الشاعر الراحل علي بن رحمه الشامسي ..قرض الشعر منذ الطفولة وتربى في بيئة شعرية خصبة
بقلم /أنور بن حمدان الزعابي ــ كاتب وشاعر إماراتي
الشعر الشعبي عطاء أدبي يزخر بالقصائد الشعرية النقية وهو لسان الشعور والأحاسيس الصادقة والمشاعر الدافئة وهناك العديد من الشعراء الكبار الذين خاضوا وأبحروا في بحوره الواسعة يلتقطون من نقائه ودرره .
ومن هؤلاء الشاعر علي بن رحمه الشامسي “أبو سالم”رحمه الله الذي يعد من شعراء الرعيل الأول الذين أثروا الإمارات بالعطاء الأدبي المتواصل في فنون الشعر ومساجلاته الهادفة وكذلك فإن شاعرنا يولي اهتماماً متواصلاً بالشعراء الشباب ، وهناك الكثير منهم يستشيره في هذا المجال الأدبي الواسع.
الشاعر الراحل علي بن رحمه الشامسي ..شاعر عرف برهافة وطيب المشاعر ورقي الذائقة الشعرية فكان معلماً وملهماً للشعراء وللقاصة وللرواة لما كان يمتكله من روح الإبداع والإسقاط الفني والشعري والفكري على أشعاره الجميلة المختارة من روحه المتقدة والمتوهجة والمتأثرة بجماليات الكون .
وعاصر العديد من الشعراء المشهورين أمثال راشد بن سالم الخضر، وحمد بن سوقات، وحميد بن سليمان، وراشد بن ثاني، وحمد بوشهاب، وراشد المخيمري، وسالم الجمري، وربيع بن ياقوت، ومحمد الكوس، وراشد بن طنّاف، وغيرهم، وصدر ديوانه الأول في السبعينيات.
وشاعرنا أبو سالم من مواليد الحمرية بالشارقة عام 1930 وتوفى في العام 2006 عن عمر ناهز ستة وسبعين عاماً، وقرض الشعر وهو صغير منذ كان في الثانية عشر من عمره . وكان لنا في العام 1992 لقاء وحواراً صحفياً مع الشاعر الشعبي المعروف علي بن رحمه الشامسي (أبو سالم) ،رحمه الله تعالى رحمة واسعة ونعيد هذا الحوار لنلقي الضوء على مسيرة شاعرنا الأدبية.
• كيف كانت قصة الشعر في حياة الشاعر علي بن رحمه الشامسي ؟
أنا من هواه الشعر وخلال طفولتي تربيت في بيئة شعرية وعايشت الكثير من الشعراء الكبار وهوايتي كانت ارتياد المجالس وسماع الشعراء الغناء البدوي مثل الشلات وغيرها ومن خلال هذا التواصل تولدت في ذاتي رغبة حقيقية لكتابة الشعر والتغني به وكنا في تلك السنوات القديمة نخرج في رحلات البحر ولنا فيه الكثير من الذكريات إضافة إلى رحلات البر والقنص وكان هذا في الأربعينات وبدأت أتأثر بمن حولي من الشعراء كتبت بعض قصائدي في الغزل وكان لمجالس الأباء والأجداد قديماً دوراً بارزاً في بروز المواهب الشعرية المبدعة.
حيث كانت تنتشر الجلسات الليلية تحت ضوء القمر وكان الشاعر ينتقل من بلد إلى آخر وتتنوع وفادة الشعراء إلى هذه المجالس بتنوع مواهبهم فمنهم من يجيد الغزل وآخر المدح وآخرالهجاء وآخرون يتحاورون فيما بينهم ،أضف إلى ذلك الجلسات الغنائية مثل الونه وحفلات الأفراح التي تقام فيها الرزفة وقد برز شعراء قدماء كبار أمثال الشاعر خليفة بن جمعة ،والشاعر أبو عويا وهناك الشاعر عبيد بن زعيل والشاعر الخضر إضافة إلى شعراء جيلي الشاعر المرحوم سالم الجمرى والشاعر أحمد الهاملي وغيرهم.
• متى اتجه الشاعر علي بن رحمه الشامسي نحو كتابة القصائد المغناة ؟
حقيقة أن أول من شدى بقصائدي هو فنان قديم يدعى رحمه الزواوي وكانت بدايتي معه ثم غنّى لي الفنان القدير حارب حسن مجموعة من القصائد القديمة وكذلك غنى لي الفنان محمد النعيمي والفنان ميحد حمد وكذلك الفنان المرحوم راشد الصوري كما أن بعض قصائدي غنيت على أسطوانات قديمة وأنا أدفع الفنانين إلى الأفضل حتى يتميزوا بنتاجاتهم الفنية.
• متى كانت أول مشاركة لك في برنامج مجالس الشعراء؟
إن أول مشاركة لي في برنامج مجالس الشعراء كانت في عام 1968 وقد قدم البرنامج أول مرة الشاعر حمد أبو شهاب وقام بتأسيس أول مجلس للشعراء وهذا دافع لحفظ هذا التراث الأصيل من الشعر والفنون الشعبية الأصيلة التي تنبع من البيئة الساحلية والبدوية
• ما رأيك بالشعر الشعبي القديم؟
الشعر القديم يرتكز على معنى جميل وأوصاف طيبة إذا كان مدحاً أو غزلاً أو غيره حيث أن معانيه مفعمة بالحكمة والوضوح والدلالة ذات المغزى النبيل وممزوجه بأبيات وأمثال مستمدة خبرتها من الحياة ومعانيها.أما عن شعر الشباب الحالي فهو شعر مسموع ومتعدد المستويات وقد تطورت القصيدة بتطور الحياة وإن كانت هناك بعض القصائد الشعرية ذات الصبغة الحديثة أو استطيع أن اسميها قصائد ذات لغة خاصة وهناك من يضع معاني غير مفهومة ومبهمة.
• ما رأيك بالشاعر الماجدي بن ظاهر؟
الشاعر الماجدي بن ظاهر من شعراء الحكمة والبلاغة وقد اشتهرت قصائده وحفظها الرواة والقصاصون حتى هذا الزمن وذلك نسبة لقوتها الشعرية وتأثيرها لدى السماع وهذا سر حفظها إلى اليوم.
• ماهو البيت الشعري الذي أعجبك؟
أقتطف بيتين من إحدى القصائد لشاعر قديم لا يحضرني اسمه حيث يقول:
حكيم وأداوي الأطبه
ولي جرح قلبي من يداويه
خلي رماني عسبه
معرفت وش دعواه برضيه
وعندما تأثرت بهذه الأبيات اسندت له هذه القصيدة قائلاً:
باني قصر في لاي حبه
وأخطف الوادي معاليه
أحب وأداوي المحبه
وخلي بكاس الود بسقيه
درب الهوى كل تعبه
وأنا شرات الصوف بطويه
وقد كثرت الردود على هذه القصيدة مما دعا الشاعر راشد بن ثاني
من إمارة عجمان بأن يرد على قصيدتي حيث يقول:
حي الصديق وحي نبه
وأنا عن البلوى بعزيه
تخات في فن وحسبه
وكل قلب متعلل أداويه
أعالج أعواق المحبه
وأداوي قليبك وأسليه
* متى بدأت تتغنى بالشعر وخاصة بعد أن سمعناك في التلفزيون والإذاعة؟
أول ما بدأت في غناء الشعر كان منذ فترة الصبا وتغنيت بإحدى قصائدي المشهورة وكنت أعتمد على عدة ألحان في القصائد وأجمل بيت مغنى من الشعر أردده دائماً هو من إحدى قصائدي القديمة حيث أقول :
لي وليف عني اتكبر
ان زقرته غمض بعينه
طول ليلي بايت أتفكر
في العهد لي بيني وبينه
لو عليه شان وأتنكر
زينة يغطي على شينه
وأما عن أجمل بيت من الشعر الحالي أردده دائماً هو :
إذا مريت صوب دار الأول
أشوف الدار تذريها الذواري
* لماذا قصائدك تتميز بسهولة الحفظ ؟
أولاً أود أن أقول أن الشعر للحفظ والتداول وأنا أحاول دائماً أن أدع القصيدة سهلة المعاني فصيحة البيان وذات لهجة بسيطة غير معقدة وسلسة في المعاني حتى هذه الدرجة من البساطة حتى تصل إلى قلب المستمع.
• لك ديوان مطبوع ؟
لي ديوان شعر أصدرته وزارة الإعلام والثقافة منذ فترة طويلة ولي فيه العديد من القصائد ذات المناجاة والوجدانيات الأصيلة وأنا بصدد إصدار ديوان شعر آخر.
*للشاعر علي بن رحمه الشامسي رحمه الله تعالى عدة دواوين شعرية شهيرة
حيث اهتم الشاعر علي ابن رحمه الشامسي بتدوين قصائده، وصدر له في حياته ديوانان كان الأول في فترة الثمانينات عن وزارة الإعلام والثقافة وحمل اسم (ديوان الشاعر علي بن رحمه الشامسي) جمع وشرح: فالح حنظل وضم خمساً وعشرين قصيدة، أما الديوان الثاني صدر في عام 1995م واسمه (غناتي) وضم تسعة وخمسين قصيدة ،وديوان (نسيم الخليج) عن نادي تراث الإمارات بإشراف د .راشد المزروعي.
الشاعر علي بن رحمه الشامسي رحمه الله كان نموذجاً يعكس التلازم بين ما يعيشه وما يكتبه يقارب الأشياء بشكل روحاني.. لم يبخل بالنصيحة ومساعدة الشعراء بالمشاركة في برامجه الشعرية،وتغنى الفنان ميحد محمد بقصائد الشاعر بن ارحمه مثل: (يوم أمر واطالع دياره)، (ويا قمر سود الليالي)،و(احبك انظر عيني غناتي)، (وإذا مريت صوب الدار الأول)، (يابوخدود إنعام).
أول مسيرته الإعلامية كانت مشاركته في تأسيس برنامج مجلس الشعراء
من تلفزيون دبي في آخر الستينات مع شاعر الإمارات المرحوم حمد خليفة بوشهاب رحمه الله وكان المجلس يضم عدداً كبيراً من أشهر الشعراء في الإمارات كالخضر، والجمري، وبن سوقات، وابن ياقوت والكوس وغيرهم، كما شارك بن رحمة في إعداد وتقديم العديد من البرامج الإذاعية المختصة بالتراث والشعر الشعبي، وعمل مقدماً في عدد منها وحل ضيفاً على عدد آخر منها في الإذاعة والتلفزيون.