واشنطن-(د ب أ):
قبل أيام قلائل من تنصيب إدارة أمريكية جديدة ربما تتبنى جدول أعمال يختلف عن نهج الإدارة السابقة لها، سيظل هناك ترقب لخيوط السياسة الخارجية التي سيتم انتهاجها لاستخلاص الخطوط العريضة بشأن تعاملها مع ملفات صعبة ومتشعبة لاسيما ما يتعلق بالملف الإيراني والتعامل مع الصين.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي والباحث البريطاني كون كوفلن، أحد كبار زملاء معهد جيتستون الأمريكي، ومحلل الشؤون الدفاعية بصحيفة ديلي تليجراف إن الكشف عن أن حزب الله ضاعف ترسانة الصواريخ المتقدمة الموجهة لإسرائيل، على مدار العام الماضي هو تذكير في الوقت المناسب بأن إيران، إلى جانب الوكلاء العديدين الذين تدعمهم في جميع أنحاء الشرق الأوسط ، تعد بتقديم أكبر التحديات الحرجة للسياسة الخارجية لإدارة الرئيس الأمريكي المقبل جو بايدن في 2021.
وأوضح كوفلن في تقرير نشره معهد حيتستون الأمريكي أنه في كثير من النواحي، فيما يتعلق بملالي إيران، كان 2020 عاما سيئا. فقد بدأ العام بالنسبة لهم، بداية غير مواتية عندما نجحت إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب في تنفيذ اغتيال قاسم سليماني، القائد البارز لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي الإيراني، وهو الرجل الذي كان مسؤولا بشكل أساسي عن نشر نفوذ إيران الشرير في أنحاء المنطقة، بصفته أحد المقربين الموثوقين للمرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي.
وقال إنه علاوة على ذلك، فقد سلب نظام العقوبات الذي فرضته إدارة ترامب، الاقتصاد الإيراني قوته، حيث نفذ ترامب ذلك النظام بعد الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، بدعوى أنه كان سوف يسمح لطهران في النهاية بامتلاك أسلحة نووية. ونتيجة لذلك ، فقد الريال، وهو العملة الإيرانية ، أكثر من نصف قيمته، في حين أن التضخم والبطالة تجاوزا حد 20%.
كما واجه الملالي أيضا انتقادات داخلية شديدة بشأن طريقة تعاملهم مع جائحة فيروس كورونا، حيث تواجه الحكومة اتهامات بأنها كان بطيئة للغاية في الاستجابة للتحدي الذي تمثله ةجائحة “كوفيد 19″، وأنها سعت عمدا للتستر على عدد الوفيات الحقيقي.
ويقول كوفلن إنه من الواضح أن حكام إيران في أمّس الحاجة إلى بعض الأخبار الجيدة التي يمكنهم نقلها إلى ناخبيهم المتشككين، مع قرب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في حزيران/يونيو المقبل.
وتابع أنه لذلك، فإن إعلان حسن نصر الله، أمين عام جماعة حزب الله التابعة لإيران في لبنان، أن الحركة قد حققت رغم كل الانتكاسات التي عانت منها طهران خلال العام الماضي ، زيادة كبيرة في عدد الصواريخ الموجهة لإسرائيل سيكون أمر مبهجا لرجال الدين في إيران وهم يسعون لتقديم سجلهم في ضوء من الإيجابية قبل الانتخابات.
وقال نصر الله ، الذي أعلن عن ذلك خلال مقابلة استمرت أربع ساعات في محطة تلفزيونية لبنانية موالية للحركة في وقت سابق من هذا الأسبوع، إن الصواريخ الدقيقة إيرانية الصنع قادرة الآن على إصابة أهداف في أي مكان في إسرائيل، وكذلك في الضفة الغربية وغزة.
وأوضح كوفلن أن إعلان حزب الله، إن صح، يشكل تصعيدا خطيرا في قدرة إيران على مهاجمة إسرائيل، خاصة أن من المفهوم أن الحرس الثوري الإيراني نشر أسلحة مماثلة في قواعد أقيمت حديثا في سورية وتقع بالقرب من الحدود الإسرائيلية.
وأشار إلى أنه حتى لو اتضح أن نصر الله يسعى من خلال هذا الادعاء إلى تعزيز مكانة حزب الله في لبنان بعد الانتقادات التي تلقتها الحركة بشأن انفجار مرفأ بيروت في آب/أغسطس، فمن غير المرجح أن تتسامح إسرائيل مع وجود مثل هذه الأسلحة القوية القريبة للغاية من حدودها.
وتصاعدت حدة التوترات بالفعل بين إيران وإسرائيل بعد تقارير في وقت سابق من هذا الأسبوع تفيد بأن الأخيرة تنشر إحدى غواصاتها في الخليج العربي، وهي خطوة أثارت رد فعل غاضب من أبو الفضل عموئي، المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني ، الذي وصف الخطوة الإسرائيلية بـ “العمل العدواني” ، وحذر من أن إيران تحتفظ بحق الرد.
وبينما ينظر العديد من المراقبين العسكريين إلى الخطوة الإسرائيلية ، التي يتم اتخاذها بالتزامن مع زيادة في النشاط البحري الأمريكي في الخليج ، كإجراء احترازي بحت مع اقتراب إدارة ترامب من نهايتها، لا يمكن مطلقا استبعاد الأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران. ، وهو احتمال من الأفضل أن تتعامل معه إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن عندما تدرس خيارات سياسته الخارجية.
وثمة توقع كبير بين العديد من خصوم واشنطن من أن تنصيب بايدن سيؤدي إلى تبني الرئيس الجديد لهجة أقل تصادمية مع العالم الخارجي مقارنة بسلفه ترامب.
ويأمل حكام الصين الشيوعيون، على سبيل المثال، في انخراط بايدن في نوع من الصفقات التجارية التي لا معنى لها والمحبوبة للغاية من جانب سلفه الديمقراطي باراك أوباما.
وهذه هي الصفقات التجارية التي توافق فيها واشنطن على تحسين العلاقات التجارية مع بكين على أساس أن الصين تعالج العلاقة التجارية غير العادلة بين البلدين، مع علمها جيدا بأن الحكام الشيوعيين في الصين ليس لديهم أي نية على الإطلاق للوفاء بغايتهم من المساومة.
وهناك أيضا مشاعر مماثلة بالتفاؤل في طهران ، حيث يأمل رجال الدين بشدة أن يفي بايدن بوعده بالعودة إلى الاتفاق النووي ورفع العقوبات، وبالتالي تخفيف الصعوبات الاقتصادية عن إيران وتمكين قدرتها النووية.
وقبل اتخاذ أي خطوة قد يندم بايدن عليها لاحقا، فإنه يحتاج إلى التفكير مليا وبجد في الانعكاسات المحتملة لمحاولة تحسين العلاقات مع طهران.
وكما أظهرت إيران باستمرار منذ توقيع الاتفاق النووي لعام 2015 مع إدارة أوباما ، فإن الهدف الأساسي لطهران هو أن تصبح القوة المهيمنة في الشرق الأوسط، وليس التعايش السلمي مع دول أخرى في المنطقة.