صحة وتغذية

مديرة مشروع المسح الوطني في الإمارات تستعيد أهم اللحظات أثناء عملها على إنشاء مراكز المسح الوطني والتطعيم

ساهمت المهندسة منى الحضرمي بدور رئيسي في تنسيق استجابة دولة الإمارات لجائحة كوفيد-19

 

أبوظبي-الوحدة:
“لا تشلون هم”. كانت العبارة التي غالبًا ما تردد صداها في ذهن منى الحضرمي أثناء توليها مسؤولية الإشراف على تنفيذ أحد أكبر التحديات اللوجستية أثناء الاستجابة السريعة لدولة الإمارات في مواجهة جائحة كوفيد-19.

وكانت هذه كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ووجه سموه هذه الكلمات إلى منى حين أوكل إليها مهمةً تطلبت منها طواف جميع أنحاء دولة الإمارات بطولها وعرضها، وعزل نفسها عن عائلتها وأحبائها لفترة أربعة أشهر، إلا أنها في الوقت نفسه قادتها إلى واحدة من أكثر اللحظات التي تفتخر بها.

وتولت المهندسة منى الحضرمي، ضمن مهام منصبها باعتبارها مديرة مشروع المسح الوطني في الدولة، ومديرة إدارة المنشآت والصيانة للخدمات العلاجية الخارجية بشركة صحة، مسؤولية هائلة وبالغة الأهمية تمثلت بالإشراف على تأسيس وإنشاء شبكة مرافق المسح الوطني ومراكز التطعيم لمواجهة فيروس كوفيد-19 ضمن المهلة التي وضعتها القيادة الرشيدة، في سبيل حماية صحة وسلامة جميع المقيمين في دولة الإمارات.

وحول ذلك علقت منى: “كانت هذه المهمة في غاية الصعوبة، مع بداية الجائحة وفترة توقف الأعمال العالمية كان تأمين المعدات الطبية تحديًا كبيرًا. وكنا خلال تلك الفترة نطوف أنحاء الدولة للتأكد من سير العمل في المشاريع على قدم وساق. وتزامنت تلك الفترة مع قدوم شهر رمضان، وخلال فترة الصيام كنت أقوم بمهامي تحت الشمس. كما كانت هذه المرة الأولى التي أمضي فيها شهر رمضان وعيد الفطر بعيدًا عن عائلتي. كان بعدي عنهم أمرًا صعبًا للغاية ، ولكن فريق العمل كان بمثابة عائلة بديلة إلى جانبي”.

“ولا تزال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى موقع المشروع لتفقد سير الأعمال فيه حاضرة في ذاكرتي، فقد كان سموه يدرك الضغوط التي كنا نواجهها، فقال لنا عندها “لا تشلون هم” رافعًا من معنوياتنا، وشعرنا أنه لا مكان للمستحيل، وذكّرنا سموّه بأن جميع من في الإمارات يقدرون جهودنا. فعملنا على ترجمة كلماته إلى أرض الواقع محافظين على همتنا ومؤكدين للعالم كله بأننا قادرون على مواجهة الجائحة”.

وكانت منى قد تخرجت من كليات التقنية العليا في أبوظبي، وكانت رغبتها الأولى بدخول مجال الهندسة الميكانيكية أو هندسة الطيران، ولكنها بدلًا من ذلك تتبعت خطى والديها والتحقت بالحقل الطبي بانضمامها إلى فريق العمل في شركة صحة حيث تولت هناك مسؤوليات متعددة من ضمنها تأمين وصيانة الأجهزة والمعدات الطبية.

وتابعت منى: “حين سمعت للمرة الأولى عن فيروس كوفيد-19 لم يخطر في بالي أبداً وصوله إلى دولة الإمارات، وكنت أخطط لقضاء إجازتي في ذلك الوقت، ولكن كان علي أن ألغيها. ونظمنا اجتماعات مع جميع الكوادر الإدارية لوضع أفكار ورسم خطط لتأسيس شبكة مراكز المسح الوطني لفيروس كوفيد-19، وفي البداية كان من الصعب حتى تخيل تصميم هذه المراكز وأنظمة العمل فيها، ولكننا واظبنا على العمل والتعاون في سبيل وضع خطة واضحة واستراتيجية قابلة للتنفيذ”.

وتولت منى مسؤولية تنفيذ المشروعات ضمن المهلة المحددة وبحسب المواصفات الموضوعة. وتطلب منها تنفيذ هذه المهمة السفر آلاف الكيلومترات إلى مختلف أنحاء الدولة، والعمل إلى جانب مزودي الخدمات والمتعاقدين حتى ساعات متأخرة من الليل. ونظرًا لأهمية الدور الذي كانت منى تقوم به وتواجدها مع هذا العدد من الأشخاص كان عليها عزل نفسها بشكل كلي عن عائلتها.

وحول هذا علقت منى: “تعاني والدتي مرضًا مزمنًا، كما تواجه إحدى شقيقاتي مشاكل في جهاز المناعة ، ولهذا فقد كان تواجدي إلى جانبهما مجازفة كبيرة بسبب احتمال التقاطهما عدوى الفيروس. تحدثت مع أفراد عائلتي بانتظام وكانت كلماتهم المعبرة عن افتخارهم بي مصدر سعادة كبير لي”.

وفرضت المهل والفترات الزمنية التي كانت منى وفريق العمل يعملون ضمن إطارها ضغوطًا هائلة. وعند استكمال الدفعة الأولى من مراكز المسح، وردت إلى فريق العمل تعليمات جديدة بإنشاء 13 مركزًا إضافيًا في مختلف أنحاء الإمارات خلال فترة 10 أيام فقط. وبعدها أوكلت إليهم مهمة إنشاء والإشراف على مراكز تقييم كوفيد-19 المتميزة في أبوظبي والعين وتقديم خدمات التطعيم ضمن مراكز المسح الوطني.

وأردفت منى: ” نحمد الله على تمكننا من تنفيذ جميع هذه المهام خلال فترة قياسية، وبالنظر إلى ما حققناه خلال العام الماضي فأنا فخورة حقًا بما حققته، وأفتخر بالثقة التي وضعتها القيادة الرشيدة والإدارة في إمكاناتي وإيمانهم بقدرتي على تنفيذ هذه المهام، كما أنني أفتخر بخدمتي لبلدي ومجتمعي. لقد أتيحت لي فرصة ذهبية لتسخير طاقاتي الإيجابية للمساعدة في مكافحة هذا الفيروس”.

وتوجه منى النصائح للفتيات والسيدات الإماراتيات اللواتي ألهمتهن مساعيها وإنجازاتها: “عليكن الثقة بأنفسكن وقدراتكن، والإيمان بأنكن لستن بمفردكن. فبلدنا يوفر جميع سبل الدعم والمساندة التي نحتاجها، وما علينا إلا الثقة بإمكاناتنا”.

كما عبرت منى عن شكرها وتقديرها لمكتب فخر الوطن لتسليطه الضوء على جهود العاملين على خط الدفاع الأول والدعم الذي يوفره لجميع الذين يبذلون كل ما بوسعهم في سبيل حماية المجتمع خلال الجائحة.

واختتمت منى: “لم أكن أتخيل يومًا أن أكون في عداد من قدموا التضحيات في سبيل الوطن وأن يتم احتسابي ضمن الأبطال فيه، كانت هذه تجربة من العمر. قد لا يكون هناك الكثير من النساء العاملات في هذا المجال، ولكنني أثبت لنفسي قدرتي على مواجهة التحدي. لقد كنا في سباق ضد الزمن وأثبتنا للعالم بأسره بأنه لا مكان للمستحيل في دولة الإمارات”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى