مرئيات

المٌضحك المٌبكى .. والبطون الخواء

بقلم / محمد عوض الجشي

ما ان دخل أبو صطيف ليقتطف (ربطة) من خبز طازج محمص حيث عرّج صوب أحد الأفران المنتشرة في القرية المجاورة. اذ. ينفجر ضاحكا.مقهقها..حتى كاد أن يصطدم بباب الفرن.
نعم ضحك حتى الثمالة..وكاد يٌظَنٌ ٌ به (الظنون –الضاحك المجنون)..بعضٌ السيارة المارة تشير إليه مبتسمين ضاحكين. وإن هي الاّ لحظات حتى تصادف مرور ابى العبد..فتعانقا بالأحضان وربت كل منهما على كتف صاحبه كأنهما لم يلتقيا منذ عهود.
أبو صطيف لا ينفك عن الضحك بصوت عالي جهوري. ويشير بكلتا يديه الى الفرن (المعهود) و يرمق النظر الى الفرّان المنشود.. ما (الحكاية) .!.يا أبي صطيف. الذي لم ينبجس له شِفة.. أبو العبد أسر في نفسه (يبدو أن الرجل خالص كازه) أجل ظل أبو صطيف يعاود الإشارة الى حيث الفرن وأرغفة الخبز بيده. حارة ساخنة مثقلة بالهباب.
لا بد أن في الأمر سرٌ مٌخفى على ابى العبد. يا صاحبي لعلي اشاركك في ضحك هستيري. لكن آنى لي ذلك.. فقبل ان اتجاذب اطراف الحديث مع بنات افكارك (الطارئة) يا أبا صطيف سأستلهم جٌلَ ما يعتريك في لحظة.
دقائق معدودة واصطحب أبي صطيف أبا العبد الى حيث الفرن..يا للهول…! ماذا يرى أبو العبد أنه الفرّان ما فتئ يلاعب الارغفة ومناقيش الزعتر تتلوى بين أصابعه (عجائن الجبن وفطائر الكشك ودوائر مٌحمرة ) تناوش الأفواه الفاغرة ..هلموا وأوغلوا طعما وشبعا… بيد أنها ما أن تخرج من موقد النار  حتى تغدو اكثر شهية في سرعة التهامها. إنها طيبة المذاق ساخنة المحتوى هشة طرية حارة…
عجبا أبو صطيف. أهذا مٌضحك ومسببا للضحك الهستيري ..يا صاحبي دعني وشأني ..فالقهقهات لا تبرح ثغري فرحاً ، نهما وسرورا… هيا اضحك وارني سِنك ضاحكاً ضحوكاً مضحكاً .. ؟ …فجأة وفي حينها ..تدحرجت كلمات ضاحكة من أبى العبد. نعم يا صاحبي.. ثم أردف القول أبو صطيف وحشرجات تنداح مقهقهة تعقبها قفشات بهلوانية.. ذاك الفران (أحمق) في الحساب. فقد كان منذ فترة يعمل (كاشيرا- أمينا لصندوق الفواتير) في هذا الفرن  لكنه اخطأ في حساب الزبائن وزاغت عن عينيه الضريبة ضاربا تَبعاتها عرض الحائط…لذا تراه أيضا لا يحصى المعجنات والمخبوزات. وغيرها من طلبات الزبائن…فقط يتلقفها الى النيران إذ تحترق ويعلوها السواد..،علاوة على ذلك فالكثير من الأرغفة تكومت على شكل دخان ملأ المكان وتطاير خارجاً… وغدا ذاك الفراّن (طفرانا) طفوراً لا يٌحسن العمل في المخبز ولا يميز بين التنور والبخور…كم وكم من الارغفة ذوت واسودت وأحالها إلى سلة المهملات…
نعم يا أبا صطيف. لا احد يأكلها هينة سهلة المذاق.(كاشير – فواتير ) كم من أرغفة خبز تحترق وتطير) وكم من الجياع تتلوى بطونها خواء…وكم من الحمقى لا تحسن التدبير ولو الشيء اليسير. إنه حقاً منظر مبكي ومٌضحك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى