ممرضة المستشفى الميداني راميا راديكريشنان : فخورة بدوري في مواجهة الجائحة في الإمارات

عملت 12 ساعة يومياً في المستشفى الميداني بالشارقة وأقامت لمدة شهر ونصف متواصلين بعيداً عن عائلتها وطفليها

– فرضت الجائحة عبئاً جسدياً ونفسياً كبيراً على راميا لم تختبره طيلة مسيرتها التمريضية

– مكتب فخر الوطن يبرز إيثارها وإصرارها في مواجهة الجائحة

أبوظبي -الوحدة:
قبيل ظهور جائحة كوفيد-19، كان أصعب تحدي تواجهه الممرضة راميا راديكريشنان يتمثل في رحلتها اليومية من منزل عائلتها في عجمان إلى مقر عملها في دبي.

ولكن الوضع تغير بشكل كبير في شهر أبريل من العام الماضي، وشهدت حياتها تحولًا دراماتيكيًا، احتاجت خلاله إلى كل الخبرة التي اكتسبتها خلال مسيرتها التمريضية الممتدة على 11 عامًا.

عملت راميا في قسم الطب الوقائي لدى وزارة الصحة في دبي لمدة عامين، حيث لم يكن هناك الكثير من الضغوط في مجال الرعاية بالمرضى، ولكن، مع ظهور الجائحة تم انتداب راميا لتعمل في أحد المشافي المخصصة لمرضى كوفيد-19.

وعلقت راميا حول ذلك: “لا أزال أعجز عن وصف مشاعري في ذلك اليوم، فقد شعرت بوحدة كبيرة لأنني كنت الوحيدة من قسمي التي تم انتدابها للتوجه والعمل هناك نظرًا لخبرتي السابقة التي اكتسبتها في الهند أثناء تأدية مهامي التمريضية في وحدة العناية المركزة أثناء مواجهة الهند لفيروس H1N1، حيث عملت في وحدة العزل لمدة خمسة أشهر.

وكشفت راميا أنه بالرغم من خبرتها الطويلة، فلم يكن هناك من شيء يمكنه إعدادها للعمل مع مرضى كوفيد-19 وحالاتهم الخطرة على مدار 12 ساعة يوميًا، معلقة: “كان الأمر جديدًا كليًا، حتى بالنسبة لمهنيي الطب أصحاب الخبرة الطويلة”.

وتابعت: “في المراحل الأولى، كنت في غاية القلق بالتسبب بنقل العدوى لعائلتي، فلدي طفلان، صبي في عمر الثامنة وفتاة تبلغ من العمر 4 أعوام، ولكن المستشفى قدم لي إقامة فندقية حتى لا أعرضهم لهذا الخطر، كما أنني كنت قلقة من ذهابي إلى المستشفى، وخاصة في اليوم الأول لأنها كانت بيئة غير مألوفة”.

وأردفت: “كان العمل باستخدام معدات جديدة ومع زملاء جدد، أثناء ارتداء معدات الحمية الشخصية على مدار 12 ساعة أمرًا صعبًا، ولكن الوضع تطلب منا التكيف، وكان لروح العمل الجماعي أهمية بالغة في تخفيف وطأة الصعوبات، حيث تعاونا معاً ودعم بعضنا البعض للتركيز على مهامنا بالغة الأهمية”.

بالإضافة إلى التعب الجسدي، فرضت مهمة مواجهة الجائحة عبئًا نفسيًا ثقيلًا على راميا. مع أعداد المرضى الكبيرة الذين يحتاجون لعنايتها، وبالرغم من جهودها الهائلة برفقة زملائها، فقد مرضى حياتهم.

وعلقت راميا حول ذلك: “كان ذلك الجزء الأكثر إيلاماً خلال هذا التجربة، أن نرى رجالًا ونساء في مقتبل العمر، تتراوح أعمار بعضهم بين الثلاثينات والأربعينات، عادة ما يكونون في ذروة صحتهم في ذلك العمر، وهم يعانون من فشل عضوي كامل. لم يكن بمقدورنا فعل الكثير. كلنا بشر وحتى بالنسبة لنا ككوادر تمريض، كان فقدان المرضى لحياتهم أمام أعيُننا تجربة مؤلمة وبالغة الصعوبة”.

“من ناحية أخرى، كان تعافي أحد المرضى يرفع المعنويات بشكل كبير ويمنحنا شعورًا غامرًا بالارتياح. وهذا كان بالتأكيد من الدوافع التي شجعتني على المواصلة، وخاصة مع ما قدمته العائلات من تقدير وامتنان معبرة عن مدى تقديرها للرعاية الطبية التي قدمناها”.

وخلال المرحلة الأولى من الجائحة، ومع ارتفاع عدد الحالات آنذاك، أقامت راميا شهرين متواصلين في أحد الفنادق في الشارقة بعيدًا عن عائلتها، وتلاشت رغبتها في قضاء الوقت مع أطفالها بسبب القلق على سلامتهم وسلامة جميع أفراد الأسرة.

“حاولت المحافظة على التباعد الاجتماعي عن أطفالي، لكن كان من المستحيل عليهم ألا يعانقوني عند تواجدي معهم، ولذلك، تحدثت مع أطفالي فقط عبر مكالمات الفيديو، كما كان زوجي سندًا كبيرًا لي خلال هذه الفترة، فأخذ إجازة من العمل لرعاية الأطفال وبعد ذلك كان علينا الاعتماد على أفراد الأسرة والأصدقاء”.

كما تقول راميا بأن هذه التجربة عززت تقديرها لحكومة دولة الإمارات، التي سخرت الموارد وقدمت الدعم اللازم لجميع المتضررين من الجائحة، بغض النظر عن جنسياتهم أو ثقافاتهم.

وحول ذلك قالت راميا: “أنا انتمى لبلد مختلف، وعملت مع مرضى ينتمون إلى مختلف الجنسيات، وجميعهم حصلوا على أفضل مستويات الرعاية مجانًا. بفضل الجهود التي بذلتها دولة الإمارات في هذا المجال حققنا تقدمًا في مواجهة الفيروس”.
تقول راميا إنها تعلمت الكثير من الأشياء أثناء عملها على مواجهة جائحة كوفيد-19، ولكن الدرس الأهم بالنسبة لها يتمثل في تقدير ما لديها، ساهمت الجائحة في توطيد الروابط بينها وبين أفراد أسرتها.

واختتمت راميا: “الحياة متقبلة، ولا يمن التنبؤ بما سيحدث مستقبلًا، ولهذا يجب أن نقدر كل يوم من حياتنا وأن نعيش بسعادة”.