دبي / سمير السعدي:
هذا هو الجزء السادس من موضوع واجها أجنحة القرية العالمية.. وكيف تم تصميمها لتعبر بها الدول المشاركة عن تراثها وحضارتها وتاريخها ليتعرف علية ضيوف القرية العالمية احتفالاً مع الأجنحة في روائع تاريخ هذه الدول والإبحار في تراثها المليئ بالإثارة والتشويق.. وسنختار هنا ثلاثة أجنحة أخرى لنتعرف على حكايتها وحكاية تاريخ وتراث الدولة صاحبة الجناح وحضاراتها على واجهات أجنحتها بالقرية العالمية.
جناح الأمريكيتين
حرص السيد عمر الطه مستثمر الجناح على أن يبرز على الواجهة عناصر مختلفة تمثل دولا من أمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية.. فتمثل الواجهة الرئيسية للجناح حضارات أمريكا اللاتينية وخاصة الحضارات السابقة مثل حضارة الآزتيك وحضارة المايا والتي لا يتسع الوقت لشرح هذه الحضارات هنا لأنها كبيرة وكبيرة, تمثلت بالحجارة الكبيرة التي كانت تستعمل في هذه الحضارات الى جانب حيوان اللأما ذو الفائدة الكبيرة، حيث يستطيع بصفة عامة أن يحمل حتى 90كجم، ويسير بأقدام ثابتة في الممرات الجبلية, كما أنه يستطيع أن يسير لأكثر من 30كم في اليوم الواحد بحمولة كاملة, واللاما حيوان مفيد للسكان الأصليين بجبال الإنديز في أمريكا الجنوبية ولا يزالوا يستخدمونه النقل البضائع كما أنهم يأكلون لحوم صغارها ويصنعون الملابس من شعرها والصَّنادل من جلودها.. كما تم الرمز الى الببغاء الطائر المعروف بألوانه الزاهية وتقليد بعض أنواعه للأصوات وهو ما جعلها طيور محببة للإنسان لتربيتها كطيور مدللة ويسمى براكيت كارولينا في أمريكا اللاتينية.. كما تم الرمز إلى الرئيس الأمريكي السادس عشر ابراهام لينكولن الذي استطاع قيادة الولايات المتحدة الأمريكية بنجاح حتى تمت إعادة الولايات التي انفصلت عن الاتحاد بقوة السلاح والقضاء على الحرب الأهلية الأمريكية, والذي أعلن بتحرير العبيد عندما ألغى نظام العبودية والذي اغتيل في مسرح فورد.. كما تم أيضاً الرمز الى محكمة إكوادور الكاتدرائية التي كانت سائدة وفعالة فيها.. كما سل ينسوا إلى الرمز للهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا بوضع وجه لأحدهم.
