بعد اجتياح جائحة كورونا العالم، فكّر مهندس الميكانيك الأردني «صليبا طعيمة» في سبل تعقيم الأسطح الملوثة التي يلمسها عدد ضخم من الناس يومياً، فقرّر صنع جهاز لتعقيمها يعمل بالأشعة فوق البنفسجية، لكن فكرته وأفكار مخترعين أردنيين آخرين، لم تكن لتنجح وترى النور على أرض الواقع من دون مساعدة «مصنع الأفكار»، أو «تيك ووركس».. فما القصة؟
«مصنع الأفكار»، هو مركز ومنصة ومحرك ابتكار فريد من نوعه في الأردن يعمل على جذب وإلهام وتمكين ودعم الصانعين والمبدعين والشباب الموهوبين.
تم إنشاء المركز عام 2018 في مجمع الملك حسين للأعمال الذي يضم فروع كبريات شركات التكنولوجيا العالمية، وهو يحتوي على أجهزة متطورة ويتبع لمؤسسة ولي العهد الحسين بن عبد الله الثاني.
استقبل المركز خلال عام 2021، نحو مئة مخترع وشركة ناشئة لمساعدة أصحاب الاختراعات على إنتاج النماذج الأولية بشكل سريع وبتكلفة منخفضة.
وقال طعيمة في تصريحات ل «فرانس برس»، إنه نجح في اختراع جهاز التعقيم بعد نحو عامين وبعد نحو 23 محاولة وبمساعدة المركز الذي «وفّر لي كل الدعم والإسناد والنصح والإرشاد»، مشيراً إلى أنه عدّل الجهاز أكثر من مرة وصار أكبر حجماً وأضيفت له شاشة.
وأضاف «إنها آلة لتعقيم درابزين السلالم الكهربائية من جميع أنواع الفيروسات كفيروس كورونا والبكتيريا وبمنتهى القوة والفاعلية».
بعد انتهائه من صنع الجهاز، تراسل صليبا مع شركات عالمية عدة عارضاً عليها فكرته، فجاءه الجواب من شركة ألمانية مختصة بالسلامة الصحية في الأماكن العامة اتفقت معه على صنع الجهاز الذي أطلق عليه اسم «بريجيد بوكس»، ويزن 7,2 كلغ ويثبت في أقل من 15 دقيقة بشكل خارجي على المصاعد، وسيحصل بالمقابل على جزء من الأرباح.
ووجد مخترعون آخرون طريقهم إلى النجاح بمساعدة المركز، ومنهم طالب الثانوية زين أبو رمان البالغ من العمر 18 عاماً الذي تمكن من صنع جهاز تعقّب للمرضى من كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، وهو جهاز يوضع في اليد كالساعة أو يوضع حول الرقبة كالقلادة أطلق عليه اسم «أس بي اس ووتش» وتعمل بطاريته على مدى ثمانية أيام متتالية وهو ضد الماء والحرارة والكسر.
ويقول أبو رمان «بإمكان الجهاز إرسال تنبيهات إلى هاتف أحد أفراد العائلة من خلال تطبيق خاص في حال تعرّض الشخص للسقوط أو الأذى أو في حال ذهب بعيداً عن المكان المحدّد له».
ويضيف الشاب الذي عمل لمدة عامين ونصف للوصول إلى الاختراع، أنه سعيد وفخور جداً بعدما اتفق مع شركة صينية للبدء بإنتاج الآلة.
أما شركة «جرزي» للتصميم الصناعي بمساعدة المركز، فنجحت في تصميم قابس كهربائي ذكي يحمي الأطفال من الصعق الكهربائي.
ويقول عمر خضر البالغ من العمر 26 عاماً، وهو مصمم صناعي يعمل في الشركة، إن «لدى مصنع الأفكار أجهزة متقدمة ومهندسون وفنيون يساعدوننا على تحويل أفكارنا لمنتجات ناجحة».
ولكن ما زال أمام بعض المصممين، مثل المهندس المدني مالك نور البالغ من العمر 32 عاماً، طريق طويل ومكلف للتأكّد من أصالة منتجاتهم.
فقد صمم نور مثلث «بيكلر»، وهو لعبة للأطفال آمنة صديقة للبيئة، وهو يأمل أن يفاتح عملاق الأثاث «إيكيا» السويدي بعرض منتجاته التي يبيعها حالياً عبر مواقع التواصل الاجتماعي لزبائن في عدة دول، وأطلق عليها اسم «عالم فارس»، تيمناً باسم نجله.
ويؤكد المدير التنفيذي ل«مصنع الأفكار» إسماعيل حقي لوكالة فرانس برس أن «المصنع يسعى لتأمين بيئة إبداعية وكل المصادر اللازمة لدعم وتمكين الشباب من تحويل مشاريعهم من مجرد فكرة لمنتج ملموس على أرض الواقع».
ويوضح «أبواب مختبر المصنع مفتوحة للجميع، فالدعم يشمل الطلاب والرياديين والشركات الناشئة».
ويشير إلى أن «هناك العديد من الشباب الذين يعملون حالياً مع المصنع لإنتاج منتجات في شتى القطاعات».
ويشير حقي إلى «قصص ناجحة أخرى» منها ابتكار «البيت الذكي» الذي يمكّن بواسطة هاتف نقال، من التحكم بالأجهزة الكهربائية داخل المنزل من إنارة البيت أو فتح التدفئة أو التبريد عن بعد.
كما ابتكرت طالبة لوحة مفاتيح خاصة بالبيانو مكّن زميلتها الكفيفة من عزف البيانو.
كما يقدّم المصنع خدماته للأطباء والمستشفيات في مجال عمليات ترميم الوجه وطب الأسنان الرقمي وواقي الوجه وأجهزة تعقيم.
ويقوم المصنع الذي يأمل بفتح فرعين آخرين له في شمال وجنوب المملكة باستقبال طلاب المدارس والجامعات وتقديم دروس توعية تدريبية حول التكنولوجيا.