مرئيات

الشاعر الراحل أحمد الدوقراني يتذكر حياة الماضي في الريف الأردني وجده الشاعر الدوقراني

*التراث والأدب العربي ما هما إلا نتاج تاریخ يتحدث عن القيم والمبادىء والعادات والتقاليد والعراقة العربية الأصيلة وكيفية الحياة التي عاشتها أمتنا في الزمن الغابر بما في ذلك المصاعب والتحديات التي واجهت الفرد والانسان بذاك الزمن الغابر.

والأستاذ الراحل الشاعر أحمد الدوقراني من الباحثين المختصين في التراث والأدب الشعبي القديم وخاصة عن الشعراء الكبار وأحداث حياتهم الاجتماعية وظروف معيشتهم. وهو مؤلف ديوان الشاعر إبراهيم الدوقراني الذي جمع فيه ما يقارب المائتين قصة وقصيدة من التراث والأدب الشعبي في الريف الأردني الممزوج بالأحداث والوقائع التاريخية الشهيرة . والأستاذ أحمد الشاعر الدوقراني من الشعراء المعروفين بإضافة اللمسات التراثية القديمة في القصيدة الشعبية الحديثة وهذا ما نلمسه من خلال اطلاعنا على مجموعة من القصائد الشعرية التي أبدع فيها . حوارنا مع الشاعر أحمد الدوقراني – أبو خالد رحمه الله ، كان قد تركز عن الشاعر جده القديم إبراهيم الدوقراني وقصصه وأشعاره القديمة .

*القصة في التراث والأدب الشعبي

من المعروف ان الأدب والتراث الشعبي يزخران بالعديد من القصائد والابداعا ت الجميلة ويزخر كذلك بالقصص التراثية المجيدة التي تروى مسار امتنا وتاريخها السابق أضف الى ذلك أن القصة الشعبية هي مزيج من الواقع والخيال وهي بمثابة المثل او الحكمة المتداولة بين الناس ولا غنى لمجتمع عنها والمعروف أن جميع المجتمعات العربية والخليجية والمحلية بالإمارات تتشابه في الكثير من القيم والمبادئ والأعراف وإن دل هذا فإنما يدل على التواصل الفكري والإنساني بين أبناء المجتمع الواحد .

*الشاعر الدوقراني قصصه وأشعاره

ولد الشاعر الدوقراني في بلدة ريفية بالأردن الشقيق تسمى دوقرا في عام 1830
تقريبا ان لم تكن في ذلك الوقت قیود احصائيان وتوفي في عام 1927
وعاش ما يقارب مائة عام بين اهله وعلمته الحياة بطبيعتها البدوية والريفية المفعمة بالخلق الجميل والمنقوشة بنعمة حب الوالدين ، والوفاء بالوعد وأداء الواجبات الإنسانية لم تكن الحياة سهلة وميسرة بل كانت حياة شاقة وصعبة في جميع نواحيها وعاش في زمن فقر وعدم لا يحصل فيه الناس على لقمة العيش إلا بمشقة ومعاناة وعذاب يناصرون الحق ويرفضون الجور والذل والهوان.
وعاش مع قومه الذين كانوا ذوي أمانة وشرف رحيما بينهم . كان الريف البدوي مجتمع الشاعر يحيى بالربيع وبالعزة والخضرة والماء وفي الخريف تذبل الأوراق الخضراء وتتساقط بعد الجفاف وهكذا كانت الحياة تدور بأحداثها ووقائعها .
وللشاعر الدوقراني قصائد نصح حيث ينصح ولده ويحثه على الصبر وأخذ الحيطة والحذر في اختيار الزوجة المناسبة صاحبة الذوق الرفيع والجمال البديع والفكر الواسع والحصن المنيع حيث يقول :

أوصيك يا محمود صون الوصية
أياك تاخذ من بنات المهاميل
بنت النذل لا تقربه جيد نيه
عوفه ولو كزت عليك المراسيل
بدي بنات العم عن الاجنبيه
ترى الجدي ما تنفعه فزعة سهيل

وقال الشاعر في هذه القصيدة :

وتغزل بفتاة جميلة كانت تعيش في منزل إخوتها بعد أن طلقها ابن عمها شابة فكانت
تألف الشاعر وتعتبره والداً لها لأنها حرمت من حنان الوالد واعتبروا الناس حبها للشاعر الأبن حب عشق يؤمل بالزواج وذات يوم جاء رجل يطلب يدها من إخوتها
فدعي الشاعر لحضور عقد الزواج فإذا به يفاجأ بأن مهرها لا يساوي شيئاً بالنسبة للعادات والتقاليد السائدة في هذا المجتمع ، فأراد الشاعر أن يجعل لها وزناً أكبر ولكنها أسرعت بالإجابة وقالت انني أريد الزواج من هذا الرجل ولو بدون مهر فلا داعي لأحد ان يتدخل بالموضوع عندها نظم قصيدة لتأثره بهذا الموضوع قال فيها:

من باعنا بالرخص بعناه ونشري
برخص ثمن بعناك تالي البضاعات
أوصيك لا تودع مع البيض سري
مطوي ضمائر هن على الشرفتنات
مثل الحرابي يوم بالقاع تسري
مثل الحرابي تلسع بصيفات

*قصة وقصيدة

في عام 1865 أصاب البقر مرض في قرية دوقرة وقضى على الأبقار ولم يبق في القرية سوی عجل مريض ويطلقون عليه اسم خنخون يملكه الشاعر وبما أن الناس كانوا آنذاك يعتمدون كل الاعتماد على الحيوانات في الزراعة لعدم وجود آلات زراعية كعصرنا الحاضر فكان لذاك المرض أثر بليغ في نفوس الناس من حزن وتوجع وبما أن الشاعر أحد أفراد القرية تأثر وقال هذه القصيدة :

يارب ياللي منك الخلق يرجون
نرجاك نطلب العفو بوشنا راح
راح الحلال وحل بالبقر طاعون
طعنة يصيبه صیب زرفات لرماح
الان يحرث بالبقر حرث زیتون
لى الحوالي والبكاكير مسطاح
تحدي برق لهن فحل مزيون
ياحليلهن لا روحن عقب مسراح

*
كانت السهرات بذاك الزمان تتناقل تلك الأشعار مثل الانخاب التي تفرغ من محتواها وتظل حموضتها معلقة في فضاء المضافات ، أي المجالس.
علينا أن نتحلى بالصبر الذي غادرنا مع تسارع الأحداث المفصلية علينا.
لكنها فرصة لتذوق الشهد الذي يكمن في كل الفنون.
لاستيعاب الشعر الشعبي علينا أن نسقط بعض التقاليد التي كانت تهيمن على روح الناس آنذاك للوصول إلى جوهر الفن فيه. وعلينا أن نقارب اللهجة المحكية للقصائد.
فمن تقاليد الشعر الشعبي آنذاك المقدمات الشعرية؛ وهي مبتدأ الدعاء والتضرع لله بالتوفيق وبالصلاة على رسوله الكريم، ومن ذلك أيضاً نهايات القصيدة بنفس الأدعية.
وعند الشاعر الفذ تختلف صياغات هذه المقدمات بحسب موضوع القصيدة ذاتها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى