تنقل الأسماء كما وردت عند الكاتب على الخريطة، بهدف التحقق من اتساق ترتيب الوصف المكاني.
وأخيراً نعرض النص بعد الترجمة والتحقيق:
الهند الشرقية
….نائب ملك البرتغال، حيث إنه لا يمكن إخراج البضائع من الجمارك إلا بوجود هؤلاء الثلاثة معًا، وهناك أيضًا عدد كبير من الكتبة، بعضهم برتغاليون والبعض الآخر مسلمون. وهنا نكتفي عن تفصيل مدينة هرمز؛ ورأيت أنه من المناسب الحديث عن الأماكن التي تُصطاد فيها اللآلئ.
في كيفية جمع اللآلئ، وأين يتم ذلك الفصل الرابع عشر
رغم أنه لا تُجمع اللآلئ في هرمز نفسها، ولا تُصاد هناك، فإنها تُستخرج من بعض الجزر الصغيرة القريبة منها، ولذلك رأيت من المناسب ذكرها في هذا الموضع.
أفضل اللآلئ التي يمكن العثور عليها هي تلك التي تُستخرج من جزيرة البحرين، ومن جزر جلفار (الخليج)، وهي لآلئ جميلة جداً، كبيرة الحجم، ومستديرة الشكل.
أما باقي اللآلئ فتُجمع من جزر صغيرة (ومناطق) كثيرة قريبة من بعضها البعض، ومنها:
]القطيف[، ]الإحساء[، ]بحر قطر[، ]جزر في البحر[
]حالول[، ]شراعوه[، ]ديينة[، داس، ]ام قرنين=جرنين[، ]أرزنة[، ]زيركوه[، ]جزيرة دلما بها ماء[، ]صير بني ياس[، ]الظنة[، ]فشت بوطينة[، ]خور يزان[، ]دبي[، ]الشارقة[، ]عجمان[، راس، ]ام القيوين[، ]رأس اجيار[، ]ضاية[، ]رأس الخيمة[، ]صير خور الخوير[، ]خصب[، ]كمزار.[
تظل مثل هكذا نصوص التاريخية مهمة للمكتبة الخليجية خاصة والعربية عامة، حيث يمكن الاستدلال بها مع المصادر الجغرافية المتوفرة الى اليوم سواء العربية أو الأجنبية لرسم تصور تاريخي جغرافي مقبول وواقعي، بعيدا عن التفسيرات الخيالية.

%D8%AC%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%883

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى