أكد معالي محمد عبد الله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات، أن القمة العالمية للحكومات تحولت برؤى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، بعد نحو عقد على إطلاقها، إلى المنصة الأولى والأكبر عالمياً لصناعة المستقبل، والحاضنة المحفزة لابتكار نموذج الحكومات المستقبلية، مشيراً إلى أن ولادة فكرة القمة جاءت استجابة لواقع محاط بالتحديات الكبرى في مختلف المجالات، في مسعى لتشكيل منصة حوار هادف وعمل مشترك بناء، لكتابة فصل جديد في العمل الحكومي المستقبلي، وبناء منظومة فرص جديدة تمكّن الحكومات من استباق تحديات المستقبل.
جاء ذلك، خلال حديث معاليه في “حوار القمة العالمية للحكومات” الذي تم تنظيمه اليوم في متحف المستقبل بدبي، وتم خلاله استعراض أبرز مستجدات القمة، ومنتديات دورتها الثامنة التي تنظم في مركز دبي للمعارض في إكسبو 2020 دبي، يومي 29 و30 مارس الحالي، وتحدث فيه كل من؛ معالي الدكتور سلطان بن أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ومعالي عبد الله بن طوق المري وزير الاقتصاد، ومعالي عهود بنت خلفان الرومي وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل نائب رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات، ومعالي شما بنت سهيل فارس المزروعي وزيرة دولة لشؤون الشباب، ومعالي عمر سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد مدير مؤسسة القمة العالمية للحكومات.
وقال معالي محمد القرقاوي إن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حدد منذ القمة الأولى المستهدفات الأساسية للعمل الحكومي، ودور الحكومات في خدمة الانسان، فكانت هذه المبادئ الأساس في استشراف وإلهام وتمكين حكومات المستقبل، مشيرا إلى أن القمة دعمت تطوير أفكار استثنائية مثل إطلاق متحف المستقبل، الذي يستشرف خدمات المستقبل وحياة الانسان في عالم الغد، مؤكدا أن تنظيم حوار القمة من المتحف يمثل رسالة القمة في تحديد أهداف العقد الحالي وطموحات العقد المقبل، واستشراف مستقبل الحكومات للأجيال القادمة.
وأضاف رئيس القمة العالمية للحكومات أن القمة التي حملت منذ بداياتها شعار “استشراف حكومات المستقبل”، التي ستكمل قريباً عقدها الأول أصبحت منصة لتبادل الأفكار والتجارب ومشاركة المعرفة وقصص النجاح الملهمة، ونقلها إلى مرحلة متقدمة من التمكين والتطبيق والانتشار، فخلال السنوات الماضية شكّلت القمة حدثاً استثنائياً لتعزيز الشراكات الهادفة وتطوير أطر التعاون البنّاءـ 6 رؤى لتعزيز الجاهزية للمستقبل.
وقال معالي محمد القرقاوي إن القمة العالمية للحكومات قدمت 6 رؤى أسهمت في تعزيز استعدادنا للمستقبل، الرؤية الأولى مستلهمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بأنه لا يوجد مستحيل في قاموس دولة الإمارات، وهذه الرؤية كانت الخطوة الأولى في إطلاق النموذج المستقبلي لوزارات المستقبل، مثل ملفات التكنولوجيا المتقدمة والتسامح والذكاء الاصطناعي والأمن الغذائي والمائي.
وأضاف أن الرؤية الثانية تمثلت في أن اقتصادات العالم ستتغير والمنظومة الاقتصادية للدول لن تعتمد على مورد واحد، وقد استلهمت من رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات خلال 50 عاما، حين سنحتفي بتصدير آخر برميل نفط، ومنذ ذلك الحين ارتفعت تجارة دولة الإمارات غير النفطية من 1.059 تريليون درهم في 2015 إلى 1.9 تريليون درهم عام 2021.
وأشار رئيس القمة العالمية للحكومات إلى أن الرؤية الثالثة التي طورتها القمة تتمثل في تشكيلها تصوراً جديداً لمدن المستقبل، المدن الإنسانية التي تعزز التواصل بين السكان، وتمكّنهم من الموازنة بين عملهم وحياتهم، والتي استلهمت من رؤية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، لمدينة المستقبل التي شاركها عبر منصة القمة، واليوم تتصدر دبي المدن الإقليمية في قائمة تصنيف أفضل المدن العالمية، وتحتل المرتبة الثالثة عالمياً على القائمة ذاتها، وفقاً لاستطلاع “إكسبات إنسايدر 2021”.
وأوضح معاليه أن الرؤية الرابعة تم بناؤها على حديث الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية عن صورة الانسان الإماراتي والمواطنة الإيجابية التي تجعل مجتمع دولة الإمارات نموذجاً للمجتمعات المتقدمة وقدوة في المحافل العالمية، والتي تمت ترجمتها بإطلاق حكومة دولة الإمارات الاستراتيجية الوطنية للمكافآت السلوكية لتعزيز العمل الإيجابي في المجتمع والحس بالمسؤولية الجماعية.
