مرئيات

جامع الشيخ زايد الكبير: رؤية قيادية لتواصل الحضارات

بقلم / د. فاطمة محمد خميس

يتهافت الكثير من زوار دولة الإمارات العربية المتحدة على رؤية الأنماط المعمارية المتنامية في مدنها ومن أبرزها جامع الشيخ زايد الكبير في إمارة أبوظبي. والجامع الكبير يجسّد حلم الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان – طيب الله ثراه – في بناء صرح يترجم قيم السلام والتعايش في الإسلام. وقد تابع غفر الله له مرحلة التصميم بأناة وحكمة ورؤية عالمية فريدة والتي استغرقت الفترة الزمنية بين عامي 1986 و1996. وحرص خلالها على جمع الخبرات المعمارية والرؤى الفنية من شتى أنحاء العالم ليتبلور هذا المعلم المعماري الحضاري وفق توجيه قيادي ذكي يعزّز قيم الإسلام الخالدة رحمة وعدلا.
ويتولى مرشدون مُدَربون إرشاد زوار الجامع إلى تلك اللمسات المعمارية والرموز الثقافية الجامعة وكيفية تتويجها بسمات العمارة الإسلامية بإبداع فريد وفق توجيه مباشر من الشيخ زايد طيب الله ثراه. ولا تخل شروحهم من سرد لمسات قيادية إنسانية له ومنها على سبيل المثال إحياء تقنيات معمارية كانت في سبيلها للاندثار من خلال استضافته لخبرائها وحِرفيها وتمويلهم للمساهمة في بناء جامعه الكبير مما جدّد الطلب عليها في سوق العمارة. ويتجذر هذا البعد الإنساني في قيادة المغفور له في سمة عربية أصيلة تعود إلى ما قبل الإسلام حيث اعتادت القبائل بدافع نجدة الضعيف أو تعزيز قوتها على احتواء الغريب – لا سيما من يستنجد بها – وتعزيز قيمته كإنسان وحقه في حياة كريمة.
وما الجامع الكبير إلا أحد المعالم المعمارية التي تبهر زائري الدولة والذين لهم تأملات مختلفة لا سيما في تصاميم صروحها الحديثة. ولربما تستحق بعض هذه التأملات وقفة منا، فمثلا يصف أحد الزوار هذا التنامي المعماري بلوحة “فسيفساء معمارية” موضحاً أن ما يراه هو تآلف جامع لإبداعات معمارية متباينة مشيرا بذلك إلى الجذور الثقافية المختلفة وراء تصاميمها. ويصف زائر آخر عجبه من الأشكال الهندسية في المباني الحديثة في الدولة وهو المعتاد على الارتفاع كسمة معمارية طاغية في منطقته الجغرافية وهي أوروبا. ولذلك فهو يعبّر عن ذهوله لرؤية الأشكال الهندسية المتنوعة في مبان مثل متحف اللوفر ومبنى الدار في أبوظبي ومبنى أوبرا دبي وغيرها. وتعليق ثالث لزائرة أوروبية تقول إن السائح اعتاد على البحث عن الأنماط التاريخية للعمارة كالعمارة الفيكتورية أو عمارة عصر النهضة في أوروبا مثلا، أو تاج محل في الهند ولكن استكشاف العمران الحديث في دولة الإمارات أصبح يدفع السائح إلى التأمل في المستقبل وهذه ظاهرة غير مسبوقة على حد قولها.

fmka@diwanlrc.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى