علم النفس الجديد للقيادة

بقلم / د. فاطمة محمد خميس

 

ترتبط علوم القيادة ارتباطاً وثيقاً بعلم النفس وعلم نفس الاجتماع لا سيما وأن بحوثها التأسيسية قامت على النظريات الرائدة في المجالين. ورغم توسع اهتمام الباحثين بالقيادة كظاهرة اجتماعية مهمة في حياة الأفراد والمجتمعات وبالتالي توسع قاعدتها التنظيرية والبحثية إلا أن ارتباطها بعلم النفس لا يزال مصدر مراجعات فكرية متجددة لدى خبراء القيادة. ومن المراجعات المهمة في هذا الصدد تجديد نظرية الهوية الاجتماعية والتي تتمحور فكرتها الأساسية حول ميل الأفراد إلى تصنيف أنفسهم والآخرين في فئات اجتماعية مختلفة مثل الدين أو المهنة أو العمر أو الجنس. وتقوم هذه الفئات على تصنيفات اجتماعية تخدم وظيفتين رئيسيتين: تحديد تعريف الذات وتحديد تعريف “الآخر”.
ومن المراجعات الجديدة حول هذه النظرية ما توصل إليه العالم الأسترالي ألكسندر هاسلام وفريقه العلمي مما أسموه “علم النفس الجديد للقيادة” ومضمونه يتعلق بالهوية الاجتماعية بهدف التركيز على قيادة الهوية. ومجمل هذه المراجعة هو الدفع بسيكولوجية جديدة ترى أن القيادة المنتجة هي تلك التي تعكس “الأنا الجماعية” لا “الأنا الفردية”، بمعنى أن القيادة هي عملية جماعية يتم فيها ربط القادة والأتباع معاً – ويتصورون أنفسهم مرتبطون معاً – في مسعى مشترك. ويتم تمثيل الهوية هنا بمفاهيم ذاتية أو اجتماعية أو شخصية، والتي يتم إنشاؤها إما من قبل الشخص ذاته أو غيره. وإن كلا الشكلين من الهويات، الاجتماعية والشخصية، يعدان وسيلة للإجابة على أسئلةٍ مثل: “من أنا؟” و “مَن مِن الآخرين يعرف مَن أكون؟”. وتكمن أهمية هذه المراجعة الفكرية في فهم علاقات القادة والأتباع في مجتمعات العمل المعاصرة والتي تتميز بالتنوع الثقافي لأفرادها وبالتالي تنوع القيم وأنماط التفكير والسلوك وتأثيرها على ديناميكيات العلاقات بين القادة وأتباعهم.
ويعمد هاسلام وفريقه إلى التركيز على الجانب التطبيقي في نظرية الهوية الاجتماعية وذلك عبر تسليط الضوء على محاور عملية مثل تأكيد التأثير الحاسم للهويات الاجتماعية للقادة والأتباع على المخرجات المؤسسية في بيئة العمل. ومحور آخر وهو ترسيخ التصنيفات الاجتماعية الذاتية في سياق العمل لفهم سيكولوجية الأفراد وسلوكهم وتصرفاتهم. وكذلك محور ثالث يحث على التنبه للعلاقة المتبادلة بين بين قوى الجماعة والهوية الاجتماعية وأخيراً محور حول التأثير المهم والمتساوي للأفعال والكلمات في حشد الهوية الاجتماعية وإدارتها.