قبل تجديد ملكية السيارة ، عرجت على ورش غسيل السيارات ما أن لمح (المغسلون) السيارة حتى لاحوا إلي مع إشارة بأيديهم لدخول المحطة، كما هي حال (عزومة المراكبي) أو الحوز على (غنيمة) كل يريد الفوز بسبق الغسيل، احترت أيهم أقدم وأحجم وعدلت عن تلك (الغسلة) وعزومة المراكبي) مردداً المثل العربي الشهير الذي أطلقه جحا سابقا ( الهروب ثلثين المراجل)
وها اذ أراني اعرج على ورشة ميكانيكية – كهربائية لتبيان علة في السيارة التي ترتجف إذا ما دار (المحرك.).وكونى لم أحظَ (بالعزيمة المراد إياها) حيث تم فتح الغطاء الأمامي للسيارة وسرعان ما طُلب مني الميكانيكي تشغيل المحرك ففعلت مع (دوسة بنزين) ثم أردف قائلاً: ضع محرك الغيار على نقطة (أن) ثم أعقبها إلى نقطة (بي) مع دوس بترول بشده حيث سُمِعْ زعيق كأنها استغاثة أو إجارة من حريق هائل.. وسرعان ما (بند) المحرك مع استعمال (الهاند بريك) وإذا يفاجئني الميكانيكي ان الدخان المنبعث من العادم يتطاير كأنه قطع الليل المظلم الحالك ، ولا مندوحة من تنظيف (الكربريتر الانجكتور) عندها ستنطلق السيارة كأنها حصان طروادة وان التكلفة النهائية بعد التداول مبلغ وقدره…. وتستغرق تلك العملية ساعتين الى ثلاث ساعات بالتمام والكمال . وأصبح تكلفة غسيل السيارة أضعاف مضاعفة جراء الإقدام والإحجام والتردد الذي أصابني .واعتبرت أنني حقا ادفع ثمن (العزيمة) بكرم وسخاء..كما هو حال الماء المنبعث والسائل كنهر منهمر من سيارات الغسيل حيث يضيع أكثر هدراً ومذراً.
نعم. هاي هي الشمس على وشك الأفول وغسيل السيارة قد ضاع وقته ولا مجال للغسيل.. و ظللت أراقب هذا الميكانيكي طوال فترة تلك العملية التنظيمية ( التوليفية) كأنني ظله أو ظليلة أو المشرف المسؤول عنه واخذت استنشق رغما عنى غباراً متطايراً لوث المكان والهواء والأجواء ، ظننت ذلك صدى الغبار الأسود المنبعث من العادم وإذ يتكاثر ذاك الغبار يشكل لوناً من الغيوم المتماوجة الملونة برائحة تدعو للغثيان والقيء
أصبت بدوار في رأسي وغثيان في أثقل توازني.. وبدأ اسعل اطراداً ..ترجلت الى الأمام وانظر حولي ومكان انبعاث الدخان الكثيف الملون . يا للهول ويا للمفاجأة !!! ورشة صبغ وسمكرة في الهواء الطلق اذ احد العاملين يمسك خرطوما يمطر السيارة بسيل من الدخان الكربوني الملون ، على سيارة بعد ان أخفى معالمها بورق الجرائد وبدت مطموسة المعالم لا هي السيارة ولا هي صندوق خشبي يظهر طوله من عرضه فلا يرى إلا مجسمٌ مضمد مسجى لا حراك فيه ولا روح… رجعت القهقري مقهوراً متسائلاً كيف لهذا العامل أن يسمح لنفسه إيذاء الناس والمارة والغير والجيران بهذا الدخان المضر الكثيف رغم ان يضع كمامة (كوفيد 19) على وجهه وأنفه متجاهلاً الصحة العامة وأوامر البلدية حيث ان فعلته تلك في الهواء الطلق كسرت الهواء ولوثت الأجواء واجترحت طبقة الأوزون الزرقاء أملا ان يتم إرشاد كافة محطات غسيل السيارات على اختلافها وتنوعها خاصة قطرة ماء واحدة تنعش الزرع والضرع ، أما الهواء الملوث الناتج عن صبغ وسمكرة السيارات في الهواء الطلق فهي بعيدة عن أصول المهنة وتجلب أضراراً بيئية عديدة.