التعامل مع البدانة كمرض مزمن يساهم في التخلص من الإحراج ويخفف الأعباء الاقتصادية
بقلم : مادس لارسن-نائب الرئيس والمدير العام لشركة نوفو نورديسك في الإمارات
تفاقمت مشكلة البدانة في عصرنا الحالي حتى بلغت مستوياتٍ وبائية، وأصبح من الضروري القيام بخطوات جدية وفورية لمعالجتها. وتشير الإحصائيات إلى وجود أكثر من 650 مليون شخص في العالم يعانون من البدانة حالياً، وقد تضاعف عدد المصابين بالبدانة ثلاثة أضعاف تقريباً منذ عام 1975. وتثقل هذه المشكلة الصحية كاهل الاقتصاد بضغوطاتٍ واضحة، حيث تبلغ التكلفة الإجمالية للخدمات الصحية حول العالم نتيجة ارتفاع مؤشر كتلة الجسم 990 مليار دولار أمريكي سنويّاً، وهذا ما يعادل أكثر من 13% من إجمالي قيمة نفقات الرعاية الصحية.
وتشير بيانات منظمة الصحّة العالمية إلى أن 34.5% من سكان الإمارات العربية المتحدة يعانون من البدانة، و70.6% يعانون من زيادة الوزن. وتفرض البدانة الكثير من الأعباء على الأفراد والعائلات وأنظمة الرعاية الصحية، كما تحتل المرتبة الثانية بعد الاكتئاب من حيث تكلفتها بالنسبة لأصحاب الشركات. وتتطلب أسلوب علاج يستمر مدى الحياة بوصفها حالة مزمنة.
وفي إطار التزامنا بالحدّ من انتشار هذه الحالة، نبذل كافة الجهود الممكنة لتحسين حياة مرضى البدانة، وتغيير رؤية العالم للبدانة وأسلوب علاجها. وندرك وجود حاجة ملحة لتغيير المفهوم المرتبط بالبدانة وضرورة التعامل معها كحالة يمكن علاجها والاعتراف بها كمرض من قبل العديد من المنظمات الطبية. وعلى الرغم من ذلك، نعاني من قلة الموارد المطلوبة لتثقيف المرضى وعائلاتهم والمجتمع الطبي ككل.
وليس بالضرورة أن تكون البدانة نتيجة لأسلوب حياة المريض. وترتبط البدانة بأكثر من 50 مرض خطير مثل أمراض القلب والسكري والسرطان، وتتأثر بالعوامل الوراثية والنفسية والبيئية والهرمونات والنشاط البدني. كما تفرض الحالات المرتبطة بالسمنة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية ضغطاً هائلاً على المجتمع والاقتصاد ككل. وتشير الدراسات إلى أن 40% من إجمالي حالات الإصابة بالسرطان مرتبطة بالبدانة. وبالنظر إلى هذا المستوى من تداخل الاضطرابات الصحية، يتطلب علاج البدانة اتباع نهج شامل ومخصص يتضمن تعديلات في أسلوب الحياة وطريقة العلاج التي تستهدف أيضاً عوامل الخطر الفردية والمضاعفات.
لتسليط الضوء على الثغرات، أشارت الدراسة دولية (ACTION IO) التي أجرتها نوفو نورديسك إلى الحاجة إلى المزيد من التواصل مع المرضى وإظهار التعاطف للمساهمة في تغيير الطريقة التي يعتمدها اختصاصيو الرعاية الصحية في إدارة وعلاج ودعم المرضى، أثناء دراسة العوائق التي تحول دون علاج البدانة في 11 دولة حول العالم بما فيها الإمارات العربية المتحدة.
أشارت الدراسة إلى أن 68% ممن يعانون من البدانة يفضلون الحديث مع أخصائي الرعاية الصحية حول زيادة الوزن، ويستغرق الحديث عن هذه الحالة لأول مرة مع الأخصائيين التطرق إلى معاناةٍ تمد لست سنوات كمعدل وسطي. وينبغي على قطاع الرعاية الصحية معالجة هذا الاختلال من خلال العمل على ترسيخ مفهوم علاج البدانة كأي مرض مزمن آخر.
وفي إطار تلبية الاحتياجات الكبيرة التي يتطلبها علاج البدانة وتغيير المفاهيم المرتبطة بها، نعمل مع شركائنا لنشر مفاهيم التعاطف والاحترام في التعامل مع المصابين بالبدانة والاعتراف بها كمرض مزمن. وبفضل تاريخنا الحافل بقيادة التغيير مع خبرة تمتد لأكثر من 20 عاماً من البحث العلمي في البدانة، نعمل على تطوير الجيل القادم من علاجات السمنة المبتكرة بالإضافة إلي فئات علاجية جديدة مازالت في مرحلة التجارب السريرية و يشمل ذلك العلاجات المركبة.
ومن جهةٍ أخرى، ندرك أهمية إحداث تغيير نوعي في المجتمع لتحسين أساليب الرعاية الصحية لمرضى البدانة، بدءاً من تجاوز الإحراج الذي يشعر به المرضى إلى وضع السياسات الصحيحة وتحديد مبادئ توجيهية مشتركة يمكن اعتمادها من قبل جميع الجهات المعنية في مجال الرعاية الصحية. كما يرتبط إحداث هذا التغيير أيضاً بمعالجة الأولويات العاجلة، فعلى سبيل المثال نسعى إلى تحسين الرعاية الصحية لمرضى البدانة من خلال تعريفهم بتبعات الإصابة بكوفيد-19. ونؤكد على التزامنا طويل الأمد بتغيير وتحسين حياة مرضى البدانة، بما في ذلك أساليب العلاج المتقدمة والوقاية والتثقيف ودعم المرضى، إلى جانب تسهيل الحصول على الرعاية الصحية.