نشرة متابعة الإنتاج المعرفي في العالم: الاقتصاد والتكنولوجيا يعيدان تشكيل خريطة النفوذ العالمي
النشرة يصدرها مكتب تريندز الافتراضي في كندا
أبوظبي – الوحدة:
في ظل تسارع وتيرة التحولات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية، أطلق مكتب تريندز الافتراضي في كندا العدد الجديد من “نشرة متابعة الإنتاج المعرفي في العالم” لشهر أغسطس 2025، الذي يُسلّط الضوء على أبرز الإصدارات الفكرية العالمية التي تحلل تحوّلات القوة والنفوذ، مع تركيز خاص على الدور الاستراتيجي للاقتصاد والتكنولوجيا كأدوات صراع جديدة.
وجاء في مقدمة العدد، الذي أشرف عليه كل من الدكتور وائل صالح، مدير مكتب تريندز الافتراضي في كندا، والباحثتان سارة النيادي، ونجلاء المدفع، أن المعرفة لم تعد ترفاً فكرياً، بل أصبحت أداة ضرورية لفهم التعقيدات العالمية وصياغة الاستجابات الاستراتيجية، خاصة مع تصاعد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين.
وتضمن العدد العديد من المحاور أبرزها الحمائية وإعادة تشكيل النظام الاقتصادي، حيث استعرض كتاب “العواقب الاقتصادية للسيد ترامب” للصحفي فيليب كوغان، الذي يحذر من أن السياسات الحمائية التي انتهجها الرئيس الأمريكي لم تُضعف النظام التجاري العالمي فحسب، بل مهدت الطريق لصعود القومية الاقتصادية، مما قد يؤدي إلى تراجع النفوذ الأمريكي على المدى الطويل.
كما توقف العدد عند الصراع الجيو-اقتصادي الصيني، وسلطت النشرة الضوء على كتاب “Sovereign Funds” للدكتورة زونغيوان زوي ليو، الذي يكشف كيف تحولت صناديق الثروة السيادية الصينية إلى أداة نفوذ استراتيجية بيد الحزب الشيوعي، باستثمارات تتجاوز تريليوني دولار لتعزيز مشاريع، مثل مبادرة الحزام والطريق والهيمنة على قطاعات التكنولوجيا الحيوية والرقائق الإلكترونية.
وتناولت النشرة أيضاً الثورة الرقمية والنفوذ المالي، حيث تمت مناقشة كتاب “Smart Money” الذي يحذر من أن “الحرب الباردة الرقمية” على العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs) قد تحدد ميزان القوى المستقبلي. وأشارت إلى أن تقدم الصين في هذا المجال يهدد هيمنة الدولار، بينما يتخلف الغرب عن الركب.
واستعرضت النشرة المستقبل العسكري في عصر الذكاء الاصطناعي من خلال كتاب “AI, Automation, and War” لأنتوني كينغ، الذي قدم رؤية ناقضة للتصورات المثالية عن الذكاء الاصطناعي، مؤكداً أنه لن يحل محل الحكم الاستراتيجي البشري، بل سيعززه من خلال معالجة البيانات، مما يخلق “مجمعاً عسكرياً – تكنولوجياً” جديداً.
وحول أزمات الديمقراطية والثقة، تطرقت النشرة إلى كتابين أوروبيين؛ الأول “من يصنع الرأي؟” لأنطوان بريستييل، الذي يحلل كيف أدت منصات التواصل و”الترفيه الإخباري” إلى تآكل الخطاب العقلاني وتعزيز الاستقطاب. والثاني “الدولة تسير مباشرة نحو الحائط” لآن-لور ديات، الذي يناقش أزمة ثقة المواطن في الدولة نتيجة تحولها من فاعل اجتماعي إلى كيان تقني يخدم السوق.
وأوضح الدكتور وائل صالح أن هذا التلاقي في هذه النشرة بين الاقتصاد، والسياسة، والتكنولوجيا، والهوية، يكشف أن الفهم العميق لتحولات العالم لا يمكن أن يتمّ من خلال زاوية واحدة، فالمعارف أصبحت متداخلة، والتحديات متشابكة، ما يستدعي رصداً منهجياً يعبر التخصصات، ويواكب الإنتاج الفكري العالمي في لحظته، ويفكك رموزه لتقديمه في صورة قابلة للتداول والتحليل.
وشمل العدد رؤى إقليمية ومستقبلية وتحليلات لجغرافيا السياسة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ عبر كتاب أميتاف أتشاريا، الذي يحذر من تهميش هوية دول جنوب شرق آسيا، ورؤية إصلاحية شاملة للسودان في كتاب “السودان: رؤية للمستقبل”، الذي يؤكد أن السلام والمصالحة هما أساس أي إصلاح.
واختتمت النشرة بتأكيد أن متابعة هذا الإنتاج المعرفي العالمي ليست مهمة هامشية، بل هي ركيزة للسيادة الفكرية ومدخل أساسي لفهم التحديات القادمة وبناء سياسات أكثر استباقية. وأكدت أن المعرفة، حين تُرصد وتُحلل، تصبح قوة.