مرئيات

“لا تشيلون هم” مقولة عابرة للثقافات (١)

بقلم/ د. فاطمة محمد خميس

 

حين اشتدت أزمة جائحة كورونا على الصعيد العالمي وتصدى لها زعماء الدول بردود فعل مختلفة، أرسل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان – ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة – رسالة لكافة سكان الإمارات وهي: “لا تشيلون هم”. وشدّد – حفظه الله – على صدق مقولته بأفعال استباقية أهمها دعم غير محدود لقطاع الصحة في دولة الإمارات العربية المتحدة وذلك لتعزيز رسالته المحمّلة بالأمل والطمأنينة. ولبادرة سموه صدى مع كثير من دروس القيادة المهمة لا سيما التي تتعلق بقيمة الثقة بين القادة وبين الأفراد في دائرة قيادته، وتتبع هذه القيمة فضائل يلتمسها الأفراد في قادتهم مثل الصدق، والنزاهة، والإخلاص. وتُعد الدراسات التي تتناول هذا الجانب في علوم القيادة من أعمق دراسات المجال وقليلون هم الذين يتصدون لها من البحاثة والأكاديميين وجلّهم من المشهود لهم بالتميز في علوم القيادة عموماً.
وهناك تحديات تعترض هذا النوع من الدراسات منها عدم وضوح الجانب التطبيقي فيها حيث يغلب الجانب التنظيري والفلسفي لها لا سيما وأن قضايا القيم والفضائل تتشعب إلى مسائل فلسفية وعقدية وأخلاقية ذات طابع جدلي. ومن هنا كانت الحاجة لدراسات ميدانية في هذا المضمار، ويستشرف مقالنا هذا أن مقولة “لا تشيلون هم” قد تكون رافداً غنياً لمثل هذا التوجه البحثي لا سيّما من حيث دراسة خطة إدارة أزمة الجائحة المصاحبة لها. وأيضاً فإن الدراسات حول قيمة الثقة في القيادة تفتقر إلى المبادرات البحثية التي تتناول مفهوم هذه القيمة عبر الحضارات والثقافات المختلفة وسبر أوجه فهمها المشتركة مقابل خصوصياتها بحسب كل ثقافة. فمثلاً إن تتبعنا مقولة “لا تشيلون هم” عبر الثقافة الإماراتية والعربية عموماً لهدتنا إلى الأصل في طبيعة الشخصية العربية القائمة على الجلَد في مواجهة تحديات بيئته الصحراوية. ومنها أيضاً ارتباط تلك الشخصية بالأمل في الاستقرار وإن كان ارتباطاً متجدداً بحكم الطبيعة الصحراوية المتحولة وفق تواجد المياه والكلأ.
مثل هذه الملاحظات التنظيرية المبدئية قد تبدو من المسلمات للقارئ العربي ولكنها تفتح آفاً من التنظير المقارن لغير العرب لا سيّما في مضامير البحث العلمي أو المجاميع المهتمة بفهم طبيعة الشخصية والحضارة العربية. ويلتمس المفكرون الغربيون حالياً حاجة متزايدة لمثل تلك المقارنات العلمية بعد عقود طويلة من تفردهم بقيادة البحث العلمي. لتتعالى بينهم دعوات لتجديد منابع دراساتهم وإلا بهت زهو أفكارها وتضاءلت فعاليتها في فهم وحلّ القضايا الشائكة،، وللمقال بقية…

fmka@diwanlrc.com

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى