الشاعر نمر بن عدوان .. بطل قصة واقعية حدثت في بادية الشام

بقلم : أنور بن حمدان الزعابي / شاعر وكاتب إماراتي

مقدمة:

القصة والرواية والأسطورة من أهم المأثورات الشعبية التي تختزلها الذاكرة  الإنسانية .

ولكل شعب في تراثه أدب شعبي ثري من الشعر والرواية والقصص والأمثال 

والرؤى المحكية .

ففي الإمارات الكثير والكثير من المأثورات والقصص والأساطير الشعبية التي  اختزلتها ذاكرة الإنسان على مر العصور.

اليوم نحن أمام قصة واقعية الحدث والشخوص حدثت في بادية الشام وبالأخص في البلقاء بالأردن ، محافظة السلط حالياً، حيث يوجد فيها قبر نمر بن عدوان 

الذي هو بطل هذه الحكاية الشعبية. وحتى اليوم لايزال في محافظة السلط الأردنية قبيلة العدوان الذين هم أعقاب نمر بن عدوان .

نمر بن عدوان هو أحد الشعراء المشهورين بالعاطفة والوجد والإحساس 

المرهف الصادق .هزه الأسى وأتعبه الوجد وأضناه الألم .

قال الشعر كي يشكو مما أصابه وتفاعل معه الكثير من الناس وأحبوه وشغفوا بأخباره التي سارت بها الركبان .

وأشهر قصة في حياته هي قصة زوجته وضحى التي توفيت وهو في أوج سعادته وحبه لها ومن شدة ما أصابه من حزن وكآبة وفرط ضيق وتوجد وعذاب أنشد مايحلو له من أشعار وقصائد .وتعتبر أشعاره وقصائده من الروائع الوجدانية بالشعر الشعبي .

ويروي  لنا السيد عبيد بن سيف الزعابي قائلاً عن نمر بن عدوان أنه اعتاد أن يشرب حليب الناقة وهو ساخن وكانت زوجته وضحى تحلبه له وفي ليلة حالكة السواد عاد نمر من مجلسه كعادته وفي طريقه الى شق أهله لمح خيالاً بين أرجل الناقة فظنه لصاً يريد سرقتها أو آخر يريد ثأراً منه فسدد 

بندقيته ناحية الخيال الذي يراه وأطلق عليه النار، وإذا بذاك الخيال هو لزوجته  وضحى  التي سقطت برصاص زوجها وهي تئن وتبتسم له من حلاوة الروح 

حتى صعدت روحها إلى بارئها وهي بين يديه .

ويقول العم عبيد بن سيف الزعابي أن الأمير نمر بن عدوان تزوج بتسعة وتسعين  وضحى عله يجد من تكون في مكانتها ولكن لم يجد حتى أهلكه الحزن وأتعبه الوجد وأسره الندم.

ويقول العم عبيد بن سيف الزعابي إن من ضمن تزوجهن الأمير نمر بن عدوان  أحدى أخوات وضحى وكانت تفوقها حسناً وجمالاً ولكنها لم تكن كوضحى ، حتى أنه توفي وهو في سن الأربعين عاماً . 

ومن ناحية سوداوية هذه القصة راح هناك مثل يعرف بين الناس في شتى مناحي البادية وهو: هذا بلاء أبوك ياعقاب .

فقد كان ابن نمر صغيراً وجاء إليه أبوه وسأله عن المرأءة التي تزوجها حديثاً  

أيهما أجمل هي أم والدته وكان متوقعاً أن يمتدح أمه ولكنه أمتدح الزوجة الجديدة  لوالده فلما سأله نمر عن السبب قال عقاب إن أمي تعوج حينما تنام على جنبها  

فصرخ نمر قائلاً : هذا بلاء أبوك ياعقاب. فصار مثلاً بين الناس .

ومعروف عن نمر بأنه شديد التاثر والعاطفة وأنه كان شجاعاً مقداماً  فهو أبن كرم  وإباء. ومن فرط حزنه على وضحى تنازل عن الإمارة لابن عمه حمود العدوان .

وهذه بعض الأبيات الشعرية التي ذكرها نمر بن عدوان في زوجته وضحى بنت  فلاح السبيلة.

قصيدته في وضحى:

عنون الرواة قصيدة نمر بن عدوان في زوجته وضحى بقصيدة الحزن الدائم  

حيث يقول فيها:

البارحه يوم الخلايق نياما

بيحت من كثر البكى كل مكنون

قمت اتوجد له وانثر علاما

من موق عيني دمعها كان مخزون

ولي ونة ٍ من سمعها مايناما

كني صويب ٍ بين الأضلاع مطعون

والا كما ونه كسير السلاما

خلوه ربعه للمعادين مدوين

ولا في ونة راعبية حماما

غاد ٍ ذكرها والقوانيص يرمون

تسمع لها بين الجرايد حطاما

ومن نوحها تدعي المواليف يبكون

مرحوم ياللي مات شهر الصياما

صافي الجبين بليله العيد مدفون

حطوا عليه من الخرق ثوب خاما

وقامو عليه من الترايب يهلون

مرحوم ياللي مامشى بالملاما

جيران بيته راح مامنه يشكون

اخذت انا وياه عشرة اعواما

مامثلهن في كيفة ٍ مالها لون

والله كنه ياعرب صرف عاما

وياحيلة الله شغل الأيام وشلون

واكبر همومي من بزور ٍ يتاما

لاجيتهم قدام وجهي يبكون

وان قلت لاتبكون قالوا علاما

نبكي ويبكي مثلنا كل محزون

قلت السبب تبكون قالوا يتاما

قلت اليتيم انا وانتم تسجون

مع البزور وكل جرح ٍ يلاما

الا جروح بخاطري مايطيبون

قمت اتوجد عند ربع ٍ حشاما

جوني على فرقا خليلي يعزون

قالوا تزوج وانس لامه بلاما

ترى العذارى عن بعضهم يسلون

قلت انا اخاف من غاديات الذماما

اللي على ضيم الدهر مايساعدون

تزعل عيالي بالنهر والكلاما

وانا تجرعني من المر بصحون

والله لولا هالصغار اليتاما

واخاف عليهم من السكه يضيعون

لاقول كل البيض عقبه حراما

واصبر كما يصبر على الحبس مسجون

عليه مني كل يوم ٍ سلاما

عدة حجيج البيت واللي يطوفون

واعداد مانبت النفل والخزاما

على النبي اللي حضرتوا تصلون.

وفي قصيدة أخرى قال عن زوجته وضحى راثياً:

باح العزا يا عقاب صبري غدا ويـن

لـو درت عنـدي ذرةٍ مـا تجـدها

صبـري دفنتـه بالزبـاره بيبريـن

الله يكـافـي شـر منهـو جحـدها

ياسيـن يام عقـاب ياسيـن ياسيـن

يا شبه عنـز الريـم ترعـا وحـدها

بنت الرجـال وخالـطٍ عقلـها زيـن

روايـح الريحـان ريحـة جسـدها

جتنـي عطا ما سقت فيـها تثاميـن

شيمـة فهـود كـل من جا حمـدها

ويقول الرواة أن هذه القصيدة أيضاً نظمها نمر بعد وفاة ((وضحا)) بعد أن أشاع عنه ابن عمه حمود أنه أصابه جنون طمعاً بالزعامة التي تخلى عنها نمر تلقاء نفسه لابن عمه حمود بعد وفاة وضحا

يا حمـود قل لحمـود وشجاه منـي

علـمٍ تحاكـو بـه وعنهـم نحونـي

عند العـرب يا حمود أضحك بسنـي

وبأرض الخلا يا حمود أبيح كنونـي

بقلم /أنور بن حمدان الزعابي ــ  كاتب وشاعر إماراتي