دبي-سمير السعدي:
قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز في سورة النحل “وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون.. ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لأية لقوم يتفكرون”.. يخرج من بطون النحل العسل الذي تتعدد أنواعه وألوانه من مكان لآخر.. وثبت وتبين أن أشهره هو العسل اليمني الذي تتعدد أنواعه أيضاً.
اهتم اليمنيون بتربية النحل وإنتاج العسل منذ القدم ووصفت اليمن قبل ثلاثة آلاف عام بأنها موطن الطيوب والعسل.. وعرف العسل اليمني بأنه عالي الجودة عالمياً إضافة إلى أسعاره الباهظة والمرتفعة جدا.. حيت جاء في دراسة المنظمة العربية للتنمية الزراعية عن معطيات الأغذية والزراعة الدولية إلى إن متوسط سعر تصدير كيلو جرام العسل الطبيعي على نطاق التجارة الدولية يعادل 1.03 دولار في حين أن العسل اليمني وخاصة السدر الخالص تم تصديره بواقع 68.39 دولار للكيلو جرام الواحد.. كما يُعتبر العسل اليمني من أشهر أنواع العسل في العالم لما تمتاز به الأرض اليمنية من اختلاف في التضاريس كالجبال الشاهقة والوديان الممتدة والهضاب الواسعة والسواحل الطويلة مما أعطى اليمن مناخاً فريداً ساعد في جودة عطائه النباتي على مدار السنة الأمر الذي أدى إلى اختلاف التزهير واختلاف أنواع العسل.. ويتميز العسل اليمني عن غيره من أنواع العسل أن النحلة هي التي تبني خلايا العسل بنفسها دون تدخل الإنسان في صنعها كما هو الحال في الدول الأخرى.. وكذلك احتفاظه بخواصه الطبيعية من حبوب اللقاح وغذاء الملكات وغذاء النحل.. كل هذا جعل من العسل اليمني ذو قيمة علاجية فائقة وذو قيمة غذائية عالية وأعطته مذاقاً لذيذاً ونكهة طيبة ولوناً داكناً جميلا.ً
أنواع العسل اليمني وتفاصيلها
توجد أنواع كثيرة من العسل اليمني وأشهرها بالطبع عسل السدر ثم يأتي بعده عسل السُمر والذي يتوفر في اليمن بكميات كبيرة ويأتي بعده عسل الزهور.. وهناك أيضاً عسل سلام وعسل المراعي والعسل الجبلي وأنواع أخرى لكنها غير مشهورة كثيراً نظرا لقلة إنتاجها.. مثل عسل الصال والعمق والكلح والعسق والفتد والحبضة والضهية.. وفيما يلي نوضيح بإيجاز لأهم أنواع العسل اليمني.
عسل السدر
ويختلف باختلاف المناطق مثل منطقة دوعن حضرموت والعصيمات عمران وشبوة.. ويعتبر هذا النوع من العسل من أهم أنواع العسل اليمني الذي يحتل الأولوية من حيث الشهرة والجودة العالمية والمتميز بمذاقه اللذيذ ونكهته الطيبة ولزوجته العالية.. ويعرف في اليمن بشجر “عسل العلب” ويستخرجه النحل من زهور أشجار السدر التي تزهر في موسمين.. الموسم الرئيسي في شهر أكتوبر من كل عام.. وعسل السدر في هذه الفترة خالصاً لا يختلط به أي نوع من الأزهار مع توفر الظروف الملائمة المتمثلة في الطقس الصحو والهواء الجاف الخالي من الرطوبة.. حيث أن عسل السدر في هذه الفترة يمثل أجود أنواع العسل على الإطلاق بقيمته الغذائية والعلاجية وأسعاره عادةً ما تكون مرتفعة.. أما الموسم الثاني لعسل السدر فيبدأ في شهر يوليو من كل عام ويقع في المرتبة الثانية وجودته أقل من عسل سدر الدرجة الأولى لأنه يأتي مختلطاً بزهور أشجار أخرى متعددة لكنه لا يقل فائدةً عن نوع عسل السدر السابق.. ويستخدم عسل السدر في علاج عدد من الأمراض أهمها القرحة والربووعلاج أمراض الكبد وأمراض البرد وفقر الدم والملا ريا والتيفود والسكر والالتهابات والسرطان والضعف الجنسي .
عسل السمر
ويعرف في اليمن بإسم “الطلح” تزهر أشجاره في شهر ابريل من كل عام.. وهي أشجار شوكيه تنتشر بشكل كبير في حضرموت وشبوة ومحافظات صنعاء وإب والمحويت.. ويأتي في المرتبة الثانية بعد عسل السدر ويمتاز بمذاقه الحار ولزوجته المتوسطة ولونه الأحمر المائل إلى السواد.. وهذا النوع من العسل يستخدم في علاج أمراض كل الجهاز الهضمي وأمراض البر، وفقر الدم والملاريا والتيفود والحموضة والقرح المعدية والتهابات الجهاز التنفسي.
عسل الزهور
وهذا النوع من العسل ينتج في كثير من أيام السنة حيث أن النحل لا يعتمد في إنتاجه على شجرة معينة بل أشجار وأزهار متعددة.. لهذا سمي بعسل الزهور نسبة إلى الزهور المتنوعة التي تمثل المرعى لغذاء للنحل.. وهو عسل ذو جودة متوسطة توفره وديان المحافظات الغنية بالتنوع الحيوي النباتي التي تحظى بالنصيب الأوفر من الأمطار الموسمية مثل محافظات حضرموت وتعز والحديدة.. وعسل الزهور مقوي للذاكرة لو أستخدم لمدة شهرين متتاليين, ومفيد للأطفال ومفيد للنساء بعد الولادة.
عسل السلم
ويعرف بعسل الشوكة خفيف الكثافة يميل بلونه إلى الحمرة يستخرجه النحل من أزهار أشجار السلم التي تتواجد في منطقة تهامة على سواحل البحر الأحمر ويؤتى به من جبال محافظة المحويت المشهورة بتنوع غطائها النباتي.. وهي أشجار شبه صحراوية تزهر في شهر مارس من كل عام.. ويستخدم عسل السلم لعلاج أمراض الكبد واليرقان والضعف العام ويستخدم لعلاج مرضى السكر كبديل لتحليه الكثير من الأغذية دون أن يكون له أي تأثيرات جانبية على ارتفاع السكر في الدم لذا فإنه الغذاء المفضل والمأمون لمرضى السكر .
ألعسل الأبيض أو الجبلي
ويستخرجه النحل في موسمين الأول يأتي في شهر يوليو وأكتوبر من كل عام بعد موسمي نزول الأمطار الموسمية على اليمن التي تصادف مارس وابريل ثم أغسطس وسبتمبر من كل عام..و فوائد العسل الجبلي كثيرة إذ أنه علاجي من الدرجة الأولى لعلاج أمراض متعددة.
عسل الصال
هو الآخر أحد أنواع العسل اليمني يستخرجه النحل من أزهار أشجار الأثل معروف بطعمه اللاذع الذي يترك حرقة في الحلق تبقى بعد تناوله لساعات.
= عسل المراعي.. ينتج هذا العسل في معظم أيام السنة ويرعى النحل من أشجار وأزهار متعددة وهو عسل ذو جودة لا بأس بها ويتميز بأسعاره المناسبة
عسل المجرى
وكميات هذا النوع من العسل قليلة لأن النحل يتغذى على شجيرة المجرى البرية التي تُزهر لأسابيع فقط بعد موسم سقوط الأمطار في فصل الشتاء.. وتنمو شجيرة المجرى بالقرب من مجاري السيول في المرتفعات الجبلية ذات المناخ البارد وتشبه نبات الريحان إلا أن أوراقها أصغر قليلا وأزهارها صغيرة بيضاء اللون وكثيرة العدد.
وهنا سنختار ثلاثة عارضين بجناح اليمن والمتخصصين وذوي الخبرة والدراية في العسل اليمني ليحدثونا عن أشهر ثلاث أنواع من العسل اليمني.. وسيحدثنا كل منهم عن نوع هذه الثلاثة:
= عن عسل السدر يقول صدام ناصر الأشموري من مناحل الشفاء.. أن عسل السدر يعتبر فاكهة العسل بشكل عام لما يمتاز به من فوائد عديدة للجسم.. وله عدة مسميات منها عسل السدر, وعسل بغية, وعسل العلب.. ويقوم النحل بتكوينه خلال 40 يوما قبل قطفه.. ويعتمد على مرعى النحل من أزهار السدر التي تبدأ في الظهور في منتصف شهر سبتمبر حيث يتغذى النحل على هذه الزهور لتكوين العسل داخل الخلايا الذي يتم جمعه بعد ذلك من منتصف شهر أكتوبر إلى نهاية شهر نوفمبر.. ثم تبدأ عملية فرز الشمع والتأكد من نوعية العسل لأن النحل إذا لم تظهر زهور السدر بشكل كاف يلجأ إلى أزهار أخرى.. والنحال الذي يقوم بالفرز لديه خبرة ودراية بأنواع العسل.
= وعن عسل السمر يقول شمر الأشموري من حضرموت للعسل اليمني.. أن عسل السمر ينتج من زهور ألأشجار الشوكية التي يظهر في بداية الصيف اعتبارا من شهر مايو تقريبا.. وتعتبر القطفة الأولى النوعية الفاخرة منه وهي مناسبة تماما لمرضى السكر لأن سكره قليل.. وعند ظهور أزهار الأشجار ألأخرى مع الأشجار الشوكية تتكون القطفة الثانية.. وتعتبر القطفة الأولى والثانية هي عسل السمر أما بعد ذلك فينكون عسل آخر مثل عسل الزهور وغيره.
= وعن عسل الزهور يقول أيمن جابر سعيد من سفير للعسل اليمني.. أن عسل الزهور يتم قطفه في فصل الربيع حيث يتغذى النحل على رحيق مختلف أنواع الزهور التي تنبت وتظهر في فصل الربيع.. وأفضل أنواعه هو العسل الجبلي الذي يتغذى فيه النحل على رحيق زهور الأشجار الجبلية.. ثم الدوعني الذي ينتج في منطقة دوعن بحضرموت لأن هذا العسل يكون به نسبة من عسل السدر حيث يتغذى النحل على رحيق زهور السدر مع الأزهار الأخرى.. ويتم قطف عسل الربيع في منتصف شهر ابريل.. ويمتاز هذا العسل بأنه يستخدم لكل أفراد الأسرة بشكل عام .. ويعتبر بشكل عام صيدلية علاجية منزلية متكاملة.