مرئيات

مثلث الازدهار: الأمن والصحة والتعليم

بقلم/ د. فاطمة محمد خميس

 

تحرص القيادة العليا في دولة الإمارات العربية المتحدة على التوجيه المستمر لتعزيز ثلاثة قطاعات حيوية في مجتمعها وهي: الأمن والصحة والتعليم، وهي قطاعات تشكل ما يمكن تسميته بمثلث الازدهار الحضاري. فالمجتمعات الآمنة هي مجتمعات مطمئنة إلى أنها محمية من أي تهديد داخلي أو خارجي. فتحقيق الأمن الداخلي والخارجي في أي مجتمع كفيل بتهيئة مناخ الإبداع الفكري والتنمية الاجتماعية والاقتصادية لأفراده لأنهم اطمئنوا على ذواتهم وممتلكاتهم وأوطانهم وحقوقهم. وقد تعددت أنماط الأمن في المجتمعات فبعد أن كانت محصورة في مفاهيم الأمن الاجتماعي والاقتصادي والقومي، تنامى الوعي بتنوعها فمنها الآن ما يعرّف بالأمن البيئي، والأمن النفسي أو الشخصي، والأمن الغذائي، والأمن الحضري. وهي أنماط مترابطة من حيث التخطيط الاستراتيجي والتنفيذي وإن اختلفت مسمياتها ومجالاتها.
وأما قطاع الصحة فلا شك أن جائحة كورونا قد أثبتت مدى أهمية استقرار هذا القطاع كمؤشر لتقدم الدول وقدرتها على مواجهة الأزمات التي تتعلق بالصحة أو سلامة أفرادها جسدياً وعقلياً. وأقول عقلياً لما أصبح للسلامة العقلية من مكانة قوية بين فروع الصحة المختلفة، وقد تطورت مفاهيمها بحيث تجاوزت المفهوم القديم السائد والذي يتمحور حول الطب النفسي. فعلى سبيل المثال فإن فترات الحظر التي فرضتها الجائحة وما صاحبها من خوف وحيرة قد سلطت الضوء على التحديات اليومية التي تعترضنا كبشر للمحافظة على اتزاننا العقلي. وقد برزت حقول تخصصية ووظيفية جديدة لمواكبة مثل هذا التطور في قطاع الصحة مثل استشارات الصحة العقلية، والدعم النفسي، والدعم الاجتماعي، والصحة المهنية. وتلك الأخيرة ذات أهمية متزايدة في عالم المؤسسات لا سيما في مرحلة ما بعد جائحة كورونا.
وتبقى الركيزة الثالثة في مثلث الازدهار وهي التعليم، واهتمام حضارتنا العربية والإسلامية بصنوف العلم المختلفة لا حصر له. ولطلاب العلم والعلماء مكانة عالية تشيد بها نصوص القرآن والسنة التي حرصت على تعزيز قيمة التعليم والتعلم المقرونين بالعمل المثمر. ولربما زيارة واحدة إلى شواهد حضارة الأندلس في أسبانيا كفيلة بأن تدلنا على الحضور العربي الأنيق الذي أهدى أوروبا نباريس علم لازالت تضيء الكثير من العلوم الإنسانية المعاصرة. وليس الحديث هنا حول تاريخ مضى وانتهى فعجلة التعليم لا تتوقف أبداً في أوطان العرب رغم مراحل الركود المختلفة التي تمر بها، ولعل السبب في ذلك هو ذلك التعزيز المستمر لقيمته عبر تعاليم شرعية قدرُها أن تبقى ما بقيت الأرض وما عليها.

fmka@diwanlrc.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى