المعلومات الأمنية والميراث الرقمي …

بقلم / عادل عبدالله حميد

يعتمد نجاح الحكومات والمؤسسات بشكل عام، والشرطة والأمن بشكل خاص على حوكمتها وإدارتها للمعلومات والبيانات ؛ وتوظيفها بالشكل الأمثل لدعم صناع القرار . وتعتبر المعلومات ( المتعددة والمتنوعة) عصب الحياة والعمود الفقري للجهود الشرطية والأمنية الفعالة والمتواصلة، وتكمن فاعلية النجاح في قراءتها بالشكل الصحيح، وترجمتها إلى الخطط الاستراتيجية والتكتيكية والتشغيلية أو التنفيذية بما يساهم في تحقيق المواءمة وتحقيق الروىء والرسالات والغايات والقيم التي تهدف إليها المؤسسات.

وحول الحديث عن المعلومات الشرطية والأمنية ومفاهيمها وأطرها وآليات التعامل معها ؛ فأنه يجب الحرص على إن يكون إدراك المعلومات والمعرفة بها قائمه على أسس وتعاليم الدين الحنيف وقيم المجتمع والثقافات الموروثة ، حتى تكون تعاليم الدين الحنيف هي القيم الحاكمة والمنظمة لعمليات جمع المعلومات وتحليلها وتأمينها.

أما الحديث عن المعلومات الإلكترونية؛ والتي تتكون من المعلومات التي يمكن جمعها من وبواسطة القنوات الفضائية، ووسائل التواصل الاجتماعي، وأجهزة الحاسب الآلي، والبريد الإلكتروني والكاميرات الذكية. فلقد وفر التطور في تقنيات المعلومات والاتصالات وملحقاتها من الأجهزة والمعدات الفنية الذكية الدقيقة فرص قيمة للحصول على المعلومات الإلكترونية الغزيرة والمنتشره في الفضاء والمنقولة عبر أجهزة الاتصالات والمخزنة في كثير من المستودعات الإكترونية للمعلومات. وفي ظل هذا الانتشار الواسع للمعلومات وانفتاحها على العديد من القنوات وسهولة القرصنة عليها بما يسمى – الجرائم السيبرانية Cybercrime – ظهرت اهمية اللغات الخاصة وصناعة التشفير وابتكار الرموز التي تضمن سلامة المعلومات وسريتها بما يسمى – الأمن السيبراني Cybersecurity – وبالمقابل نجد جهود مضاده تبذل هنا وهناك لفك الرموز والشفرات Code-Breakers  واختراق الأجهزة وقنوات المعلومات الأمنية۔

ويعنى جمع هذا الكم الهائل من المعلومات والبيانات ومنها البيانات الرقمية Digital data بالضرورة إلى دراستها وتحليلها بالمنهج العلمي، ووضع نتائجها المقرونة بآليات التنفيذ أمام متخذي القرار الشرطي والأمني في الزمان والمكان المناسبين بالقدر والكفاءة التي لا يتطرق إليها الشك أو يشوبها التأويل، وبما يضمن  تحقق الأهداف التالية:

– قراءة حالة الأمن في الماضي والحاضر والتنبؤ بالمتغيرات المستقبلية والاستفادة من الذكاء الاصطناعي Artificial  intelligence (AI) لأتمتة عمليات صنع القرار .
-إحداث نقلة نوعية في إدارة الأمن باعتماد البحث العلمي أسلوبا لاتخاذ القرارات الأمنية.
-رسم السياسات الجنائية والاستراتيجيات والخطط الأمنية في ضوء معطيات واقعية ملموسة قابلة للقياس.
– النظر إلى الإجراءات والتدابير الأمنية في سياق التنمية بمنظور اقتصادي له حسابات التكلفة ومعادلات الربح والخسارة.
-تأكيد اعتماد البحث العلمي نهجا لاتخاذ القرارات ورسم السياسات العامة.

إن في قصص القران الكريم وما تضمنتها من كيد الكائدين ومكر الماكرين وصفات المجرمين مؤشرات ونماذج مفيدة لنا في عمليات الأمن ومعلوماته. فالقصص والأمثلة التي ضربها القران الكريم ليست مجرد علوم أو معارف سابقة بل هي للتعلم والاستفادة منها على مر العصور والأزمان بالقياس والإستدلال۔  ونأمل أن يكون للعلماء والفقهاء الأكثر علماً ومعرفة مساعدة رجال الأمن في شرح وبيان الآيات القرآنية الكريمة وأسباب نزولها وطرق تطبيقها على المجرمين والمارقين على القانون في عصرنا هذا الذي أصبح فيه الفكر المنحرف سلاحاً يفتك بالأمة الإسلامية.

نأمل من العاملون في مجال المعلومات الأمنية بمختلف مصادر المعلومات السرية منها والمفتوحة أن يتأملوا في آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة كمصادر للمعلومات، مع العناية بكافة المصادر والقصص والأخبار وغيرها من البيانات التي يطلقها الانسان، مكوناً ما يعرف بالبيانات الكبيرة Big Data والتي تمكنهم من الاسترشاد والاستنباط عبر المعلومات المفيدة لهم في كافة مناحي الحياة.
ويشمل ذلك أيضاً كيفية وأحقية الاستفادة من الميراث الرقمي – digital inheritance
وما يحتويه من معلومات، وبيانات، وملفات (صوتية ومرئية)، وسجلات ووثائق وغيرها ؛ وصولا إلى ما يعرف بالتحقيقات الرقمية وهي الإجراءات القانونية لفحص الحاسب الآلي وملحقاتهّ، أو أية أوعية أخرى تخزن فيها الملفات الرقمية ومن ثم استرجاع محتوياتها الرقمية وتحليلها واستنباط الأدلة الرقمية منها بهدف استخدامها في العدالة المدنية ، الجنائية ، الشرعية أو الإدارية.
وجدير بالذكر أن تعريف ” الميراث الرقمي ” بحسب موقع ويكبيديا: هو عملية تسليم الوسائط الرقمية (الشخصية) بعد الوفاة؛ في شكل أصول وحقوق رقمية للمستفيدين (البشر). وهو موضوع يكاد أن يكون شائك في التطبيق ويحتاج إلى كثير من الدراسات ( فقها وقانونا ) ولكن في ذات الوقت هو موضوع في غاية الأهمية لا يمكن إنكاره ولا يجب إغفاله طالما نعيش ونتكيف مع التقدم التكنولوجي ولطالما نعي ونقدر أهمية المعلومات بالنسبة للجهات وصناع القرار .

ونخلص مما تقدم إلى القول بأن المعلومات الأمنية هي: الأخبار والحقائق والبيانات (الرقمية) ذات العلاقة بالجريمة والمجرمين والضحايا والأماكن والأشياء المتعلقة بالجريمة التي تمت معالجتها وتنظيمها وتحليلها للحصول على النتائج المحددة، والتي يمكن استخدامها في اتخاذ القرارات ورسم السياسات وترشيد الاتجاهات.

كاتب وباحث إماراتي
عضو اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات