سبع سنوات من حكم الرئيس السيسي تختصر المسافات بين القاهرة والخرطوم
ياسين غلاب- الاهرام
بعد ثورة 30 يونيو المجيدة أعادت الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، النظر في العلاقات مع السودان الشقيق لعودة العلاقات إلى طبيعتها، فعلاقة البلدين والشعبين أزلية وتاريخية، إذ تعتبر علاقاتهما ثابتة ثبات الجغرافيا والتاريخ إذ لا غنى لإحداهما عن الأخرى؛ وأن التعاون والتنسيق بينهما لأجل مصيرهما المشترك من طبائع الأمور؛ حيث أكدت السنوات السبع للرئيس السيسي وإنجازاته في هذا الملف بكل بساطة هذا المعنى.
كان تحرك الرئيس السيسي منذ توليه مقاليد السلطة واعيًا وسريعًا فيما يتعلق بالسودان، إذ إن العلاقات بينهما ليست من قبيل الترف أو تحكمها المصلحة فهي علاقة حيوية لصالح الشعبين والأمة العربية والقارة الإفريقية والمنطقة بكاملها.
فالحبل السري الذي يربطهما واحد وهو نهر النيل، والتعاون ليس بين مصر والسودان فقط عبر هذا الملف مفيدًا لكليهما، بل يمتد لكل دول حوض النهر، فسياسة مصر دائمًا قائمة على التعاون في كل ما يتعلق بنهر النيل، بالإضافة إلى عشرات القضايا الأخرى المصيرية التي تجعل من البلدين كتلة واحدة لا تجزئها الجغرافيا ولم يسقطها التاريخ وسيحافظ المستقبل على وحدتها.
العلاقات السياسية
في ظل قيادة السيسي أكدت مصر دائمًا أهمية علاقات الأخوة والتضامن مع السودان، معتبرة إياها علاقات إستراتيجية بالغة الأهمية على جميع المستويات فعلى سبيل المثال كانت وُضعت السودان ضمن الجولة الخارجية الأولى للرئيس السيسي عقب انتخابه رئيسًا للجمهورية في عام 2014، وبعد انتخابه لولاية ثانية عام 2018 كانت السودان أول زيارة خارجية يقوم بها الرئيس وبلغت لقاءات القيادتين السياسيتين واتصالاتهما في البلدين حوالي 10 لقاءات واتصالات مباشرة ولأن ملف العلاقات بين البلدين كبير للغاية سنعرج على أبزر مظاهر هذه العلاقات بين الخرطوم والقاهرة:
أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي في 12 /4 /2021 اتصالًا بشقيقه الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني؛ حيث أعرب الرئيس عن خالص تهنئته بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم، متمنيًا لشعب وحكومة السودان الشقيق كل الخير والتقدم والرخاء.
وفي 6 مارس 2021 قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة رسمية إلى جمهورية السودان، تعد الأولى من نوعها عقب تشكيل مجلس السيادة الانتقالي، حيث التقى الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني وتناولت المباحثات سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين على كافة الأصعدة، فضلاً عن مناقشة عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصةً تطورات الأوضاع بمنطقة الحدود السودانية الإثيوبية والتحركات السودانية الأخيرة لبسط سيادة الدولة على حدودها الشرقية المتاخمة لإثيوبيا؛ كما تم التباحث حول مختلف المستجدات في منطقة القرن الإفريقي وشرق إفريقيا.
وكان الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني، قد قام بزيارة إلى مصر؛ حيث التقي الرئيس عبد الفتاح السيسي، في 27 أكتوبر 2020، أكد فيها الرئيس مصر مواصلة التعاون والتنسيق مع السودان في كافة الملفات محل الاهتمام المتبادل، والدفع نحو سرعة تنفيذ المشروعات التنموية المشتركة، كالربط الكهربائي وخط السكك الحديدية، من أجل شعبي البلدين.
