رفع رسوم تأشيرة H-1B يربك شركات التكنولوجيا والأسواق العالمية
بقلم : مهند ياقوت / كبير محللي الأسواق بالشرق الأوسط لدى «سكوب ماركتس»
أثار قرار الإدارة الأمريكية برفع رسوم تأشيرة H-1B إلى مئة ألف دولار جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية وأسواق المال، إذ تمثل هذه الخطوة تحولا جذريا في سياسة الهجرة التي طالما اعتمدت عليها الشركات الأمريكية لاستقطاب الكفاءات العالمية وأعطتها ميزة تنافسية. تأشيرة H-1B تعد من أهم المسارات التي تسمح بجذب خبرات تقنية عالية إلى الولايات المتحدة، ورفع تكلفتها بهذا الشكل يضع ضغوطاً كبيرة على الشركات، وخصوصاً شركات التكنولوجيا، ويثير تساؤلات حول قدرة السوق الأمريكي على الحفاظ على جاذبيته للمواهب الدولية في ظل المنافسة العالمية المتزايدة على الكفاءات.
شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى مثل أمازون ومايكروسوفت وجوجل وغيرهم، كانت من أكثر المستفيدين من برامج الهجرة المهنية حيث تعتمد بشكل واسع على استقدام مهندسين ومطورين من الخارج لسد الفجوة في سوق العمل المحلي. الرسوم المرتفعة ستضاعف تكاليف التوظيف وتؤدي إلى إعادة النظر في استراتيجيات الموارد البشرية، سواء من خلال تقليص أعداد المتقدمين أو الاعتماد بشكل أكبر على مراكز تطوير خارجية في آسيا وأوروبا الشرقية. هذا الأمر قد ينعكس على وتيرة الابتكار ويؤخر إطلاق منتجات جديدة في قطاعات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية ويؤثر في النهاية على قدرة هذه الشركات على الحفاظ على تنافسيتها، وهو في النهاية ما يضغط على أسهم تلك الشركات.
الانعكاسات لم تحدث على السوق الأمريكي لحظياً بل امتدت إلى الأسواق العالمية، إذ شهدت أسهم شركات تكنولوجيا المعلومات الهندية هبوطاً حاداً بعد الإعلان نظراً لاعتمادها الكبير على إرسال موظفين للعمل في الولايات المتحدة. كما أن رفع رسوم التأشيرة قد يدفع الكفاءات إلى اختيار أسواق بديلة مثل كندا وأوروبا حيث شروط الهجرة أقل تكلفة وأكثر مرونة، ما يمنح تلك الدول ميزة إضافية في استقطاب العقول المبتكرة. على المدى البعيد، قد يؤدي هذا القرار إلى إعادة تشكيل خارطة الابتكار العالمية ويضعف من المكانة التاريخية للولايات المتحدة كمركز أول للتكنولوجيا المتقدمة إذا لم تعد صياغة سياسات أكثر توازناً تراعي احتياجات الاقتصاد دون التضحية بميزته التنافسية.