اعتمدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) – بإجماع أعضائها – اليومَ الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة الموافق الثاني من ديسمبر يوماً عالمياً للمستقبل. بمعنى أن يكون يوما تحتفي فيه دول العالم باستشراف مستقبلها التنموي وجاهزيتها في صناعة فرصها وخططها لأجيالها المقبلة. ولهذا الاعتماد دلالاته الهامة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وللإنسان الإماراتي خاصة، والعربي عامة. فهو بلا شك تتويج عالمي ورفيع المستوى لمسيرة الإمارات المشرقة على مدى خمسين عاما من الكفاح والسعي الدؤوب نحو ريادة التقدم العلمي والمعرفي والمجتمعي محليا وإقليميا وعالميا. فاليوم الإمارات لم تعد فقط منارة للوطن العربي والإسلامي – التي هي جزء لا يتجزأ منه – بل مصدر إلهام لدول العالم قاطبة كمسيرة استشراف وتحقيق مستقبل تنموي مستدام من خلال رؤى واستراتيجيات عمل تستهدف التطور الإنساني لا المادي فحسب.
وغني عن القول الفخر الذي يمثله هذا الاعتماد للإنسان الإماراتي والعربي، لا سيّما وأنه إنجاز يرتقي بهما من مجرّد بث الأمل إلى واقعية التخطيط والعمل وتحقيق الأهداف. فالأمل قد توهنه الأماني، بينما الواقع الملموس يعطي – الشباب على وجه الخصوص – خارطة طريق واضحة للعمل وتَبَيُنِ مصادر المعرفة والموارد اللازمة لتفعيلها. وهناك حِراك حقيقي لمحاكاة مسيرة الإمارات المستمرة، وهناك أيضاً إشادة دولية رفيعة المستوى بإنجازاتها التنموية، وما اعتماد يوم عيدها الوطني كعيد عالمي للمستقبل إلا ترجمة صريحة للاثنين. فاستشراف المستقبل اليوم أصبح مرتبطاً بالعمل الجاد لا سيما وأن المستقبل أصبح مرتبطاً بحل قضايا مهمة كتغيرات المناخ وآثارها المدمرة، والتي تتصدى لها الإمارات بخطوات سباقة. فها هي شركة أبو ظبي لطاقة المستقبل “مصدر” مثلاً تفوز للمرة الثالثة بجائزة “أفضل شركة طاقة للعام 2021”. وهي جائزة تستحدثها “جلف بيزنس” للشركات التي تحقق تأثيراً إيجابياً في المشهد الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي، ممّا يدل على الحِراك الداخلي الجاد والمستقِل في المنطقة للتصدي لمثل تلك القضايا المستقبلية المحورية.
وأخيراً، فهناك دلالة هامة جداً تكمن في جهة الاعتماد – منظمة اليونسكو – كمنظمة عريقة من منظمات الأمم المتحدة، والتي أمضت 75عاما من عمرها المؤسسي في دعم التنمية التربوية والعلمية والثقافية عبر دول العالم كافة. ويعكس إجماع أعضائها على قرار الاعتماد وحدتها وقوتها كمؤسسة، مما يجعل للقرار ثقله وقوته كقرار واع ونزيه. ومما لا شك فيه أن الدول الأعضاء في المنظمة لا بد وأن أجمعت على قرار الموافقة بناء على وعي كاف بجهود الإمارات في استشراف مستقبلها والتصدي لتحدياته. ناهيك عن أن الإجماع يعكس تقديراً دولياً صريحاً لمسيرة بدأت في فجر سبعينات القرن الماضي في سبيل تطوير الإنسان الإماراتي ورخاء مجتمعه وتحقيق الصدارة بين الأمم في كافة المجالات. وهي مسيرة لم تتوقف إلا للمراجعة والمحاسبة ومن ثم الاستئناف بعمل أقوى ورؤى أكثر وضوحا. فلا عجب أن تكون إحدى نتائج مثل هذه الشفافية أن تكسب الإمارات احترام دول العالم وتقديرهم ومن ثم جعل عيدها الوطني عيداً عالمياً للمستقبل.