أبوظبي ـ وام:
يرتكز قطاع التمويل المستدام على سبعة توجهات رئيسية ترسم ملامح المشهد المستقبلي للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في قطاع الشركات والاستثمارات واللوائح وحتى الحكومات في الأسواق الناشئة.
وتأتي أهمية التمويل المستدام في الإمارات من منطلق دعم العديد من المحاور التي تتبناها الدولة خلال مسيرة الخمسين عاماً المقبلة وتأكيداً لالتزامها بدعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.
وظهرت أهمية التمويل المستدام في الأسواق الناشئة خلال جائحة “كوفيد19” كونه يعد نهجا مشتركا للمنتجات والخدمات المالية التي تدمج المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في عمليات اتخاذ القرار وأطر السياسات والممارسات إضافة إلى تضييق الفجوات المالية لحل المشاكل الكبرى والعالمية مثل تغير المناخ وعدم المساواة بين الجنسين.
وحدد تقرير بناء المرونة الاقتصادية ، أهمية التمويل المستدام في الأسواق الناشئة الصادر عن مجموعة ماجد الفطيم بالتعاون مع سوق أبوظبي العالمي ووزارة الاقتصاد سبعة توجهات رئيسية تغير مشهد التمويل المستدام المستقبلي.
وقال معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات /وام/ إن مفاهيم وتطبيقات التمويل المستدام تمثل اليوم اتجاهاً بالغ الأهمية من شأنه أن يحدث تحولاً في السياسات التنموية للدول خلال المرحلة المقبلة، سواء من حيث الاستراتيجيات وأطر العمل الحكومية أو على صعيد نظم حوكمة الشركات وقطاعات الأعمال، لتأخذ في اعتبارها معايير الاستدامة والحفاظ على البيئة وتنمية المجتمع بصورة عادلة ومتوازنة، مما يعزز مرونة واستدامة اقتصادات المستقبل.
وأضاف : يأتي الاهتمام بالتمويل المستدام في دولة الإمارات من منطلق أهميته في دعم العديد من المحاور التي تتبناها الدولة، انطلاقاً من رؤية وتوجيهات قيادتها الرشيدة، للاستعداد للخمسين عاماً المقبلة، وتأكيداً لالتزامها بدعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030، وفي مقدمة هذه المحاور تبني نموذج أكثر مرونة للاقتصاد الوطني، ودعم الاقتصاد الأخضر وضمان استدامة الموارد وحماية البيئة والمناخ، فضلاً عن دعم ازدهار المجتمع وتحقيق مزيد من التوازن بين الجنسين”.
وأشار إلى أن التوجهات السبعة للتمويل المستدام، التي أوردها تقرير بناء المرونة الاقتصادية، تقدم خريطة طريق متكاملة وتقترح أدوات فعالة لربط الاستراتيجيات الاقتصادية والخطط الاستثمارية بمحاور التنمية المستقبلية والمستهدفات الوطنية البعيدة المدى.
وأوضح معاليه أن دولة الإمارات قطعت أشواطاً كبيرة خلال السنوات الماضية في دفع عجلة التنمية الخضراء، من أبرزها توقيع اتفاق باريس للمناخ كأول دولة على مستوى الشرق الأوسط تنضم لهذا الاتفاق، وإطلاق إعلان أبوظبي وإعلان دبي للتمويل المستدام، واللذين وقعت عليهما مجموعة كبيرة من المؤسسات التمويلية والاستثمارية، كما تم إطلاق صندوق دبي الأخضر لتمويل العديد من المشاريع الخضراء، مؤكداً معاليه استمرار جهود الدولة نحو تعزيز الاستثمار والتمويل لمشاريع تدعم مبدأ الاستدامة وحفظ الموارد وتنويع الفرص للأجيال المقبلة. من جانبه معالي أحمد بن علي محمد الصايغ وزير دولة ، رئيس مجلس إدارة سوق أبوظبي العالمي في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات / وام/ : إن العالم يشهد اليوم تغيرات كبيرة تؤثر على المشهد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي للدول، مما يزيد الحاجة إلى تعزيز ممارسات التمويل المستدام حول العالم وخصوصاً في المنطقة، بما يضمن استدامة الأنظمة الاقتصادية ويرسم مستقبل التمويل المستدام. وإن هذا التقرير يأتي في إطار جهودنا المتواصلة لتسليط الضوء على أبرز التحديات وسبل تخطيها من خلال توحيد الجهود والتعاون.
