إكسبو 2020: قوة التميز والانتماء (2)

بقلم / د. فاطمة محمد خميس

تشجع قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة الكوادر الشابة المقيمة على أرضها على المشاركة في إكسبو 2020 إيمانا منها بأن مثل هذا التشجيع كفيل بتحفيز المواهب المتباينة لدى تلك الكوادر وبالتالي خلق طاقات تميّز وإنتاجية تعزّز نجاح الحدث. فهذه المواهب التي تتنوع من حيث الثقافة والهوية والجنسية والعِرق، تتوحد في شعورها بالانتماء للإمارات. إن إتاحة فرص المشاركة لتلك الكوادر الشابة – على كافة أطيافها – للمساهمة في فعاليات حدث عالمي كحدث إكسبو 2020 مدعاة تنظير جديد في الرؤى القيادية لدولة الإمارات العربية المتحدة. فمن الممكن تنظير هذه الفرص من منطلق مفهوم الموازنة بين قوتي التميز الشخصي لدى الفرد وحاجته للانتماء في الوقت ذاته كسمة من سمات القيادة الاحتوائية (Inclusive Leadership).
وفي كتاب صُدر حديثاً بعنوان “فعل الاحتواء: قوة التميز والاحتواء لبناء فرق عمل مبتكرة” ترصد الباحثة في علوم المؤسسات “ستيفاني كيه جونسون” التميز والانتماء كنداءين فطريين لا بد من احتوائهما في بيئات العمل المتباينة. وتبيّن الباحثة أن التنبه للحاجة للانتماء كفطرة إنسانية متأصلة من أهم مزايا القائد الذكي، وامتداده الأهم هو التنبه لمسببات الإقصاء الاجتماعي وتفاديها لضمان استمرارية العمل والإنجازات والنجاح. ومن المختصين من يحذّر من مساوئ الإقصاء الاجتماعي والأذى الذي تسببه لمن يتعرض له بقصد أو بدون قصد في بيئة عمله. ويحاول البعض – بحسب الباحثة – تعيين الأفراد الملائمين لتوجهات المؤسسة تفاديا للحصول على أفراد غير سعداء نتيجة شعورهم بالإقصاء الاجتماعي. ولكن بالمقابل تفتقر مثل بيئات العمل تلك إلى التنوع الذي يمثل دافعاً أساسياً للابتكار والتنويع والازدهار. وعليه تقترح الباحثة بديلاً وهو أن يعمد القادة إلى خلق مساحات للاحتواء حيث يجد الأفراد المختلفون فرص التوافق مع تحديات اختلاف الأفكار والثقافة في بيئات عملهم.
ومُجمل ما يقترحه الكتاب هنا أنه بقدر حاجتنا للانتماء فهناك أيضاً حاجتنا للتميز والشعور بما يُسمّى بالنفس الأصيلة (Authentic Self). ونقيض هذا الأخير حين يشعر المرء بعدم مقدرته على التصرف أو الحديث وفق سجيته، فمن منا لم يصدف أن تواجد في اجتماع عمل مع آخرين ممّن يحملون آراء مختلفة عنه واضطر بالتالي لتجنب المشاركة في النقاش لتفادي الإدلاء بوجهات نظر قد لا يفهمها الآخرون أو لا تجد صدى قبول لديهم. وتزييف الشعور بالانتماء مرهق جداً عكس الارتياح الذي نشعر به حين التصرف وفق سجيتنا وفي مساحات تحترم وتقدّر اختلافاتنا وتولي آراءنا واقتراحاتنا الأذن الصاغية. إنهم القادة الاحتوائيون الذين يخلقون مساحات الاحتواء لمثل تلك الاختلافات ويتيحون فرص الموازنة بين غريزة التميز وحاجة الانتماء لدى فرق عملهم.