مرئيات

تداخل التخصصات وتطوير البحث العلمي

بقلم: د. فاطمة محمد خميس

يعتبر قطاع التعليم العالي إحدى القطاعات الأكثر نموا في دولة الإمارات العربية والمنطقة عموما، فقد أصبح هذا القطاع يقدم كافة التخصصات العلمية تقريبا لا سيما المطلوبة منها في سوق العمل الحالي. وأصبحت دولة الإمارات تحديدا مقصدا لكثير من شباب المنطقة الذي يرغب في إتمام الدراسة الجامعية أو مرحلة الدراسات العليا لكفاءة جامعاتها سواء منها المحلية أو الدولية العريقة التي اختارت الدولة مستقرا لفرع لها. وممّا يميّز تلك الجامعات هو توفيرها للتخصصات المتنوعة كالطبيعية التي تدرس الجوانب الفيزيائية للظواهر الطبيعية من حيث التجربة والتطبيق. وكذلك التخصصات الاجتماعية والإنسانية التي تدرس الظواهر البشرية والاجتماعية من حيث علاقاتنا البشرية وتجاربنا كأفراد في المجتمع وفهم سلوكياتنا وتصرفاتنا.
ولا يعني اختلاف التخصصات من حيث نوع العلم أو المنهجية عدم دمجها علميا في بحث علمي واحد بل إن العولمة والثورة التقنية أدت إلى تعرّف العلماء على قضايا جديدة تستدعي منهجيات علمية غير تقليدية ومن هنا برز ما يُعرف بالتخصصات البينية. بمعنى أن الباحث يعتمد في بحوثه على الدمج النظري والعلمي لتخصصين أو أكثر لتحقيق الأهداف العلمية من دراسته. ولا شك أن إنتاج المعرفة في ظل التخصصات البينية يتطلب ملكة ابتكار لدى الباحث لتطوير رؤى مدارس البحث التقليدية وخلق نوع من التكامل بين تلك الرؤى ومناهجها البحثية. ولعل إحدى الأمثلة الرائدة في تبنى التخصصات البينية في جامعات المنطقة ما قامت به جامعة الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية من جعل تخصص “المياه” تخصصا مشتركا بين كليات ثلاث وهي: كلية الهندسة وكلية الأرصاد وكلية علوم الأرض.
وتعتبر علوم القيادة مثالا آخرا على التخصصات البينية حيث تتفرع علومها بين تخصصات مختلفة مثل علوم الاجتماع وعلم النفس وعلوم التاريخ والأديان والفلسفة والأنثروبولوجيا وغيرها. ومن شأن معرفة هذه الخاصية لعلوم القيادة أن تمنع اللبس الذي يحدث عند البعض حين تطرح مواضيع القيادة في مجالات شتى ومتداخلة مما قد يجعلهم يتصورون عدم وضوح التخصص العلمي للقيادة. وإن كان التلازم القوي حاليا بين علوم القيادة والعلوم المؤسسية يحدد ملامح واضحة لديناميكيات القيادة المؤسسية في بعض جوانبها الإدارية، ولكن تبقى هناك جوانب أخرى لعلوم القيادة لا يمكن تقصيها بحثا إلا من خلال المنهجية البينية وذلك بحسب عزيمة الباحث واجتهاده في فهم هذه الظاهرة الإنسانية الفريدة في حياة البشر.

fmka@diwanlrc.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى