“الكناوة” إيقاعات علاجية ممزوجة بترسبات دينية

"كناوة" فن فلكلوري مغاربي أدرجته اليونسكو ضمن التراث العالمي اللامادي للإنسانية

فن فلكلوري تراثي إفريقي عابر للقرون والمسافات، يوصف بأنه آهات العبيد، إنه موسيقى “كناوة” وفق تسمية المغاربة، و”ديوان” كما يطلق عليها الجزائريون، و”ستامبالي” في تونس وليبيا.

وتختلط في حفلاتها الطقوس الصوفية والروحانية وترتبط عروضها أيضاً بأغراض علاجية، وتوصف بأنها آهات العبيد، كونها وصلت إلى المغرب العربي منذ القرن السادس عشر مع تجارة “العبيد”.

ويعد هذا الفن من الفنون التراثية في دول شمال إفريقيا، وتيارا موسيقيا مليئا بالإيقاعات في المغرب الذي صار موطنها العربي الرئيسي. واستمر هذا الأسلوب الموسيقي في السحر والاختراق عاما بعد الآخر.

إيقاعات إفريقية علاجية ممزوجة بترسبات دينية

وكانت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، وافقت على تسجيل الفن “الكناوي” المعروف بالمغرب، بشكل رسمي بالتراث العالمي اللامادي للإنسانية. تشكل موسيقى كناوة أو البلوز الإفريقي الخام شكلاً موسيقياً مليئاً بالإيقاعات حيث تصنف بامتياز ضمن “موسيقى الحال”.

كونها ثمرة مزيج من التدفقات الثقافية الإفريقية والمغاربية، خاصة الأمازيغية منها وأيضا من ترسبات بعض الممارسات الدينية. وقد استوحى عدد من الفنانين والمجموعات الموسيقية من أسلوب كناوة وأدمجوه في سجلاتهم الفنية عبر المزج بين الجاز وعيساوة والركة والراب والبلوز. وخاضتها أيضا في وقت لاحق فرقة “كناوة ديفيزيون” و”هوبا هوبا سبيريت” و”فناير” و”الفرقة الوطنية باريس” و”بوب مغرب”، وآخرون.

تراث فلكلوري تناقله معلمون وهذا أشهرهم

وحسب موسيقيين مغاربة، فإن هناك في المغرب “الليلة الكناوية”، تسمى في الجزائر “الديوان”، تتشابه في الأداء والصوت لكن الآلات مختلفة في شكلها لخصوصية المحيط الثقافي. “ففي تونس مثلا لا يوجد الكمبري ولديهم في المقابل الطبلة، والأمر نفسه في قسنطينة (شرق الجزائر)”.

ويقول موسيقيون مغاربة إن موسيقى كناوة لو لم يتم تناقلها على أيدي معلمين، كالمعلم بن عيسى الذي حرص على نقل هذا التراث دون مقابل وأثر في العديد من الشباب ممن ساهموا في مزج موسيقى كناوة بألوان موسيقية أخرى. لكانت قد اندثرت منذ ظهورها.

ليست ثقافة عبيد بل أسلوب حياة

إلى ذلك، يفتتن كثير من الشباب المغاربة بموسيقى “كناوة” كونها تمثل بالنسبة لهم منهلاً تراثياً أصيلاً يعود إلى المنابع الإفريقية، معتبرين أنها ترتبط بتاريخ العبودية في منطقة المغرب العربي، إذ إن من وقعوا ضحية هذه التجارة جلبوا معهم ثقافتهم وكيفوها مع بيئتهم المغاربية، غير أن كناوة بحسب كثير من الموسيقيين والمثقفين ليست، ثقافة عبيد فقط بل إنها أسلوب حياة وثقافة تراثية وروحية كاملة.

جلسة “الكناوة” لغايات علاجية

ويحيي كثير من المغاربة، ما يسمى بـ “ليلة كناوة”، توصف بأنها جلسة “علاج” تجري طقوسها بالنسبة لكناوة المغرب، حيث ينشدونها عبر أطوار موسيقية حسية واجتماعية لغايات علاجية. وتنقسم حفلة “الليلة الكناوية” إلى جزأين رئيسيين، الجزء العادي (يشمل البابراوين ثم النقشة) وجزء مقدس مقسم إلى 7 ألوان تسمى “لمحلة”، أما الآلات الضرورية لإقامة “الليلة” فهي الطبول والكنبري والقراقب.