بقلم /أنور بن حمدان الزعابي ــ كاتب وشاعر إماراتي
الباحث عبيد راشد بن صندل آل علي أحد رواد المسيرة والعمل والكفاح والاعتماد على النفس وتحمل المشاق والصبر والجلد .فهو أحد المؤسسين للحركة الثقافية في البلاد من خلال عمله في المسارح المحلية وانخراطه في التأليف والإخراجوالتمثيل.
كما يعد أحد شعراء الشعر الشعبي والحفاظ للموروثات الشعبية ويعد أحد المحافظين كذلك على الألعاب الشعبية والفلكلور الشعبي.
ويمتلك تجارب وخبرة في تعليم الجيل الحالي والسابق لهذه الألعاب الشعبية التراثية.
ولد الباحث عبيد بن صندل في بداية الأربعينات من القرن الماضي وعاش في طفولته بين إمارة أم القيوين مسقط رأس والده وإقامته هناك وبين منطقة شرق بالشارقة حيث عائلة والدته .
يقول: كانت الظروف الاقتصادية صعبة وعسيرة ومريرة ولم يكن أمام الناس عمل سوى الزراعة البسيطة أو ركوب البحر في هذه المرحلة كنت قد تعلمت النحو والفقه والقرآن على شيوخ أجلاء أذكر منهم الشيخ محمد بن عون والشيخ عبدالله بن علي القيواني،ومع عودة والدي إلى منطقة شرق بالشارقة افتتحت مدرسة بمساعدة شقيقتي وتولينا الاثنان تعليم أولاد الفريج اللغة العربية والحساب والقرآن وما أذكره من تلك السنوات الأولى من الطفولة أننا كنا نصحو قبل شروق الشمس ونتسابق نحن الصغار على جمع التمر المتساقط أسفل النخيل.
الغربة في الكويت
يقول السيد عبيد بن صندل توجهت في رحلة البحث عن العمل في الكويت وكنت في بداية صباي وعملت لدى أحد التجار كصبي للبيت ولكنني لم أطق هذا العمل وهربت ووجدت عملاً كمساعد للنجار في منجرة تابعة لوزارة الأشغال في الكويت وكنت أعمل في الصباح وأدرس في المساء وكانت تجربة قاسية ومريرة.
العودة الى أرض الوطن
عدت للوطن وقد اكتسبت تجارب حياتية وعملية كبيرة فاتجهت للعمل
بعد العودة من الكويت، والتحقت عام 1961 ببلدية الشارقة وكانت في بدايات تأسيسها، وعملت في وظيفة تحصيل رسوم من الباعة في بلدية الشارقة، كنت أتقاضى أربعمئة روبية في ذلك الوقت،لكنني لم أكتف بالعمل لدى البلدية بل قمت بعمل آخر وهو توصيل المهندس إلى بيته في دبي وإحضاره في الصباح الباكر إلى مكان عمله في بلدية الشارقة، ووجدت أن هذا العمل الإضافي البسيط لن يفي كثيراً بمتطلبات العيش، فانخرطت في العمل الجمركي البري وكنت أفتّش البضائع الآتية من إمارة دبي.
عمل اضافي شاق
كنت أعمل من الساعة السابعة والنصف صباحاً وحتى الثانية ظهراً في بلدية الشارقة، ثم أتجه إلى نقطة الجمارك وأظل فيها حتى الساعة السادسة والنصف مساء مقابل راتب قدره أربعمئة روبية أخرى تضاف إلى راتبي الشهري، ثم أنهي يومي بقطع التذاكر في سينما هارون مقابل مئتي روبية في الشهر، هكذا كان يومي من بدايته إلى نهايته محصوراً في العمل ولا شيء سواه، إلى أن استطعت ادخار مبلغ لا بأس به لأكون أسرة صغيرة فتزوجت بنت خالتي في عام 1963.ورزقنا الله بالبنين والبنات .وكان للأهل والأقارب دورا كبيراً في العرس والفرح الذي تقاطر إليه أهل الحي والمعارف والأصدقاء والأقارب.
العمل الثقافي
مارس الاستاذ عبيد بن صندل أعماله المسرحية والثقافية، وقام مع بعض الأصدقاء بتأسيس النادي الشرقي، ليقدم من خلاله بعض الأنشطة المسرحية وعدد من التمثيليات، إلى أن التحق بالعمل في وزارة الشباب في عام 1975 ليساهم في تقديم الكثير من الأعمال المسرحية على خشبة المسرح القومي، وكانت أول مسرحية قدمها بعنوان «غلطة أبو أحمد» التي عرضت أيضاً في ليبيا، وبقية الاستاذ عبيد بن صندل في عمله في وزارة الشباب حتى العام 2002 بعد أن وصل إلى منصب رئيس قسم المسارح في الوزارة، بعد مسيرة وخبرة عملية كبيرة.
البحث في التراث والأدب الشعبي
أن الباحث عبيد راشد بن صندل يؤكد يوماً بعد يوم بأنه كنزاً للمعلومات التراثية للأمثال والحكم التاريخية والقصائد الشعرية ،ويعكف الأستاذ عبيد بن صندل دائماً في البحث والتحري عن التراث والأدب الشعري في الإمارات ،وآلف كتابين بجهود مضنية أحدهما عن الأمثال والحكم والألغاز الشعبية في الإمارات ويعدان مرجعاً للآداب والتراث الشعبي.
والأستاذ عبيد بن صندل شاعراً وباحثاً ومؤلفاً في التراث والأدب الشعبي وله حضوره البارز في جميع وسائل الإعلام وقدم العديد من البرامج الشعبية والتراثية مثل برنامج كنوز من التراث الذي يعرض الفنون والحكم والأمثال التراثية.
يقول: ألفت إصداراً عن الألعاب والأهازيج الشعبية والذي أهدف من خلاله إلى تعريف الجيل الجديد على الألعاب والأهازيج القديمة التي كان يستخدمها الأطفال وهو تراث الآباء والأجداد في طفولتهم حيث الطبيعة والفطرة والبراءة الخالية من كل عقد وتكلف.
كذلك لي إصدار (الضو آخر) وهو كتاب عن الأمثال والألغاز الشعبية أقدم فيه الأمثال والألغاز الشعبية المتداولة بين شعب الإمارات خاصة وشعوب الأمة العربية عامة .فالإمارات أصالة حضارية عريقة تربط أبنائها من حيث العادات والتقاليد واللغة والدين والتاريخ المشترك بالإضافة للروابط بين أهل الحضر وأهل البادية.
* وماذا عن السلوكيات والمسميات الشعبية في مجتمع الإمارات ؟
قال الأستاذ عبيد بن صندل :الحقيقة أن هناك العديد السلوكيات والمسميات الشعبية في الامارات وميادينها عديدة وكثيرة وأقول لك عن بعضها مثلاً هناك من يقول تستاهل الناموس ومعناها تهنئة لشخص ما على الفوز في السباقات کالهجن والخيل وهي دليل على الفرح والغبطة والسرور . كذلك هناك كلمة هودو معناها الاستئذان خصوصاً عند الرجال لدخول أي بيت ولو تربطه بأصحابه قرابة ويكون الرد كلمة هدي خصوصاً إذا كان الشخص معروفاً لدى أهل البيت كذلك هناك كلمة الشيمة وهي التلطف بأي شخص فيقول له الشيمة أي ساعدني وأجرني
وهناك كلمة العصيران وهي فترة العصر الواقعة بين العصر والمغرب وهناك الكثير من المعاني والأمثال الأخرى الداخلة في سلوكيات وعادات أبناء الإمارات.
* وماذا عن الألغاز؟
رد:كانت وسيلة ترفيهية ثقافية بين الناس وخاصة الشعراء منهم وتقال في الجلسات والتجمعات فهناك لغزاً يقول : طير طار في البحار لاله ريش ولامنقار والاجابة هي « زبد البحر »
* وماذا تقول عن الألعاب الشعبية؟
أجاب: هي ألعاب ابتكارية وكانت تعتمد على الشرف والأمانة وحسن النية من الترويح عن النفس وقضاء وقت الفراغ وتعتبر الألعاب الشعبية ألعاب المتعة والبهجة وهي تعبر عن الروح والأحاسيس المختلفة وهذه الألعاب عديدة الأشكال والمسميات وتختلف من منطقة إلى أخرى فمثلاً الألعاب في البادية تختلف عن ألعاب أهل المدن والحضر وهذه الألعاب تنمي القوة البنيوية لجسم الإنسان وتنمي روح الرجولة والجلد وتحمل الصعاب وتنمي لدى الطفل ملكة الاعتماد على النفس لتشكيل ألعابه فتراه يبحث ويفتش حتى يحقق مايصبوا إليه من حلم في إنجاز لعبته أما اليوم في هذا العصر فإنك ترى الألعاب المتنوعة على اختلاف أشكالها وأنواعها تملأ المحلات التجارية ولاتحتاج لجهد أو عناء سوی اللمس.
* وماذا عن الأهازيج التراثية القديمة ؟
قال:هي عديدة ومتنوعة فمثلاً عند الأعراس في البادية يردد الفتية مقلدين الكبار :
موز على العضد
عروق زاخر
ولاياه السهامي
شفة النفس معتوقة
الين يرجع بسلامي
مركب الاسات مايانا
لي عليه الوصف يطرونه
يالخضر حبك تبلانا
ما جفانا الغدر من دونه
*وعن النخلة والرطب كذلك أهزوجة جميلة تقول:
يا ليت عندي نخل
تسقى بغرّافه
والقيظ لي من هدن
واحْمرّت أطرافه
ناكل أخْيار الرطب
جارين باْطرافه…
* ماهي أهم المصادر التي تستقي منها هذه المعلومات التراثية ؟
أهم المصادر والمراجع هي ذكريات الزمن والممارسة الشخصية والأحاديث مع كبار السن من أبائنا كذلك هناك بعض المؤلفات والطبعات المحلية والخليجية وخاصة إصدار من مركز التراث الشعبي لدول الخليج في قطر.
*مُؤَلَّفَاتِه فِي الْتُّرَاث الْشَّعْبِي:
1. كِتَاب الْأَلْعَاب وَالْأَهَازِيْج الْشَّعْبِيَّة فِي دَوْلَة الْإِمَارِات
2. كِتَاب الْأَمْثَال وَالْأَلْغَاز الْشَّعْبِيَّة فِي دَوْلَة الْإِمَارِات
3. كِتَاب مَلَامِح مَن الْتُّرَاث قَبْل الْنَّفْط
4. كِتَاب فُنُوْن الْبَادِيَة وَالْحَضَر فِي الْعَمَل الفَلكُلّوْري وَالْشَّعْبِي.
تعليقات الصور:
1-
2-
4-