وأما الواجهة الأخرى للجناح فقد مثلت أمريكا الشمالية برموز بارزة, فقد تم الرمز الى وكالة ناسا بالمكوك الفضائي وهو مركبة فضائية استخدمت مرات عديدة وهو أول مركبة فضائية في التاريخ قادرة على حمل الأقمار الصناعية الكبيرة إلى المدار ومنه والذي أستخدم أول مرة في 12 إبريل عام 1981 وهو الذي حمل رواد الفضاء ومركبتهم الذين هبطوا على القمر.. كما تم الرمز الى تمثال الحرية واسمه الكامل الحرية تنير العالم هو عمل فني نحتي بتصميم نموذج مُصغر لمنارة على شكل فلاحة مصرية مسلمة تلبس الثوب الطويل ترفع يدها حاملة شعلة يخرج منها ضوء لإرشاد السفن وتحمل شعار مصر تحمل الضوء لأسيا كانت أشعة الشمس على الرأس مستقاة من عملة مصرية تاريخية تظهر بطليموس الثالث الحاكم الثالث من البطالمة في مصر, وقام بتصميمه فريدريك بارتولدي بينما صمم هيكله الإنشائي غوستاف إيفل. وعرضه بارتولدي على الخديوي إسماعيل ليتم وضع التمثال في مدخل قناة السويس المفتتحة حديثاً في 16 نوفمبر من نفس العام لكن الخديوي إسماعيل اعتذر عن قبول اقتراح بارتولدي نظرا للتكاليف الباهظة التي يتطلبها هذا المشروع، حيث لم يكن لدى مصر السيولة اللازمة لمثل هذا المشروع خاصة بعد تكاليف حفر القناة ثم حفل افتتاحها, فقامت فرنسا بإهدائه إلى الولايات المتحدة الأمريكية في 28 أكتوبر عام 1886 كهدية تذكارية، بهدف توثيق عرى الصداقة بين البلدين بمناسبة الذكرى المئوية للثورة الأمريكية ومنذ ذلك الحين استقر التمثال بموقعه المطل على خليج نيويورك بولاية نيويورك الأمريكية ليكون في استقبال كل زائري البلاد.. وتم أيضا الرمز الى صحراء موهافي في ولاية نيفادا وهي صحراء قاحلة مطرية وصحراء جافة في أمريكا الشمالية وتقع في جنوب غرب الولايات المتحدة وتحتل ما مجموعه 47877 ميل مربع وغالباً ما يشار إليها باسم “الصحراء العالية”.. اله جانب ذلك نم الرمز الى الصبار بالغرب الأمريكي ينبت في الغرب الأمريكي وقد يصل ارتفاع ساق الزهرة إلى ثمانية أمتار, وعلى الرغم من أنه يطلق عليه اسم نبات القرن إلا أنه عادة ما يعيش فقط من 10 إلى 30 عامًا. عند اقتراب نهاية عمره ، يُرسل النبات ساقًا طويلًا ومتفرّعًا مليئًا بالأزهار الصفراء وقد يصل ارتفاعه الإجمالي إلى 8 أو9 أمتار ويموت النبات بعد الإزهار ولكنه ينتج مصاصات أو براعم عرضية من القاعدة ، والتي تستمر في نموها.. وأخيرا تواجد جسر البوابة الذهبية الأمريكي أو جسر غولدن غيت هو جسر معلق يعبر مضيق غولدن غيت الكاليفورني والذي يشكل نقطة التقاء بين خليج سان فرانسسكو والمحيط الهادي, ويربط الجسر بين مدينة سان فرانسيسكو الواقعة في الطرف الجنوبي من شبه جزيرة سان فرانسيسكو إلى مدينة سوساليتو الواقعة في الطرف الشمالي من شبه الجزيرة في مقاطعة مارين, وبدأ البناء بتمويل من إدارة العمل والمشروعات وسط العديد من الصعوبات في عام 1933. واستغرق المشروع مدة أربع سنوات، حيث انتهت أعمال الإنشاء في عام 1937. يُعتبر اليوم أحد أطول الجسور المُعلَّقة في العالم.
جناح أوروبا
يمثل جناح أوروبا الدول الأوروبية وتتمثل في واجهته بعدة رموز تعبر عنها, مثل طواحين الهواء والتي هي عبارة عن آلة تعمل عن طريق قوة الرياح ومصممه لتحويل الطاقة من طاقة حركية إلى أشكال أخرى من الطاقة مثل الطاقة الكهربائية بشكل مفيد واقتصادي في نفس الوقت عن طريق شفرات أو أشرعة هوائية تدور حسب سرعة الرياح, ونظراً لاعتمادها على الهواء فإنها تتواجد بكثرة على السواحل وأيضاً بعيداً عن المدن نظراً لصدور أصوات عالية جداً نتيجة احتكاك شفراتها لتوليد الطاقة وتتواجد بكثرة في أوروبا, يعود تاريخ تشغيل أول طاحونة هوائية إلى القرن الأول الميلادي وكانت أول آلة تم استخدمت في توليد الطاقة في التاريخ, أستخدم المحور الرأسي للطواحين لأول مرة في بسيستان شرف بلاد فارس في القرن التاسع كما وصفها الجغرافيون المسلمون, والمحور الأفقي لطواحين الهواء من النوع الذي يستخدم عادة اليوم تم اختراعه في شمال غرب أوروبا في عام 1180م.. وتم الرمز إلى إيطاليا ببرج بيزا المائل, هو برج جرس كاتدرائية مدينة بيزا الإيطالية وكان من المفترض أن يكون البرج عمودياً ولكنه بدأ بالميلان بعد البدء ببنائه في أغسطس 1173م بمُدّةٍ وجيزة يقع بجانب كاتدرائية بيزا “ساحة المعجزات” واستمر بنائه 199 عامًا وعُرف باسم برج بيزا المائل لوجود ميلان به وانحراف عن المستوى العمودي ويتكون من ثمانية طوابق مبنية من الرخام الأبيض على الطراز الروماني بارتفاع 56 متر وبه درج مبني داخل الجدران يتألف من 294 درجة, وميله واضح للعيان ويقال بأن سبب هذا الميلان هو رخاوة وهبوط في التربة المبني عليها البرج.. وتم على الواجهة استعارة عمارة شبابيك البيوت في بلجيكا وهولندا بتنوعها واختلاف أشكالها وألوانها ومواد صناعتها ومواقعها.. وعلى الجهة اليمنى للواجهة في الأعلى تم الرمز إلى أحد الأبراج البلجيكية التراثية القديمة ليعبر عما تكتنفه بلجيكا من آثار وتراث كبير.. ومن اليونان والحضارة الإغريقية تم على جانبي الواجهة استحضار البيوت اليونانية القديمة والتي كانت كغيرها مزدانة بالأعمدة الكبيرة العالية والتي تعتبر رمزاً لحضارتهم الى جانب ما تركوه من رموز معمارية أذهلت العالم بفخامتها وجمالها ومعمارها وتصميمها.. وفي أعلى الواجهة كانت هناك بريطانيا ورموزها متمثلة في أبراجها وعين لندن وجسر لندن المعلق الشهير, فعين لندن هي عجلة سياحية ضخمة أو دولاب هواء تم إنشاؤه في العاصمة البريطانية قبيل مطلع القرن الحادي والعشرين وتعد من معالم لندن السياحية وتقع على ضفاف نهر التايمز يمكن ركوبها لمشاهدة معالم مدينة لندن والتمتع بالمناظر الجميلة أثناء دورانها حول محورها, ويمكن أثناء ركوبها رؤية كثيراً من المعالم حتى مسافة 40 كيلومتر في المتوسط, وأيضا رؤية بعض المعالم البارزة الشهيرة مثل كاتدرائية سنت بول وقصر وستمنستر وقلعة وندسور, ويوجد بها 32 كابينة صغيرة يمكنها أن تحمل 15 ألف زائر يوميا.. وأما جسر لندن المعلق أو
جسر البرج وهو جسر معلق ومتحرك في مدينة لندن يربط بين ضفتي نهر التايمز قرب برج لندن الذي ينسب إليه الجسر, ويعتبر الجسر أحد معالم مدينة لندن وأحد أعلى الجسور ارتفاعاً فيها وهو بناء مدرج بالدرجة الأولى.
وفي عام 1876م تم البدء في بناءه لإيجاد حل لمشكلة عبور نهر التايمز ولمواجهة الزيادة في النشاط التجاري وحركة النقل وصممه المهندس جون ولف باري حيث كانت فكرة التصميم تعتمد على فكرة الجسر المتحرك, وفي 30 يونيو من عام 1894م افتتح كل من الملك إدوارد السابع “ولي العهد آنذاك” وزوجته ألكسندرا الجسر رسمياً.