وعندما تعرض السودان لفيضانات مدمرة في سبتمبر2020، أعلن الرئيس السيسي التزام مصر بدعم السودان والوقوف إلى جانبه في الأزمات؛ وتقديم كل سبل الدعم للأشقاء في السودان خلال تلك الأزمة؛ وهو ما جرى تطبيقه عمليًّا بإرسال مصر المساعدات اللازمة إلى السودان.
وفي 8 مارس 2020، تلقي الرئيس السيسي اتصالاً هاتفيًّا من الفريق عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني، وقد أكد الرئيس خلال الاتصال على متانة الروابط التاريخية المتأصلة بين مصر والسودان، فيما أشاد البرهان في هذا السياق بالدعم المصري غير المحدود للحفاظ على سلامة السودان واستقراره ومؤازرته للنجاح في المرحلة الانتقالية الراهنة.
وفي 25 أكتوبر 2018، قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة رسمية إلى الخرطوم، واستعرضت القمة بين الرئيسين سبل تعزيز علاقات البلدين في كافة المجالات وجعلها نموذجًا للتعاون والتكامل في العالمين العربي والإفريقي، فضلًا عن تركيزها على قيام مشروعات كبرى في مجالات الربط الكهربائي والحديدي وعبر وسائط النقل الأخرى إلى جانب الأمن الغذائي والبنية الأساسية والصناعة والتجارة والاستثمار ومجالات الثقافة والتعليم وغيرها.
العلاقات الاقتصادية
شهدت العلاقات الاقتصادية المشتركة بين مصر والسودان زخما شديدا منذ تولي الرئيس السيسي زمام السلطة في مصر فعلي سبيل المثال في أغسطس 2014، افتُتِح معبر أشكيت – قسطل الحدودي بين القاهرة والخرطوم، الذي يسهم في نقل صادرات السودان عبر مصر إلى الأسواق الأوروبية بجانب أهميته في زيادة تنمية الصادرات المصرية بالأسواق الإفريقية المجاورة للسودان خاصة دول شرق وغرب ووسط إفريقيا؛ كما سيدعم التقارب والتنسيق بين البلدين في مواجهة التحديات الكبيرة التي تخص الأمن القومي للبلدين، كما جرى توقيع 12 اتفاقية بين البلدين في عام واحد هو 2018 ووضع برنامج تنفيذي لتعزيز التعاون بين البلدين في العديد من المجالات، والتي تم الاتفاق عليها خلال أعمال اللجنة الرئاسية المصرية السودانية المشتركة بالخرطوم في دورتها الثانية.
وفي شهر نوفمبر 2020 أعيد تشكيل الجانب المصري من المجلس بهدف تعزيز التعاون المشترك مع دولة السودان الشقيقة على المستويين التجاري والاستثماري، وتوسيع نطاق التعاون بين البلدين لمستويات متميزة تسهم في تحقيق المصلحة المشتركة لاقتصادي البلدين على حد سواء.
وبلغ حجم الاستثمارات السودانية فى مصر نحو 95.1 مليون دولار في 2018، أبرزها كان فى مجالات الثروة الحيوانية والصناعة والعقارات بإجمالي 315 شركة، في حين يقدر حجم الاستثمارات المصرية بالسوق السودانية بنحو 10 مليارات و100 مليون دولار، طبقاً لإحصاءات عام 2017، وتوزعت الاستثمارات على 229 مشروعًا وخلال عام 2019، تشير الإحصاءات إلى أن الميزان التجاري بين البلدين قد حقق فائضًا لصالح مصر بلغ 260.7 مليون دولار.
ومن أهم المشاريع المشتركة بين البلدين التي جاءت ثمرة دعم الرئاسة بناء الطريق الساحلي بين مصر والسودان بطول 280 كيلو متراً، ومشروع طريق “قسطل” و”وادي حلفا” بطول 34 كم داخل الأراضي المصرية، و27 كم داخل الأراضي السودانية، وطريق أسوان / وادي حلفا / دنقلة، وتطوير وإعادة هيكلة خطوط السكك الحديدية، لتسهيل حركة نقل البضائع والأفراد، ومشروع الربط الكهربائي بين مصر والسودان، حيث تقوم مصر بإمداد السودان بنحو 300 ميجاوات في مرحلته الأولى، بالإضافة إلى 600 ميجاوات في مرحلة لاحقة، لتصل بعد ذلك إلى 3 آلاف ميجاوات، ومشروعات إستراتيجية لاستصلاح الأراضي من بينها 100 ألف فدان في ولاية النيل الأزرق، ومشروع مصري لإنتاج اللحوم بالسودان على مساحة 40 ألف فدان في ولاية النيل الأبيض، ومشروع شركة للملاحة المصرية ـ السودانية بين ميناءي أسوان وحلفا، وذلك لنقل البضائع والأفراد والسياحة.
العلاقات العسكرية والأمنية
كان ولا يزال السودان العمق الإستراتيجي للقاهرة من حدودها الجنوبية؛ لذا ساهمت توجيهات الرئيس السيسي بتكثيف التعاون المشترك بين البلدين في المجالات كافة خاصة في المجال الأمني والعسكري فانطلقت في 14 نوفمبر 2020 فعاليات التدريب المشترك الجوي المصري – السوداني “نسور النيل 1” في قاعدة “مروى” الجوية شمال الخرطوم. وهناك العديد من العلاقات الأمنية والعسكرية جرت في السنوات السبع الماضية والتي لا يتسع المقام لذكرها.
وفي 22 نوفمبر 2020 انطلقت فعاليات التدريب المشترك (سيف العرب) بجمهورية مصر العربية بمشاركة كل من المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة الأردنية الهاشمية، ومملكة البحرين، وجمهورية السودان الديمقراطية.
وفي 3 مارس 2021، قام الفريق محمد فريد رئيس أركان حرب القوات المسلحة على رأس وفد رفيع المستوى من قادة القوات المسلحة بزيارة للسودان للمشاركة فى الاجتماع السابع للجنة العسكرية المشتركة المصرية ـ السودانية؛ حيث تناولت اجتماعات اللجنة بحث عدد من الملفات التى تدعم مجالات الشراكة والتعاون بين البلدين الشقيقين.
وفى 5/4/2021 نفذت فعاليات ختام التدريب الجوى المشترك المصرى ـ السودانى ” نسور النيل – 2″ بمشاركة عناصر من القوات الجوية والقوات الخاصة.
وأخيرًا كانت المناورات المشتركة “حماة النيل” في 31 /5 /2021 التي نفذت بمشاركة عناصر من القوات البرية والجوية والبحرية والدفاع الجوي والقوات الخاصة من الصاعقة والمظلات لكلا البلدين.
العلاقات الثقافية والتعليمية والإعلامية
يجمع الشعبين علاقات وقواسم ثقافية ودينية مشتركة تربط البلدين بعمق، لذا كان قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي بتخفيض الرسوم الدراسية بنسبة 90% للطلبة السودانيين الحاصلين على شهادة الثانوية العامة، أو البكالوريوس من السودان، أو من أي دولة أخرى إذا كان يحمل الجنسية السودانية في 30 ديسمبر 2019 تعبيرًا عن هذه العلاقات العميقة.
كما ظهر التعبير عن هذه العلاقة عندما وافقت عليه الهيئة الوطنية للإعلام المصرية على المقترح الخاص بوضع ميثاق شرف إعلامي بين الشقيقتين وهو أمر لم يكن موجودًا بالمطلق قبل مجيء الرئيس عبد الفتاح السيسي للسلطة ثم اتفق الجانبان المصري والسوداني في 2 ديسمبر 2018 على بدء تفعيل ميثاق الشرف الإعلامي الموقع بين البلدين، وتبادل الخبرات وتدريب الإعلاميين السودانيين ضمن برامج التدريب المخصصة بمعهد الإعلاميين الأفارقة بالقاهرة، كما اتفقوا على عقد مؤتمر مشترك للمثقفين والإعلاميين السودانيين والمصريين تحت اسم مؤتمر “وحدة النيل”.