مرئيات

تأثير الإعلام في تعزيز الرؤى الأكاديمية

بقلم / د. فاطمة محمد خميس

يسعى بعض الأكاديميين إلى استكشاف مسارات جديدة لبحوثهم في سبيل توصيل رسالتهم العلمية لشريحة أكبر من القراء، بمعنى عدم اقتصارها على الشريحة المتخصصة من زملائهم وأقرانهم في المجال العلمي. ومن هذه المسارات التوجه إلى الكتابة عبر المنصات الإعلامية أو منصات التواصل الاجتماعي. ويشكّل هذا السعي تحدياً لمنهجيات ومهارات الكتابة التي اعتادوا عليها وهي الكتابة الأكاديمية أو العلمية. فالكتابة الأكاديمية تتميز- بشكل عام – بالموضوعية وغياب الذاتية والآراء الشخصية، إضافة إلى دقة استخدام المصطلحات لا سيما العلمية منها، وتسلسل الأفكار بشكل يربط بين أهداف موضوع البحث العلمي ونتائجه وتوصياته العلمية بشكل منطقي ومتكرر. ويمتد هذا التحدي أيضاً إلى مهارات أخرى في الكتابة الأكاديمية مثل تحديد موضوع ووقت الكتابة ممّا يستوجب إعادة صياغة الأفكار بشكل يتناسب مع ديناميكيات الكتابة الإعلامية وما يثير اهتمام القاعدة الجديدة من القراء.
ويعبّر بعض الأكاديميين أيضاً أن التواصل عبر الكتابة الإعلامية تمثل فرصة تطوير شخصي تتمثل في خروجهم من منطقة الراحة “comfort zone” عبر تحدّي مهاراتهم المعتادة في التفكير والكتابة والتواصل. وهذه الأخيرة تمثل تحديا لقدرتهم على كسر نمطية التفكير التي قد تفرضها منهجيات بعض مدارس الفكر العلمي لا سيّما التقليدية منها. مما يعني استحداث مصادر جديدة لفهم القضايا التي يبحثونها وتوسيع مدارك التحليل والاستنباط لديهم من خلال رؤى متجددة. ومن التأثير الإيجابي لهذه المسارات تقليل الفجوة الفكرية والتواصلية التي قد تحدث بين الأكاديميين وبين الشرائح العامة في المجتمع ومن أمثلتها الفجوة بين الجانب النظري والممارسة المهنية في الواقع.
ولا يعني هذا التوجه الابتعاد عن المسار الأكاديمي أو مسارات البحث العلمي، بل على النقيض حيث قد تحقق الكتابة الإعلامية صدى دعائياً جيداً للمنصات الأكاديمية والبحثية كالجامعات ومراكز البحوث التي ينتمي إليها هؤلاء الأكاديميون. وهذا بدوره يعكس تنامي دور الإعلام خارج النمطية التي يتصورها الكثيرون وهي حصر دورها في مجرد نقل ومتابعة الأحداث المحلية منها أو الإقليمية أو العالمية. فمنصات الإعلام باتت تساهم في قضايا مجتمعية مهمة منها تطوير التعليم سواء العام أو العالي. وأخص بالذكر هنا الجامعات والكليات التي أصبحت في سباق محموم لتطوير رؤاها وفق معطيات جديدة تتناسب والتغيرات المجتمعية والاقتصادية والسياسية من حولها. ولعل أبسط الأمثلة هنا التباين الثقافي في منسوبيها من الطلاب والأساتذة والإداريين وغيرهم. ممّا جعل تطوير استراتيجيات ورؤي تكفل الإبداع والتنوع في توجيه وإدارة الموارد البشرية وغير البشرية من أهم طموحات الجامعات الرائدة عالمياً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى