مرئيات

سعيد بن سالم بن حميد العليلي يتذكر الماضي في البادية

شباب الماضي كان لكل منهم مهنته وحرفته منذ الص

بقلم /أنور بن حمدان الزعابي  ــ  كاتب وشاعر إماراتي

الحديث عن الماضي له نكهة لذيذة يشم من خلالها عبق التاريخ الذي تفوح منه ذكريات الآباء والأجداد ومعاناتهم القاسية في ذلك الماضي الجميل الذي حمل معه وفاءهم وكرمهم وإباءهم وكل الصفات الجليلة التي كانت تنبع من أعماق قلوبهم الصافية بعفوية تامة .. فهم الذين صبروا على هجير الصحراء وهم الذين صارعوا البحر وأمواجه الهائجة وهم الذي قاسوا مرارة العيش ..

وبصفائها ونقائها توحدت قلوبهم على الخير وأخذت شكلا وطابعا مميزا في الحياة الاجتماعية فتركت في ذاكرتهم فكرا أدبياً ناضجاً تشوبه سحابة من الحزن العميق على تلك الأيام والليالي التي طوتها صفحة الزمن .

لقاؤنا مع رجل حمل في جعبته الكثير والكثير عن الماضي وعلاماته التي برزت واضحة على ملامح وجهه الذي اكتسى بتجاعيد الزمان .. كان لقاء الذكريات هذا

مع السيد سعيد بن سالم بن حميد العليلي في منطقة الراعفة بأم القيوين .

حياة الماضي:

الإنسان في الماضي عاش حياة قاسية ولكنها كريمة فالرجل منا كان يقوم بإكرام الضيف لمدة تزيد على الثلاثة أيام وبعدها يسأله عن حاجته إذا كانت له حاجة .. وفي الماضي كان الناس متقاربين مع بعضهم البعض .. واذا تعرض أحد من أفراد القبيلة إلى الغزو صف الجميع إلى جانبه ليستردوا له حقه أو يأخذوا بثأره إذا قتل

ولاينام منا إنسان إذا كان له ثأر .

حياة الشباب في الماضي:

الشباب كانوا في الماضي يختلفون كثيراً عن شباب اليوم الذين أصبحوا يتبعون التقاليد الغريبة والبدع النكراء .. وشباب الماضي كانوا رجالاً محافظين على مسلك آبائهم وأجدادهم ، وقد قال الشاعر فيهم : عد للصبي عشرين عام معدود

من عقبهم ماشي صبي عداله.ومعنى هذا البيت أن الرجل يستطيع تربية ولده تربية حسنة قبل أن يصل عمره إلى العشرين عاماً ولكن إذا وصل العشرين ولم يتربى عندها لايكون هناك تربية الوالد للولد ولا فائدة في إصلاحه. وكان الشباب في الماضي يتعلمون المهن والحرف اليدوية وهم صغار حتى ينضجوا ويكبروا

ولكل واحد منهم مهنة عملية مثل الحطاب الذي يقطع الحطب من الفيافي والقفار

ويبيعه لأهل المدينة حتى يتمكنوا من استخدامه كوقود للطهي والتدفئة وكذلك راعي الإبل والمواشي الأخرى وهذه كلها مهن شريفة وأعمال حرفية كان الشباب يتعلمها في الماضي.

سكن القبائل البدوية:

كان سكن القبائل البدوية في الماضي حول مناطق الجرن وهي منطقة رملية بعيدة ، وكان فيها الكثير من القبائل والعشائر البدوية ، ولكن بعد تغير الوقت تفرق شمل هذه القبائل التي زحفت إلى المناطق المجاورة وتناثرت عشائرهم شرقاً وغرباً

وكانت منطقة البطحاء عامرة بالسكان من القبائل البدوية ، وخصوصاً أيام الشتاء والربيع حيث العشب والمراعي ومنابت الأشجار وكانت المواشي ترعى من خير الله الكثير ولم ينقطع عنا المطر والخير .

الحياة العملية:

في الماضي كنا نعمل ونشتغل في تجارة الأخشاب ونقطعها من أشجار الصحراء ونحملها على الجمال ونذهب إلى المدن لنبيعها بالإضافة إلى ذلك كنا نبيع الأغنام والجمال والسمن وكانت هذه هي تجارة البدو في السابق … وكانت هذه المواشي مفيدة وتغني ابن البادية ولايصرف عليها شيء مثل اليوم حيث أن المواشي كانت تتغذى على الأعشاب البرية التي يجود بها المطر والغيث ، وليس مثل اليوم حيث أن أغلب مصاريفنا تكون على غذاء المواشي  لأن الأمطار الموسمية قلت وكثر الجدب والمحل .. مما جعل الأعشاب البرية نادرة وكثرت الأمراض التي تهدد الثروة الحيوانية وخاصة الأغنام والأبقار والجمال .

الأعراس في البادية :

الأعراس في الماضي ، تختلف عن اليوم .. فقد كان يكفي أن تكون هناك كلمة صادقة من أهل العروس ولا يكون هناك اختلاف على مهر أو خلافه ، وليس هناك شروط أو مغالاة في الطلبات ، بل يكفي ما يحدده الرجل من مهر ووالد العروس كان يبحث عن الرجل الذي يكفل لإبنته حياة شريفة وسعيدة لا كما هو الحال اليوم حيث يطلب فيلا أو سيارة أو مائة ألف درهم .

كان في الماضي كل شيء يتم بالتراضي أما الناس فكانوا جميعاً يساهمون في حفل الزواج وبعضهم يقدم رأساً من الغنم أو الجمال أو الأبقار وكان الجميع يشارك في الأفراح .

أيام العيد :

أيام العيد ، في الماضي كانت مليئة بالبهجة والسرور والأفراح الجميلة حيث أن الإنسان يفرح بالعيد ويشعر بلحظاته وساعاته الجميلة وأيامه السعيدة ..

حيث ترى الأطفال على المراجيح والنساء يقمن بإعداد الموائد الفاخرة ، ونسمع أصوات البنادق طوال الليل والنهار وتقام الذبائح وسباقات الهجن والرياضات المتنوعة وتعم البهجة والسرور جميع الناس ونقام الرقصات الشعبية والولائم طوال أيام العيد الثلاثة ، وليس مثل هذه الأيام التي لانشعر بأيام العيد فيها .

الشعر في حياتك:

الشعر عرفته منذ الصغر حيث كنت أصغي إلى الشعراء الكبار  وأحفظ الكثير من أشعارهم حتى مرحلة الشباب وقلت الكثير منه وخاصة في تلك الأيام يكثر النزاع بين القبائل وذلك بسبب البحث عن المراعي الخصبة والأماكن التي تكون أفضل من غيرها .

وحياة البادية كانت محفوفة بالمخاطر بعض الشيء وذلك بسبب الطلب على الماء والمراعيوكنا نردد قول الشاعر عن قدوم فصل الشتاء وانحسار الحر وقدوم الأمطار بهذه الابيات الشعرية:

ان  هب مالياهي صلیب

يبرد ارمولنا  اعن حفاة

وأن ناض برق مالمغيب

عن لا تباطي ياليماه

باليود سحاب ن رغيب

اسقى على الزور ونقاه

أينب وأسقی هل عذيب

وعاطوي حارب يامعداه

،،،

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى