تحفظ إثيوبي وترحيب مصري وسوداني بعد بيان مجلس الأمن لاستئناف المفاوضات بشأن سد النهضة
نيويورك/ القاهرة (د ب أ)-
بعد أكثر من تسعة أسابيع على جلسته التي بحث فيها أزمة سد النهضة الإثيوبي ، أصدر مجلس الأمن الدولي بيانا رئاسيا بالإجماع حث فيه أطراف الأزمة الثلاث ، مصر وإثيوبيا والسودان ،على استئناف المفاوضات، بدعوة من رئيس الاتحاد الإفريقي، بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزم للجميع، وعلى وجه السرعة، بشأن ملء وتشغيل السد ، “ضمن إطار زمني معقول”.
وجاء هذا البيان الرئاسي، عقب جلسة للمجلس الأربعاء بعنوان “السلام والأمن في إفريقيا”.
وأشار البيان إلى اتفاق إعلان المبادئ بشأن سد النهضة المبرم بين البلدان الثلاثة في 23 آذار/مارس عام 2015 .
وشجع مجلس الأمن المراقبين الذين تمت دعوتهم لحضور المفاوضات، التي يقودها الاتحاد الإفريقي وأي مراقبين آخرين قد تقرر مصر وإثيوبيا والسودان، دعوتهم، بشكل توافقي ومشترك على مواصلة دعم المفاوضات، بهدف تيسير حل المشاكل الفنية والقانونية العالقة.
ودعا المجلس الدول الثلاث إلى المضي قدما “بطريقة بناءة وتعاونية، في عملية المفاوضات التي يقودها الاتحاد الإفريقي”.
وأكد أن هذا البيان “لا يحدد أي مبادئ أو سابقة في أي منازعات بشأن المياه العابرة للحدود”.
ورحبت مصر بالبيان الرئاسي ، وقالت وزارة الخارجية المصرية إن صدوره يأتي “تأكيداً للأهمية الخاصة التي يوليها أعضاء مجلس الأمن لقضية سد النهضة، وإدراكاً لأهمية احتواء تداعياتها السلبية على الأمن والسلم الدوليين، ولمسؤوليتهم عن تدارك أي تدهور في الأوضاع ناجم عن عدم إيلاء العناية اللازمة لها”.
وأضافت الخارجية المصرية :”على ضوء طبيعته الإلزامية، إنما يمثل دفعة هامة للجهود المبذولة من أجل إنجاح المسار الإفريقي التفاوضي، وهو ما يفرض على إثيوبيا الانخراط بجدية وبإرادة سياسية صادقة بهدف التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزِم حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة على النحو الوارد في البيان الرئاسي لمجلس الأمن”.
ومن جهته ، أعرب السودان عن تطلعه لاستئناف العملية التفاوضية تحت قيادة الاتحاد الإفريقي في أقرب الآجال ، مشددا في الوقت ذاته على ضرورة أن يتم تغيير المنهجية “غير الفاعلة” التي اتسمت بها جولات التفاوض الماضية.
وقالت وزيرة الخارجية السودانية مريم الصادق المهدي إن الأطراف مطالبة بمستوى عال من الإرادة السياسية في إطار من المسؤولية والجدية للوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن ملء وتشغيل السد.
وفي تصريحات صحفية حول زيارة كريستوف لتوندولا وزير خارجية الكونغو الديمقراطية ، رئيس الاتحاد الإفريقي في دورته الحالية ، للخرطوم أمس الأربعاء ، أعربت الوزيرة السودانية عن تقديرها للدور الذي يضطلع به الرئيس الكونغولي فليكس تشيسكيدي لإيجاد حل للنزاع القائم بشأن بسد النهضة ، وأوضحت أن السودان يشارك بحسن نية في جولات التفاوض بهدف الوصول إلى اتفاق يحفظ مصالح الدول المشاطئة ودولة المنبع على حد سواء.
وجدد السودان دعوته لقبول عملية الوساطة المعزّزة بقيادة الاتحاد الإفريقي لمساعدة الأطراف على التوصل لاتفاق مرضٍ لأطراف العملية التفاوضية الثلاث.
ووصفت مريم الصادق المهدي مواصلة إثيوبيا عملية ملء السد دون اتفاق بأنها تعنت “لا يليق بدولة تحترم سيادة جيرانها وتحافظ على مصالحهم” ، مضيفة أن “مواصلة الملء دون اتفاق يمثل تهديداً مباشراً لمصالح السودان”.
من جانبه ، قال لتوندولا إن الرئيس الكونغولي عازم على مواصلة مجهوداته لإيجاد حل لأزمة سد النهضة ، تحقيقاً لشعار الاتحاد الإفريقي “حلول أفريقية للمشاكل الإفريقية” ، وأوضح أن جولته الحالية في الدول الثلاث أطراف الأزمة تأتي “في إطار التشاور وتلمس المواقف مواصلة للمفاوضات التي عقدت في (نيسان) أبريل الماضي في كينشاسا”.
وسلم الوزير الكونغولي نظيرته السودانية وثيقة أعدها فريق خبراء مشترك من الرئاسة الكونغولية ومفوضية الاتحاد الإفريقي تتضمن تلخيصا للنقاط المتفق عليها بين الدول الثلاث والنقاط التي لا تزال خلافية بغرض دراستها والرد عليها حتى يقوم الخبراء بدراستها والعمل على محاولة تقريب المواقف وصولا لاتفاق يرضي جميع الأطراف.
يأتي هذا بينما أعلنت إثيوبيا أنها لن تعترف بأي مطالبات قد تثار على أساس البيان الرئاسي لمجلس الأمن.
واعتبر مندوب إثيوبيا لدى الأمم المتحدة أن المجلس أصدر بيانه “في صيغة غير ملزمة قانونيا”، وأضاف أن “البيان اتخذ الموقف الصحيح بإحالة الأمر إلى الاتحاد الإفريقي”.
وقال المندوب الإثيوبي إن المجلس أكد أنه ليس المكان المناسب للنظر في النزاعات بشأن المياه العابرة للحدود.
وهاجمت إثيوبيا موقف تونس الذي أفضى في نهاية الأمر إلى صدور بيان مجلس الأمن ، واعتبرت الخارجية الإثيوبية في بيان رسمي أن “تونس ارتكبت خطأ تاريخيا بدفعها نحو طلب موقف من مجلس الأمن”.
وشددت الخارجية في بيانها على “أن زلة تونس التاريخية في تقديم بيان المجلس تقوض مسؤوليتها الرسمية كعضو مناوب في مجلس الأمن الدولي على مقعد أفريقي”.
كما أعربت أديس أبابا عن أسفها لبيان المجلس بشأن القضية “كونها خارج نطاق ولايته”.
وبينما يرى مراقبون أن بيان مجلس الأمن حقق لمصر والسودان ما أرادتاه من خلال التوجه إلى الأمم المتحدة ، يرى فريق آخر أن المجلس تخلى بهذا الموقف رسميا عن نظر أزمة النهضة، واعتبرها قضية فنية فقط رغم خطورتها ، لتظل الأزمة مفتوحة على كل الاحتمالات.
جدير بالذكر أن البيانات الرئاسية لمجلس الأمن تصدر عن رئيس المجلس بعد إجراء مشاورات، ولا يستخدم حق النقض (فيتو) ضدها. ويعتمد البيان الرئاسي في جلسة رسمية ويصدر باعتباره وثيقة رسمية من وثائق المجلس.