اليابان في اللغة العربية ، أو الإمبراطورية اليابانية كما تشير بعض المراسيم والرسائل القديمة، اطلق عليها قدماء الصين اسم بلاد الواق الواق، وتعني هذه العبارة في اللغة الصينية ” بلاد الصغار” . أما اليابانيون أنفسهم فقد أطلقوا على بلادهم اسم ” ياماتو ” الواردة في كتب التراث والقصص الشعبية القديمة. وتعني كلمة ” ياماتو” السلام الكبير. أما الاسم الرسمي الحالي لليابان فهو ” نِهون” وتُنطق مخففة بكسر النون في الاستعمال العادي. أما في الحالات الخاصة كالخطب السياسية، مناقشات السلطة التشريعية، الحرب، المنافسات الرياضية الدولية فيُنطق الاسم بقوة بالغة بكسر النون وشد الياء (نبون) NIPPON . ويعني هذا الاسم المكان الذي تشرق منه الشمس. وقد استحدث لأول مرة بواسطة الأمير “شوتوكو” الذي حكم البلاد أوائل القرن السابع للميلاد في خطاب بعث به إلى إمبراطور الصين آنذاك.
في اللغة الإنجليزية عُرفت هذه البلاد ب “جابان ” وجاءت هذه الكلمة من التسمية البرتغالية “زبانغو ” أو ” جبابغو” التي أخذها البرتغاليون من التسمية الصينية التي استحدثت في القرن الثامن وهي ” جهبنكو ” . ورغم وجود الاسم الحقيقي لهذه الدولة وبالمعنى الواضح الذي أحبه اليابانيون، يزعجنا ويزعج اليابانيين كثيراً إطلاق اسم ” اليابان” على بلادهم من قبل العرب، إذ أن كلمة يابان في لغتهم تعني المتوحش الوقح أو المتخلف البربري. وفي غياب مصدر موثق لهذه التسمية العربية يمكن القول بأن لغة الخليج العربي التي يُنطق فيها الجيم ياءً، ربما كانت وراء نطق كلمة “جابان” الانجليزية يابان، كما يزعم بعض اليابانيين الذين عاشوا في الخليج.
لليابان علم وطني ترفعه السفن التجارية منذ القرن السادس عشر يسمى ” نشوكي” أي علم الشمس المشرقة أو ” هيمارو ” علم الشمس، ونشيد وطني يُعرف ” كمياقايو”و زهرة وطنية اسمها ” ساكورا” كما اعتمدت الدولة منذ عام 1947 طائر الدراج أو الديك البري ” كيجي” ليكون الطائر الوطني.
تتكون الدولة اليابانية من أربع جزر رئيسية هي ” هونشو “، “شيكوكو” ، كيوشو” و “هوكايدو” بالاضافة إلى (6848) من الجزر الصغيرة التي تكمل الشكل الهلالي الذي يبلغ طوله (3300) كلم بمساحة قدرها (378000) كلم مربع. تشكل الجبال المغطاة بالغابات (67%) من مساحة اليابان ولا تصلح للزراعة إلا (15%) من الأراضي اليابانية وتستعمل (3%) من مساحة اليابان للسكن و (94%) منها للمناطق الصناعية.
تقع مجموعة الجزر اليابانية في دائرة القطاع الباسيفيكي الزلزالي وفوق أكبر الكتل البركانية الحية الموجودة في باطن الأرض والأكثر نشاطاً وخطراً في العالم. وهي طبقات بركانية مهترئة تعرض اليابان إلى هزات أرضية لا تنقطع أبداً، غير أنها بدرجات متفاوتة من القوة التي يشعر الإنسان ببعضها ولا يشعر بالكثير منها.
ويعتبر جبل ” فوجي” الشهير أعلى جبال اليابان الذي يبلغ ارتفاعه (3776) متراً من الجبال البركانية الخطرة التي يُخشى بأسها. إلا أنه ظل هادئاً منذ آخر انفجار له في عام 1707. ويشكل جبل ” فوجي” خطراً طبيعياً يهدد الحياة وبقاء اليابان على وجه الأرض، وذلك بجانب (60) من الجبال البركانية. ومع ذلك تعتبر منطقة جبل ” فوجي” من أجمل المناطق السياحية في العالم بجبالها، بحارها، غاباتها الملونة ومياهها الكبريتية وجاهزيتها بمتطلبات السائحين وسبل الراحة والمتعة.
يذكر اليابانيون جميعاً زلزال ” كانتو” الشهر الذي ضرب أواسط اليابان عام 1923 وأودى بحياة عشرات الآلاف من السكان. ومنذ ذلك التاريخ يُنفذ اليابانيون تمريناً عاماً وشاملاً في جميع أنحاء اليابان في مثل ذلك اليوم من كل عام، حيث تطلق صافرات الإنذار وتتحرك سيارات الإطفاء والإسعاف، تتعطل حركة القطارات السريعة ويقوم كل فرد في موقعه بما يجب عليه وكأن هنالك هزة أرضية مماثلة لزلزال ” كانتو” قد وقعت.
ومن خلال هذا التمرين السنوي يتعلم الصغار والوافدون الجدد إلى اليابان، ويعرف الناس أماكن اللجوء ووسائل الاتصال الاحتياطية كما يتم التأكد من صلاحية الأجهزة والمعدات والأغذية والأدوية الاحتياطية التي يتم تجديدها في هذا اليوم.
بالإضافة إلى الهزات والإنزلاقات الأرضية، تتعرض اليابان لكوارث طبيعية مختلفة منها الرياح التيفونية والأمطار التي تجرف معها كثيراً من المساكن والمزارع كل عام.
الذين يدركون مثل هذه المعلومات أو يقرؤونها، يتساءلون كثيراً، كيف أصبحت اليابان دولة عظمى بعد أن خرجت مهزومة في الحرب العالمية الثانية وقد حظيت بأول ضربة بالقنبلة الذرية التي ما زالت تعاني من آثارها؟ دولة لا تملك موارد طبيعية ولا تملك ما يحميها من قهر الطبيعة وكوارثها؟ بل كيف تحقق تفوقها وهي تعيش بسكانها البالغ عدده (125.8) مليون نسمة في مساحة تكاد لا تظهر على خريطة العالم؟ كيف تحقق كل ذلك ونحن في العالم العربي والإفريقي ننعم بالأراضي الشاسعة والثروات الطبيعية من زراعية وحيوانية وثروات ما باطن الأرض وأعماق البحار نظل على حالنا من تخلف وفقر؟
سؤال كهذا لا يحتاج لإجابة، ولا ينبغي طرحه من عاقل راشد، إلا إذا كان لمجرد العتاب الذاتي أو تأنيب الضمير. الإجابة واضحة، وببساطة نقول إنها الإنسان، إرادة الإنسان فالإنسان الذي جعله الله خليفته في الأرض، ومنحه العقل والقدرات التي لم يمنحها غيره هو من صنع اليابان، وجعل منها قوة عظمى من لا شيء. نحن كعرب وأفارقة لدينا من الأديان السماوية والموروث الحضاري ما يعيننا على بناء الإنسان المعافى ذي الإرادة والقدرة على العطاء. في كتبنا السماوية مؤشرات وأدلة تساعدنا على الإبداع و التفوق العلمي والتقني، ومع ذلك ننتظر حتى يأتي غيرنا بإبداعات علمية، ثم ندعي أنها موثقة في كتبنا السماوية منذ قرون.
@الأستاذ الدكتور محمد الأمين البشرى محجوب
باحث في الشؤون اليابانية