التوابل والبهارات رحلة طويلة مع ربات البيوت وجناح اليمن بالقرية العالمية في دبي

دبي / سمير السعدي:
تاجر الناس من العصر الحجري الحديث بالتوابل وأصداف البحر والأحجار الكريمة وغيرها من المواد عالية القيمة في وقت مبكر من الألفية العاشرة قبل الميلاد أول من ذكر التجارة في العصور التاريخية هم المصريون, وفي الألفية الثالثة قبل الميلاد تبادلوا تجارة التوابل مع بلاد بونت التي يعتقد أنها كانت تقع في منطقة شمال الصومال وجيبوتي وإريتريا وساحل البحر الأحمر في السودان.. وارتبطت تجارة التوابل بالطرق البرية في وقت مبكر ولكن أثبتت الطرق البحرية أنها العامل الذي ساعد على نمو تجارة التوابل, كانت أول شبكة تجارة بحرية حقيقية في المحيط الهندي من قبل الشعوب الأسترونيزية في جزيرة جنوب شرق آسيا الذين قاموا ببناء أولى السفن العابرة للمحيطات وأنشأوا طرقًا تجارية مع جنوب الهند وسريلانكا منذ 1500 قبل الميلاد ما أدى إلى تبادل الثقافة المادية مثل القوارب العادية والقوارب المربوطة والمخيطة والبان ومواد غذائية مثل جوز الهند، وخشب الصندل والموز وقصب السكر, وكذلك ربط الثقافات المادية للهند والصين.. كان الإندونيسيون على وجه الخصوص يتاجرون في التوابل كالقرفة والكاسيا بشكل أساسي مع شرق إفريقيا باستخدام قوارب كاتاماران والإبحار بمساعدة الغرب في المحيط الهندي.. توسعت هذه الشبكة التجارية لتصل إلى إفريقيا وشبه الجزيرة العربية ما أدى إلى الاستعمار الأسترونيزي لمدغشقر بحلول النصف الأول من الألفية الأولى بعد الميلاد, استمر ذلك في العصور التاريخية وأصبح فيما بعد طريق الحرير البحري.
في الألفية الأولى قبل الميلاد شارك العرب والفينيقيون والهنود أيضًا في التجارة البحرية والبرية للسلع الفاخرة مثل التوابل والذهب والأحجار الكريمة وجلود الحيوانات الغريبة والأبنوس واللؤلؤ, كانت التجارة البحرية في البحر الأحمر والمحيط الهندي وامتد الطريق البحري في البحر الأحمر من باب المندب إلى برينيك, ومن هناك براً إلى النيل ثم بالمراكب إلى الإسكندرية.. تداولوا أيضاً السلع الفاخرة بما في ذلك التوابل الهندية والأبنوس والحرير والمنسوجات الفاخرة على طول طريق البخور البري.. وفي النصف الثاني من الألفية الأولى قبل الميلاد سيطرت القبائل العربية في جنوب وغرب شبه الجزيرة العربية على تجارة البهارات والتوابل البرية من جنوب الجزيرة العربية إلى البحر الأبيض المتوسط، وكانت هذه القبائل هي المعين وقطبان وحضرموت وسبأ والحميري, وأطلق الإغريق على جنوب الجزيرة العربية اسم الجزيرة العربية المبتهجة وكانت على جدول أعمال غزوات الإسكندر المقدوني قبل وفاته.
وذُكرت التوابل في الروايات الكتابية وهناك أدلة أدبية على استخدامها في المجتمعات القديمة, هناك سجل من النصوص التاميلية لليونانيين الذين يشترون أكياسًا كبيرة من الفلفل الأسود من جنوب الجزيرة العربية والعديد من الوصفات في كتب الطبخ الرومانية التي تحتوي على التوابل وتعود إلى القرن الأول, انخفضت تجارة التوابل بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، لكن الطلب على الزنجبيل والفلفل الأسود والقرنفل والقرفة وجوزة الطيب أعاد إحياء التجارة في القرون اللاحقة.. وكانت اليمن بكل مقاطعاتها مقل حضرموت وسبأ وحمير معروفة ومشهورة ببهاراتها وتوابلها وبقيت على ذلك حتى الأن الى درجة تفوفها على بهارات وتوابل الهند, وأصبحت الآن المرز الرئيسي لهذه التجارة..
وعن الشعوب العربية فمن الماضي وإلى الآن لا يخلو مطبخ أي بيت عربي أينما كان من التوابل والبهارات التي تضاف لكل أنواع الأطعمة والأكلات المختلفة, وتختلف هذه التوابل والبهارات من بلد لآخر حسب تقاليها وعاداتها بل وحسب تراثها وتراث السابقون, ففي كل دولة من العالم العربي والآسيوي خصوصا لهم توابلهم وبهاراتهم التي يتميزون بها, ويشاركهم البعض فيها عندما ترضيهم أكلاتهم وأطعمتهم بعد أن تذوقوها وأعجبتهم.. والبهارات والتوابل اليمنية بالذات عرفت قبل مئات السنين واخترعها وخلطها أجدادهم وما زال الأبناء والأحفاد متمسكون بها ويستعملونها بل ويضيفون اليها ويطوروها أيضا.. وعند اليمنيين كل أكلة لها خلطاتها من البهارات والتوابل الخاصة بها والتي تختلف بطبيعة الحال عن خلطات الأكلات الأخرى, فمثلا خلطة المظبي تختلف عن خلطة المندي, وخلطة السمك تختلف عن خلطة البرياني, وخلطة الكبسة غير خلطة المشاوي, وتختلف المواد المكونة لكل خلطة عن مواد أي خلطة أخرى والتي تميز الأكلة بها عن غيرها, وهكذا دواليك.. هذا عن البهارات وخلطاتها المتعددة والمختلفة.
وكما قال سامي الحباري مستثمر جناح اليمن أن الجناح وتحقيقا لشعار القرية العالمية والذي يطالب بالاحتفال بكل الروائع فالجناح يحقق هذا الشعار بما يقدمه لربات البيوت من ضيفات القرية العالمية من معروضات التوابل والبهارات التي لا يستغنين عنها في مطابخهن, حتى أصبح الجناح في كل موسم من مواسم القرية العالمية ومنذ بداياتها مقصدهن لاقتناء وشراء ما يلزمهن من هذه التوابل والبهارات وبكمية تكفيهن حتى الموسم القادم للقرية العالمية.. لهذا سنستطلع ما يحويه الجناح اليمني من هذه البهارات والتوابل ونعرف أنواعها وماهيتها ونقابل العارضين لنعرف ما يعرضونه وما يبيعونه منها وما هي أنواعها المختلفة حيث تقوم مؤسسة العالمية للبهارات بعرضها من خلال محلين كبيرين بالجناح.
= كان اللقاء مع عمر الذقري وعبد الكريم جحيش مسئولا المحلان بالجناح, وهذان المحلان يعرضان جميع أنواع البهارات اليمنية المشهورة بأنواع متعددة حسب استخدامها, مثل خلطات البرياني والكبسة والمشاوي والسمك والمندي وخلطة بهارات طبيعية بديلة عن مكعبات الدجاج واللحوم والخضار وغبرها.. وهناك الكركم والسماق والكمون والسبع بهارات والكاري وبهارات عثمان والزنجبيل الناعم والمجفف والفلفل الأسود الحب والناعم والفلفل الأبيض والفلفل الأحمر الناعم والقرفة والكزبرة الحب والناعمة.. وجوزة الطيب والهبهان والثوم الأسود والليمون المجفف الأسود المقطع منه والناعم والشومر والمرة والينسون النجمي والعادي والكركم الخام والحلبة والحبة السوداء والكمون الحب والكركديه وقشر القهوة التي تشتهر بها اليمن.. وأيضاً الصنوبر والزبي بكل ألوانه وأنواعه وبذور الرمان المجففة واللوز الصنعاني ونوى المشمش وبذور النبق واللبان اليمني واللبان العماني والصمغ العربي والمستكة الخاصة للبخور واليقب وهو الجميد المجفف والعشار العدني وهو مخلل الليمون.. وكذلك كل أنواع المكسرات مثل اللوز والفستق المقشر والمجروش وغي المقشر والكاجو المشوي والمحمص والأبيض والتين الجبلي المجفف وعين الجمل بأنواعه.. والأعشاب الطبيعية بكل أنواعها مثل الزعتر الورق الجبلي والمرة والحلثيث والصبر والشيخ واللافندر والبابونج والخزامة وكل أنواع اللبان.. وأيضاً الزهورات مثل المرمرية والبنفسج والمليسة والورد المحمدي.. والشاي اليمني بأنواعه والقهوة اليمنية المشهورة بكل أنواعها والمشهورة في كل أنحاء العالم والحنة الحمراء والسوداء.. الى جانب الحليب بكل أنواعه وأشكاله والسمن البلدي البقري الجبلي اليمني والقهوة الخولاني.
هذه هي البهارات والتوابل اليمنية عماد كل أكلة, والتي تضيف للأكلات النكهة والطعم مما يجعلها مرغوبة أكثر من قبل آكليها.. هذه هي التوابل والبهارات اليمنية مقصد كل ربات البيوت التي هي جزء من مخطط زيارة القرية العالمية.