أخبار عربية ودولية

أردغان يوزع الإرهاب من خلال المساجد

بقلم : الشيخ نور الدين محمد طويل

إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بدرانسي شمال باريس

المساجد بيوت الله التي اختارها لتكون دوراً للعبادة ، وجعل عمارتها وزيارتها سبيلا إلى الاستقامة .
والعبادة لها مكانتها العظيمة في نفوس المسلمين ، ومن تعظيمها إقامة المساجد التي هي مأوى أفئدتهم للتقرب إلى الله .
وفي هذه الأيام نجد أن بعض المساجد خرجت من محيطها لتلعب دور التطرف والإرهاب ، وهي في تزايد كبير في المجتمع كل يوم.
لقد انتشرت ظاهرة التطرف والإرهاب من خلال بعض المساجد ، فوصل الأمر إلى أن الإرهاب الفكري استطاع أن يقطع شوطاً كبيراً في التدمير من المنابر والمحاضرات .
ولما كانت المساجد هي ملتقى للمؤمنين في صلواتهم ، والبعض منهم أيديهم ضعيفة في البناء والتمويل دخل فيهم المتاجرون بالإسلام للوصول إلى أهدافهم لزرع الفتنة والشقاق ، والتاريخ يشهد بذلك .
إن تركيا التي هي اليوم تحت قبضة أردوغان تعيش في فقر بعد ما أوقعها في مستنقع الإرهاب ، فصارت معزولة عالمية ، فلم يجد زعيمها مايبرر موقفه في تدمير اقتصادية شعبه سوى بناء المساجد ، سواء في الداخل أو في الخارج .
لقد وقفت تركيا بزعامة أردغان بالسعي دائماً للتعاون مع النظام الصفوي الإيراني الذي صار اليوم في تدمير العالم الإسلامي فكرياً وعسكرياً لإعادة المجوسية .
ومما لايخفى على أحدٍ في تحالف تركيا وإيران في إرادة زعزعة واستقرار العالم الاسلامي موقفهما العدائي العلني ضد المملكة العربية السعودية التي هي قبلتنا جميعا ورائدة التضامن الإسلامي ، وظهر ذلك في قمة كوالالمبور ٢٠١٩م التي هي بعيدة عن منظمة التعاون الإسلامي.
وهي المنظمة التي تحتضن الدول الإسلامية ، فكانت القمة معزولة من الدول الإسلامية لأنها قمة تركية فقط .
كيف استطاع اردغان استخدام المساجد ورقة في سياسته ؟ نعلم علم اليقين أن الإخوان المسلمين لما أسكنهم في تركيا جعلوه زعيماً لهم فأفتوا له بشراء السذج وضعفاء العقول من المسلمين وتخديرهم بسياسة بناء المساجد لإعادة الإمبراطورية العثمانية.
وقريبا رأيناه وهو يحول أياصوفيا إلى مسجد – على حد زعمه- ليثبت نفسه أمام المخدوعين في الداخل والخارج بعد فشله اقتصاديا على أنه يعيد الامبراطورية العثمانية ليواجه الغرب ، وكثير من المنتمين إلى ماتسمى بالحركات الإسلامية التفت حوله وصفقت للقرار الذي لا يعتمد على احترام الأديان .
تدخلات الرئيس التركي أردوغان في الشؤون الداخلية ودعم الإرهاب والمتطرفين لاتقتصر على المنطقة العربية والشرق الأوسط وإفريقيا ، بل وصلت للدول الأوروبية بعد أن كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن خلايا ومليشيات أردوغانية تعبث بالأمن الأوروبي وتسعى لتقويض الدولة الوطنية الأوروبية من خلال نشر بؤر ومجموعات شديدة التطرف عبر القارة الأوروبية .
واللافت لفرنسا أن هناك تماهيا كاملاً بين أجندة الإرهابيين في أوروبا وأجندة أردوغان ، حيث لاحظت مخابراتها قيام المساجد التابعة لأردوغان مثل مسجد النور الكبير في تولوز بالترويج لمشروعات اردوغان السياسية ، إذ نشر هذا المسجد خريطة لتركيا العثمانية وهي تضم أراضي من الموصل والعراق شرقا حتى المغرب غربا ، ومن الصومال وإريتريا جنوبا حتى شبه جزيرة القرم شمالا ، والأمر ذاته في ألمانيا وبلجيكا والنمسا .
وأثبتت التمويلات الضخمة التي يقدمها أردوغان في السنوات الأخيرة بزرع عناصر وخلايا إرهابية تحت مسمى دعم العمل الإنساني والمساجد في أوروبا كشف خطورة أردوغان في تهديد أمن الدول الأوروبية ، وهناك تمويل تركي وصل لأكثر من ٣٥ مليون يورو للنشاط السياسي لمسجد واحد يضم عشرات العملاء الذين يتجسسون على معارضي أردوغان ، وينشرون الفكر الإرهابي في أقصى جنوب غرب فرنسا بعد أن حول أردوغان المساجد لمقرات سياسية تدعو( للعثمانية الجديدة ) وتأوي المتطرفين والمتشددين .
فمن ظن أن تحركات أردوغان في دعم الإرهاب بفتاوى الهيئات والمنظمات التي تتخذ الإسلام لباسا لصالح الإسلام فهو في سبات عميق ، كيف من كان سببا لفتح الحدود إلى سوريا لإيجاد داعش ثم التوجه إلى ليبيا لتدميرها أن يكون هو زعيم الخلافة ؟ هل إعادة الخلافة بتدمير الأمم والشعوب وتخدير العقول بالأوهام ؟
ينبغي علينا جميعا أن نعيد قدسية مساجدنا من خلال قيامها بوظيفتها الدينية بعيدة عن التطرف والإرهاب .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى