الشاعر يعقوب بن يوسف الحاتمي…شاعر الإبداع الجزل

ضروب شعره ما بين البادية والساحل والبحر والوصف

بقلم /أنور بن حمدان الزعابي  ــ  كاتب وشاعر إماراتي

الشاعر يعقوب بن يوسف بن أحمد آل علي المعروف بيعقوب الحاتمي، ويعد واحداً من أشهر شعراء النبط في الإمارات وأقدمهم، وعلماً بارزاً من أعلام الشعر في إمارة أم القيوين التي ولد وعاش فيها، حيث ولد عام ١٨١٥م تقريباً وكان قد قرض الشعر مبكراً وحظي بما لم يحظ به غيره من أقرانه من تعليم وقراءة في كتب الشعر والأدب العربي فنظم إلى جانب الشعر النبطي شعراً فصيحاً. عمل في مهنة الغوص ثم استطاع أن يمتلك (محملاً) يكون هو (نوخذا) فيه ومارس التجارة البحرية.

وتوفي أوائل القرن العشرين مما أدى إلى فقدان العديد من قصائده، وكذلك رحيل الرواة الذين عاصروه، وتركزت الأغراض الشعرية لديه في «المدح، والغزل، والنصائح والحكم، والوصف».

كان لشاعرنا شخصيات ثلاث في شعره، تختلف كل واحدة منها عن الأخرى. أمّا شخصيته الأولى فهي شخصية الشاعر البدوي، الذي يعيش في الصحراء،

ويمتطي ظهر جمله، ويستخدم ألفاظاً ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالبيئة البدوية، كما سنجد من خلال قصائده شاعراً لم يغادر البحر ولا يعرف سوى هذا العالم، حيث الغوص واللؤلؤ، وقد انعكست هاتان البيئتان انعكاساً واضحاً في أشعاره:

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

ايـعَـقـوب الحـاتِـمـي أنشا اوقال

وعــظ لِلفِهّــام زاكــيــن لعــقــول

خِـذْ مِـذاهِـبْ مِـنْ مـذاريـب الرِّجَال

تِـشْـرَف بِهَـا ربَّمـا عِـمْـرِك ايـطـول

كَـمْ وضـيـعٍ سـاد قـوم ابـغير حال

هَـمَّتـْه فِـيْ هَـامَـة العَـليـا تِـجول

تِــصْـطِـحِـب لِكْ مِـنْ ذِوي جَـدٍ و خـال

وانــت هِـمَّتـْك الدنِـيَّهـ فِـيْ نـزول

لا تِــظِــنّ بــمـاجِـدٍ يِـبْـلَغ مـنـال

قَـبْـل يـوقَـع فِـيْ وِسَـطْ أَمْـرٍ يـهول

واصْفيِا لِكْ فِيْ الزمَان الا قلال

لا أنـت مِـنْهـم مـآملٍ تَرْجِي وصول

مِ اليِـمـايِل ما بجي غير السِّمَال

خـالِيَه مِـنْهـا القِـبايِلْ كَالرِّذول

يـا شـخـوصٍ صِـيّـروا تَـحْـت الرمـال

نِـحْـت وابْـكِـي يومهم نوح الثّكول

زَلّ عَصْر أهل السِّخا واهْل النّوال

اِسْـلِفَـوا وابْـقَـوا يِميلٍ ما يزول

الخ القصيدة ..

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

غرق السفينة

في الزمن القديم كانت سفينة كبيرة تخص أهالي أم القيوين قادمة بتجارة ضخمة من الهند ومرت ببحر العرب وخليج عمان

ووصلت السفينة إلى قرب جزيرة ”مصيرة ” المقابلة للسواحل العمانية، وكان الوقت حينها في بداية الليل فهبت عليها عاصفة تسببت في تحريكها صوب الساحل

فالتحمت بنوع من الشعب المرجانية يعرف بـ ”شعب المروتي ” وهو بروز صخري غير بائن على سطح البحر متكون من الشعب المرجانية، واستطاع الربان المرور عليه بسلام بعد محاولات عدة،

وما أن مر من على هذا الشعب المرجاني حتى اصطدم بـ ” قصار ” وهو بروز صخري يبرز على سطح البحر فانكسر جزء كبير من أسفل مقدمة وصدر السفينة وأدى إلى دخول المياه إلى أسفل السفينة واْنجراف عدد كبير من بحارتها في قاع البحر وسقوط صناديق كثيرة منها في البحر، ومع هذا واصل السفينة سيرها واستطاع الربان السير بها قليلا متجها صوب السواحل العمانية ووصلت إلى الحد المعروف بحد ” آل علي ” قرب حد ”الطليعة” .

ما أن وصلت السفينة إلى السواحل وثبتت في الأرض دون حراك وبدأت أشعة الشمس تضئ الأفق حتى تفاجأ أهل السفينة بالهجوم عليهم من قبل بعض سكان المنطقة

الذين يمتازون بالبشرة السمراء الغالبة على سكان هذه المنطقة. وبعدها تلاقفت الرياح العاتية والشديدة السفينة ولطمتها بالصخور حتى فتتها وحطمتها ولم تبقي منها خشبة ملتصقة بأختها .

تم نهب كل ما في السفينة من حمولة وبضائع غالية وثمينة، ولم يترك منها حتى الرخيصة من بضائعها وحمولتها التي لم يترك منها شيئا يذكر، وأصبح طاقمها بلا مأوى ولا مأكل ولا مشرب ،

فأغاثهم بعض قبيلة صيعر وبني عمهم من آل علي سكان تلك المنطقة فآووهم مدة من الزمن، حتى إذا مرت سفينة هندية قادمة من أفريقيا أركبوهم فيها وكانت السفينة لتجار هنود من ”البانيان” وهم الهندوس،ومعهم بعض التجار الحضارمة المسلمين ومن المستوطنين للهند في حيدر أباد منذ عدة قرون، وقد كانت سفينتهم متجهة إلى سواحل الخليج،فانضم إليها جزء من البحارة الناجين من غرق ”العلوي”، بينما انضم البقية إلى سفن لأهل المنطقة من الصيعر وعادوا بهم إلى أم القيوين، وتعرض الشاعر لاْضطهادهم من قبل الهندوس البانيان.

عزّات مالٍ تلفه المروتـي

وأهله استداروا في بطون الحوت

الله أكبر يوم حل قضاهـم

ضجوا كما ضج الحشر بالصوت

عزّات مالٍ تلفه المروتي

بالصوت نادوا يا إله iiالعونه

ضجّوا جميع وخالجـي iiيدعونـه

كم واحدٍ تمّوا هّلِهْ iiيلعونـه

يوم المخاطف ما يرت بشـروت

عزّات مالٍ تلفه المروتي

إلى آخر القصيدة..

ما أن عاد أهل السفينة إلى أم القيوين حتى استقبلهم الأهالي المنتظرين لعودتهم بلهفة وشوق وحرقة ، والذين أتتهم أخبار الكارثة والمأساة التي حلت بأهلهم، فكان كل منهم يسأل عن قريبه وصاحبه، فإن سمعوا خبرا أسرهم استبشروا وفرحوا به، وما أن سمع الآخرون منهم خبرا سيئا عن هلاك قريب أو عزيز حتى أقاموا عليه البكاء والعويل، فاختلطت مشاعر الفرح بمشاعر الحزن في ذلك اليوم والمشهد التاريخي .