فن الشلة التراثي الجميل.. حماس ورقي ومشاعر نابضة بالحب
* الأهازيج او الاغاني التراثية القديمة المسماة بالشلات عرفت كنغم فني اصیل تداوله ابناء البحر والبـاديـة عبر السنين الغايرة في حلهم وترحالهم بين القرى ومواطن البدوية المنتشرة في بوادي الامارات ، فكـان هـجـانـة القوافل يتغنون بفنون الشلات الحزينة والحماسية وخاصة في مسراهم ومرواحهم ،
وهذه الشلات هي بمثابة اللحن الفطري الذي يتغنى به العشاق ومتيمو الشوق والحب والغرام .
وعن هذه الشلات البدوية الأصيلة .. يحدثنـا الشـاعـر المبـدع حمدان بن خميس السماحـى – أبـو راشـده- ذو الإبداعات الشعرية المتميزة والنبرة الصـوتيـة الحانية الحزينة ، وصاحب النظرية الأدبية القائلة : أشعر بالشعر حينما أشعر بالتراث.
إذن فأن نظرته الثاقبة في هذا المقام تكمن في أدائه الرائع لفن الشله.
.. يقول السماحي … هناك بعض الشـلات المبسطة التي تناسب الوقت والسرعة وجيل الشباب وتنـاسـب كـذلك التطور السريع ومن هذه الشلات هناك الشلات المسائية وأحياناً بعد صلاة العشاء أي في الليل وهي تعبير وجداني عن الـراحـة النفسية وتعطى جـواً من المرح والانشراح العاطفي الـوجـداني حيث تكون في إطار من الشـوق والحنين للوصول إلى مرافئ الأمان ومثال ذلك :
البارحة ماغضت العين سهرانی
بايت اجر النوح وارضف الونـه
هذا مثل آخـر يـكـون في الهزيع الأخيـر من الليل أي منتصف الليل حيث أقول وأخاطب الليالي أن تكون عادلة بالحق والإنصاف وإلا تكون جائرة في أرقي وسهري:
ليت الليالى تحكم بحق وانصاف
وايزورني خل من العام جافيته
وهناك شلات أخرى ترددها في الصباح الباكر وتكـون في الغالب أبياتها مثيرة للشـجـاعـة والحماسة وتعبر عن الوفاء والصدق والمعاناة في سبيل من تهواه النفس أو في سبيل الوطن والأرض وهـذه الشـلات عبـارة عن أبيات رصينة المعنى ، قوية الأسلوب ، دقيقة الفكرة.حيث أقـول في هذا المضمار:
يا مرحبا باهل الوفاء والمعاني
يا مرحبا باهل القلوب الصخيه
اعداد ماهیت جنـوب وشـمالي
واعداد مالاحت بروق اعشويه
*الشلة الحزينة
الكثير من الشـلات تعبر بصدق عن محتوى ومكنون الشـاعـر وخـاصـة الشلات الحزينة والتي يشوبها الحزن والأرق والخوف من الليالي المقبلة وتجيش الذكريات بأعظم وأسمى آيـات الوفاء حينما تتذكر في ظلام الليل الحالك عزيزاً فقدناه أو حبيباً ارتحل عنا أو نوى الهجـران والصـد والـجـحـود.
والشاعر المؤدى لفن هذه الشلات الحزينة غالباً مـا يعبر بإحساسه الحار الصادق الذي يدع المستمع يبحر في عالم من الشوق والوله البعيد البعيد،
ومثال على هذا أقول:
ونيت ونـه والمـدامـع ذارفـه
ولاسباب من خل جفاني بلاسبب
روح وادعـالى طـيـوف خـاطـفـة
* من عـلوم الأمـس لي فـيـهـا طـرب
والدي والحس الشفاف *
*تعلمت فن الشلات وضروبها من والدي الشاعر خميس السماحي وكنت أصحبـه في جميع المنـاسـبـات السـارة واللطيفة حيث أنني لمست أن والدى يملك الحس المرهف الشفاف في التعبير عن خوالج ذاته بالشلات وهو قد ورث الشعر عن أهله وأجداده من قبل ،ويردد ألحانـاً قـديمـة كثيرة حفظها عن شعراء الشلة القدماء .
وأفضل من يرتقى بفن الشلة في هذه الأيام الشـاعـر الكبير المعروف المرحوم عبيد بن معضد النعيمي. والشاعر الراوي عوض بن راشد بالسبع كذلك الشـاعـر أحمد بن سـالم الشامسي ذو الصوت الجهوري الداوي في سكون الليل ،
وفن الشلة لا يجيد غناؤه وأداؤه سوى الشـاعـر فقط ولا ينفع أن يؤدي الشخص العادي غير الملم بالشعر هذا الفن التراثي حتى ولو كان مطرباً أو فناناً لأن
المطرب أسلوبـه يختلف عن الشاعر . فالشاعر له صيت وسمعة اجتماعية كبيرة عند النـاس أما الفنان فأنه فنان أو مغن يؤدى ما يطلب منه الشاعر .
*وهكذا أفادنا الشاعر حمدان السماحي عن غناء الشلة البدوية وظروفها ومناسباتها والقى الضوء كذلك على أهم الشعراء الذين يقدمونها بصورتها
الحقيقية وشاعريتها المتكاملة .
بقلم/ أنور بن حمدان الزعابي