نجحت دولة الإمارات في نقل وتحويل جهود تعزيز الاستدامة البيئية من إطارها التشريعي النظري إلى ممارسات وسلوكيات مجتمعية عبر سلسلة طويلة من القرارات على مستوى الطاقة، والمياه، وحماية التنوع البيئي والتي لامست الحياة اليومية لسكان الدولة.
وتسعى الإمارات في هذا الشأن إلى رفع مستوى الوعي المجتمعي للأفراد ليكونوا جزءاً رئيسياً في تحقيق أهدافها واستراتيجياتها البيئية وبرزت خلال الفترة الماضية مجموعة من القرارات والإجراءات الهادفة لتعزيز مساهمة الأفراد في حماية البيئة وتعزيز سلوكيات الترشيد والمحافظة على الموارد الطبيعية لديهم.
الطاقة الكهربائية.
و تطبق دولة الامارات على المستويين الاتحادي والمحلي سياسة الشرائح في احتساب قيمة استهلاك الطاقة الكهربائية حيث يتمتع المستهلكون ضمن الشريحة الأولى التي تتميز باستهلاك منخفض ومعقول بأسعار منخفضة عن كل كيلو واط يتم استهلاكه فيما ترتفع القيمة كلما زاد الاستهلاك والانتقال إلى الشرائح الأعلى.
و وضعت الإمارات مجموعة من المواصفات والمقاييس لتعزيز كفاءة استخدامات الطاقة ومن أبرزها النظام الإماراتي لمنتجات الإضاءة والرقابة عليها الذي يمنع استيراد، أو تداول أية منتجات إضاءة رديئة، أو منخفضة الجودة، بشكل غير مطابق للشروط والمعايير الواردة بالنظام، حيث يؤدي تطبيق هذا النظام إلى خفض استهلاك الطاقة في الدولة بما يعادل 500 ميجا واط سنوياً.
و استحدثت الإمارات لائحة فنية خاصة بكفاءة الطاقة للأجهزة الكهربائية المنزلية والتي تضمن معايير إلزامية سيتم تطبيقها على جميع المنتجات التي تغطيها، واللائحة الفنية لـبطاقة بيان كفاءة الطاقة للأجهزة الكهربائية لمكيفات هواء الغرف، والمعايير الخاصة بأنواع غازات التبريد المسموح باستخدامها في المكيفات لحماية البيئة، والتقليل من الغازات الضارة بطبقة الأوزون.
و تشمل اللوائح الفنية لترشيد استهلاك الطاقة في دولة الإمارات المركبات ذاتية القيادة، والدراجات الكهربائية، والـ “سكوترات”، وكفاءة الطاقة للمصاعد الكهربائية، ومصابيح الإنارة في الشوارع.
استدامة المياه.
و في مجال المياه نفّذت الإمارات مجموعة من المبادرات المهمة في مجال ترشيد استهلاك المياه وضمان استدامتها ومنها إقرار معايير الأبنية الخضراء الإلزامية التي ساهمت في خفض استهلاك المياه في المباني بنسبة تتجاوز 33%، وتعد مدينة مصدر مثالاً فريداً لمشروع تطوير حضري مستدام ومبتكر يضع ترشيد استهلاك المياه عنصراً رئيساً له حيث تم تصميم المباني في المدينة لتستهلك ما يقل عن 54% من المياه مقارنة بمتوسط استهلاك المباني العادية في الدولة كما يتم توفير 75% من الماء الساخن من خلال ألواح الطاقة الشمسية المثبتة على أسطح المباني وتم تقليل معدل استخدام مياه الري بنسبة 60% من خلال اعتماد نظام توزيع فعال ومبتكر.
و تعد مبادرات هيئة كهرباء ومياه دبي مساهما كبيرا في مسيرة الحفاظ على المياه العذبة والمحلاة في الدولة وتمكنت خلال السنوات الماضية وعبر توظيف التقنيات الحديثة من توفير 1.4 مليار غالون من المياه من استهلاك المنشآت التعليمية عبر زيادة مستوى الوعي لدى القائمين عليها بأهمية التوفير واعتمادها لنظام إلكتروني لمراقبة شبكات نقل وتوزيع المياه لضبط نسب التبخر والتسريب.
و تمكنت الإمارات وبشكل تدريجي من وقف زراعة الأعشاب والنباتات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه، وتبني آليات زراعة حديثة في مجال زيادة الإنتاجية الزراعية مع تقليل استهلاك المياه مثل آليات الزراعة المائية والبيوت المحمية والري المغطى والتي تساهم جميعها في تحقيق الكفاءة الإنتاجية الزراعية نفسها، باستخدام 90% مياه أقل من أساليب الزراعة التقليدية.
بدوره يمنع النظام الاماراتي للبطاقة الخضراء للأدوات المرشدة لاستهلاك المياه استيراد أو تداول أية أدوات صحية تتحكم بتدفق المياه وتوجيهها، بنوعيات رديئة أو منخفضة الجودة وغير مطابقة للشروط والمعايير الواردة بالنظام، كما يتم استبعاد أية منتجات غير مطابقة للمواصفات من الأسواق، واتخاذ الاجراءات القانونية التي تضمنها النظام بحق المخالفين.
و تتصدى الإمارات لظاهرة حفر آبار المياه الجوفية غير القانونية التي تسهم في استنزاف مخزون المياه بشكل كبير فضلا عن تسببها في العديد من الحوادث و تطبق الجهات المعنية مخالفات وعقوبات مشددة بحق المتجاوزين و التي تصل في إمارة أبوظبي على سبيل المثال إلى 300 ألف درهم والحبس.
التنوع الحيوي.
وعملت الإمارات طوال السنوات الماضية على إقرار تشريعات وقوانين من شأنها المحافظة على التنوع الحيوي والتي شملت حماية الثروة الحيوانية والسميكة من الاندثار والانقراض واتخاذ التدابير الوقائية اللازمة لحماية البيئة البحرية من التلوث.
وبذلت الإمارات جهودا كبيرة للتصدي لظاهرة الاستهلاك المفرط للأكياس البلاستيكية في الحياة اليومية لأفراد المجتمع والحد من آثارها الضارة على البيئة وسائر الكائنات الحية.
و تحظر القوانين في الإمارات الطباعة على الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتحلل.. كما اعتمدت الامارات مواصفة قياسية إلزامية بشأن خصائص الأكياس البلاستيكية وغيرها من منتجات البلاستيك القابل للتحلل وذلك بإصدار قرار مجلس الوزراء رقم 40 لسنة 2009، وتم اعتماد تعديل هذه اللائحة لتشمل منتجات بلاستيكية أخرى وإخضاعها لإحكام اللائحة في عام 2012”.
و على المستوى المحلي، أطلقت هيئة البيئة في أبوظبي في مارس/آذار 2020 سياسية لخفض استهلاك المواد البلاستيكية المستخدمة لمرة واحدة تدريجياً وصولاً إلى حظرها واستبدالها بالأكياس متعددة الاستخدامات وفرض رسوم على المواد البلاستيكية الأخرى ذات البدائل، كذلك اعتمد المجلس التنفيذي لإمارة دبي “سياسة الحد من الأكياس ذات الاستخدام الواحد” والتي تشمل فرض تعرفة قدرها 25 فلساً على أكياس نقل البضائع أحادية الاستخدام فقط.
المصدر-وكالة أنباء الإمارات