وأضاف :”سنواصل ريادة الابتكار وتسريع النمو في المستقبل وسنقدم الدعم الاستراتيجي ليس فقط للجهات التي تعمل تحت مظلة بيئة أعمال سوق أبوظبي العالمي بل نلتزم ببناء اقتصاد أكثر مرونة ومسؤولية واستدامة لأبوظبي والدولة والمنطقة كافة، وإن التزامنا الدائم بالتعزيز الفاعل لرؤى وخطط الدولة سيكون مرتكزا على المبادرات الاستراتيجية التي ترسخ مكانتنا كمركز مالي دولي رائد على مستوى العالم كإعلان أبوظبي للتمويل المستدام الذي يعزز الالتزام نحو إنشاء قطاع تمويل مستدام مزدهر ويدعم الحوار البناء لتطوير الحلول ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لإيجاد مستقبل مستقر للأجيال القادمة ويعزز مكانة أبوظبي كمنصة متكاملة لتكوين وتشغيل رأس المال”. وأشار معاليه إلى أن 41 جهة حكومية وخاصة وقعت حتى الآن على إعلان أبوظبي للتمويل المستدام منذ انطلاقه في 2019 حيث نجحنا في إرساء جسور الحوار والتعاون بين هذه الجهات، ليأتي في ما بعد إطلاق المبادئ الإرشادية حول التمويل المستدام لدولة الإمارات في عام 2020.. مؤكدا على ضرورة متابعة الخطط الحالية وإطلاق المزيد من المبادرات المبتكرة التي ستوحد الجهود وتعزز النتائج الإيجابية. وبحسب التقرير، تتمثل التوجهات السبعة في “زيادة الالتزام بالتصدي للتغير المناخي” إذ يجب أن تنخفض الانبعاثات عالمياً بنسبة 50 في المائة خلال العقد المقبل، من أجل وضع حد للضرر الذي لا يمكن إصلاحه وإبقاء الاحتباس الحراري العالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية كما جاء في تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2019 حول التغير المناخي. وأكد التقرير على أهمية “الاهتمام الحقيقي بالاستثمار في الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات والإفصاح عنها” حيث أن تقييم وإدارة الاستثمارات بناءً على العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة يكتسب زخمًا في جميع أنحاء العالم.. إضافة إلى التوجه الخاص بـ “سد الفجوة من خلال التمويل المُبتَكر.
” حيث ستبلغ فجوة التمويل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، ما يقارب 2.5 تريليون دولار أمريكي سنويًا ورغم ذلك فقد أتاحت التحديات التي يواجهها التمويل المستدام في الأسواق الناشئة مساحة للمزيد من التمويل المبتكر، ومثال على ذلك صكوك ماجد الفطيم الخضراء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بقيمة 600 مليون دولار.
وبين التقرير أهمية توجه “البنوك والقروض الخضراء” إذ ربطت البنوك وبشكل متزايد شروط القروض بالعوامل البيئية والاجتماعية والمؤسسية إضافة إلى “أهمية المعلومات والبيانات” حيث يتطلب اتخاذ القرارات من أجل الاستثمار والتمويل المستدام معلومات وبيانات واضحة، وليومنا هذا تفتقر الشركات إلى هذه المعلومات والبيانات وقياس مدى تأثير مثل هذه القرارات مما قد يؤدي إلى استثمارات غير فعالة.
وأكد التقرير على ضرورة” سن القوانين والتشريعات ووضع اللوائح” إذ تعد التشريعات وسن القوانين واللوائح من العوامل الرئيسية في دفع التمويل المستدام في الأسواق الناشئة، وحتى العام 2018 كان التمويل المستدام خاضعًا للتنظيم فقط في الصين ولكن تم إيلاء المزيد من الاهتمام لتنظيم وتوحيد المبادئ التوجيهية لتحسين التمويل المستدام حول العالم.
وأوضح التقرير أهمية “التركيز على التمويل المستدام بعد جائحة كورونا” حيث وجهت جائحة كورونا تركيز الدول على المخاطر الاجتماعية الأكثر إلحاحاً مثل الصحة والتوظيف، ولا شك في أن إعادة بناء الاقتصاد هي من أولويات جميع الدول ومع ذلك من يجب الانتباه إلى أن التعافي الاقتصادي من الجائحة قد يستغرق سنوات عدة.
وأوضحت ورقة بحثية مشتركة أشار لها التقرير بين وزارة التغير المناخي والبيئة وماجد الفطيم حول “آثار جائحة كورونا على التغيرات البيئية والمناخية” الحاجة للمرونة حيث أظهرت جائحة “كوفيد 19” أنه يوجد أرضية مشتركة نستطيع الانطلاق منها، والذي من خلالها وخلال العمل الجماعي نستطيع تحقيق الكثير وما تستطيع أن تحققه التكنولوجيا في مجالات الصحة والتعليم والاتصالات وبين القطاعات الأخرى.
وأشارت الورقة البحثية إلى أن العالم الآن أمام لحظة ستحدد مصير العقد القادم، وخاصة للأسواق الناشئة لإعادة توجيه أسواقها المالية وبناء مستقبل أكثر استدامة ومرونة، فمن المتوقع أن تصل الاستثمارات في البنية التحتية إلى 90 تريليون دولار أمريكي لتلبية احتياجات الزيادة السكانية في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2030.. فيما دفعت جائحة كورونا الحكومات على تقديم حزم تحفيزية كبيرة، حيث قدمت حكومات مجموعة العشرين وحدها 6.3 تريليون دولار أمريكي اعتبارا من أبريل 2020، أي 9.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لمجموعة العشرين لعام 2019.
ووفقًا لتقرير البنك الدولي لعام 2019 بعنوان “شريان الحياة: فرصة البنية التحتية المرنة”، إن العائدات الاقتصادية على الاستثمار المستدام أو المسؤول ستكون مرتفعة، ففي مقابل كل دولار واحد يُستثمر في بنية تحتية أكثر مرونة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل سيبلغ العائد على الاستثمار 4.24 دولار أمريكي.
وتوفر الظروف الراهنة التي يمر بها العالم فرصة مناسبة للدول من أجل دمج العوامل البيئية والاجتماعية والمؤسسية في جميع عمليات صنع القرار والاستجابات السياسية عبر جميع القطاعات وتشجيع نمو التمويل المستدام لإعادة بناء الكوكب بشكل أفضل.
وساهم في كتابة التقرير معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير الدولة للتجارة الخارجية و معالي أحمد علي الصايغ وزير دولة ورئيس مجلس إدارة سوق أبوظبي العالمي وإبراهيم الزعبي الرئيس التنفيذي للاستدامة لدى شركة ماجد الفطيم القابضة.
الجدير بالذكر أن سوق أبوظبي العالمي نشر المجموعة الأولى من المبادئ التوجيهية في دولة الإمارات بشأن التمويل المستدام، وذلك خلال النسخة الثانية من ملتقى أبوظبي للتمويل المستدام وستسهم هذه المبادئ التوجيهية في تشجيع الممارسات المستدامة وتعزيز التعاون بين الجهات المالية في الدولة بما يدعم صحة واستدامة اقتصاد الدولة.