فيلم خورفكان ورسالة لتمكين الذات

بقلم / د. فاطمة محمد خميس

الفيلم السينمائي التاريخي “خورفكان” هو من تأليف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة والذي يروي فيه جانبا من تاريخ الغزو البرتغالي لخورفكان في القرن الـ 16 الميلادي. وتمت عروضه الأولى من خلال تدشين مدرج خورفكان في ديسمبر 2020 مما أضاف ألقاً خاصا لانطلاقة الفيلم. ولا شك أن لموقع المدرج المطل على شاطئ خورفكان – المحطة الأولى لملحمة الغزو البرتغالي عام 1507 – تأثيره الخاص في تأصيل رسالة سموه من خلال الفيلم وهي تعزيز دور خورفكان التاريخي خاصةً في مقاومة الغزو البرتغالي. ولا يخفى التوجيه القيادي في رسالته حفظه الله فزيارة الماضي جزء لا يتجزأ من تحفيز الحاضر وتطوير المستقبل.
ومن الرمزيات الملفتة تلك التي تحملها المشاهد الأولى للفيلم حين تأتي نذر الغزو من تجاه البحر وهو المرتبط في أذهان سكان خورفكان بالسكينة والرزق والخير لترصد الكاميرا تحول هذه الصورة الذهنية الآمنة إلى مشاعر توجس وحيرة وخوف. ويعبر أحد السكان عن تلك الحيرة بالإشارة إلى الجدار الذي يحيط بقريتهم من جهة الجبل وكيف أنهم توقعوا الخطر منه لا من الواجهة البحرية المفتوحة لقريتهم. ولعل البعد الخفي لهذه الرمزية تكمن في معرفة الذات من خلال “الآخر” فالبرتغاليون وجدوا في البحر مصدر قوة للحركة والوصول إلى شعوب أخرى بقصد الهيمنة وبسط النفوذ. بمعنى أن مثل هذه المقارنات تهدي إلى معرفة أعمق بالقيم والمعتقدات الشخصية نشأة وتأثيراً وهي معرفة تمكن المرء من مراجعة سلوكياته وعلاقاته مع الآخرين. وعلى ضوء هذا تروج بعض توجهات القيادة الحديثة فكرة أن القيادة ليست فقط عملية خارجية تجاه الآخرين وأننا نستطيع – لا بل – نحن نقود أنفسنا باستمرار.
ومن التنظيرات المبدعة في هذا المجال ما تقرره البروفيسورة تنيكيه وولفرز في نموذجها حول تطوير القيادة الذاتية المؤصلة عبر رحلة معرفة النفس وتصور ثلاثة أنفس هي نفس الماضي ونفس الحاضر والنفس الممكنة للمستقبل. ومن ثم تحث على مراجعة الفرد لما تسميه فصول الحياة لتحديد ومراجعة قيمه ومعتقداته ومشاعره ليتمكن بالتالي من صياغة هوية داخلية واضحة وتطوير سلوك إيجابي ومثمر. ويتضمن الفيلم رمزيات أخرى كثيرة لتمكين هذه الصياغة منها ما كان في خاتمة الفيلم من تردد سكان خورفكان – ثم إعراضهم – عن معاملة أسرى البرتغاليين بمثل الوحشية التي عاملوهم بها حين هجومهم الأول على القرية.