وقال إن الرؤية الخامسة التي تبنتها القمة تتلخص في أنه لا حدود لطموح البشر وتمكين الانسان، واستلهمتها من حديث سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في القمة، عن الحلم الإماراتي في الوصول إلى الكوكب الأحمر، ووصول العلوم من الصحراء الإماراتية إلى صحراء المريخ، وقد احتفت دولة الإمارات في عامها الخمسين بإنجاز واحد من أكبر المشروعات بأن يصل العرب للمرة الأولى إلى المريخ، مشيرا إلى أن سموه جعل من القمة العالمية للحكومات منصة متكاملة لتمكين الشباب وتعزيز دورهم الإيجابي وتطوير المشروعات العلمية التي ترفع تنافسية المنطقة.
وأضاف رئيس مؤسسة القمة العالمية للحكومات أن الرؤية السادسة للقمة ترتكز على أهمية التعايش والأخوة الإنسانية، التي رسم معالمها حديث سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي عن منظومة القيم والأخلاقيات الأصيلة لمجتمع دولة الإمارات، التي تعزز الانسجام والتعايش وتتبنى حسن الجوار والتعايش ومبادرة دولة الإمارات في إطلاق وثيقة الأخوة الإنسانية مع كل الشعوب.
15 منتدى عالمياً تبحث أهم التوجهات العالمية في القطاعات الحيوية
واستعرض معالي محمد القرقاوي المنتديات العالمية الـ 15 التي تستضيفها الدورة الثامنة، بهدف بحث أهم التوجهات العالمية في القطاعات الحيوية التي تسهم في تعزيز الخطط لبدء عقد حكومي جديد، ووضع سياسات واستراتيجيات وخطط مستقبلية تعزز جاهزية الحكومات ومرونتها للمرحلة التالية من التطور.
وتطلق القمة للمرة الأولى هذا العام منتديات تناقش أبرز التوجهات العالمية خلال العقد الحالي، إذ تستضيف منتدى الأصول الرقمية العالمي التي شهدت نمواً كبيراً وأحدثت حراكاً جذرياً في التعاملات المالية، وتبحث عالم الإنترنت التالي Web 3.0 في منتدى الميتافيرس العالمي الذي سيصبح واحداً من أهم الأسواق العالمية، والذي يمزج عناصر الواقع الافتراضي وتقنيات الواقع المعزز التي تمكّن الأفراد من عيش حياة جديدة في عالم رقمي متكامل يتشاركون فيه “كل شيء”.
كما ستنظم القمة الاجتماع العربي الأول للقيادات الشابة، منصة تجمع الشباب العربي لاستكشاف آفاق المستقبل، ومنتدى الإدارة الحكومية العربية الذي يبحث سبل النهوض بالعمل الحكومي العربي ونقله إلى آفاق مستقبلية.
وتستضيف القمة منتدى الأمن السيبراني في قطاع الطيران لاستشراف مستقبل الطيران الآمن والمعزز رقمياً والآمن سيبرانياً، وتبحث مستقبل الاستثمار في قمة “إنفستوبيا” للاستثمار، التي توفّر منصة لإطلاق الأفكار الجديدة.
كما تستضيف القمة بالشراكة مع المنظمات العالمية منتديات تجمع أبرز نوابغ العالم لبحث القطاعات الحيوية ووضع الأفكار والرؤى لمستقبل جديد، أهمها: التجمع السنوي لأهم 100 شخصية ضمن قائمة “تايم”، ومنتدى فوربس 30 Under 30.
وتواصل القمة استضافة وعقد المنتديات الرئيسية التي تشكل محوراً حيوياً للمجتمعات العالمية وضرورة قصوى لمناقشة توجهاتها وهي: منتدى التغيّر المناخي الذي يركز على استضافة دولة الإمارات الدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “كوب 28”.
كما تستضيف القمة منتدى الطاقة العالمي، ومنتدى الصحة العالمي، وأهداف التنمية المستدامة، ومنتدى الخدمات الحكومية، ومنتدى المرأة في الحكومة، ومنتدى التوازن بين الجنسين، المنتديات التي تبحث أهم القطاعات الحيوية، واستشراف أهم توجهات المستقبل.
القمة واستشراف تحديات “الجائحة” و”المناخ” و”تكنولوجيا المستقبل”
وأكد معالي محمد القرقاوي أن الأثر الإيجابي للقمة العالمية للحكومات لم يكن محصوراً في دولة الإمارات، بل امتد ليغطي الكثير من التحديات التي استشرفتها من خلال أكثر من 1100 جلسة نظمتها على مدى 7 دورات، استضافت فيها الخبراء وصناع القرار ومسؤولي الحكومات.
وقال إنه في قمة عام 2018، استمعنا لوصف استشرافي متكامل ودقيق حول عالم يعاني من جائحة كبرى وصلت إلى كافة المجتمعات، حين أكد الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسيوس مدير عام منظمة الصحة العالمية أهمية الاستعداد لأي جائحة محتملة، وتعزيز جاهزية النظم الصحية للدول، وقد شكلت جائحة “كوفيد – 19” أحد أهم الدروس التاريخية التي سرّعت تبني الحكومات النظم المستقبلية وبيئات العمل الهجينة، وتعزيز الجاهزية والمرونة والاستعداد لمستقبل أكثر انفتاحاً وترابطاً وتشكيل حكومات رقمية متكاملة.
وأضاف رئيس القمة العالمية للحكومات أن دولة الإمارات استعدت للجائحة من خلال نظامها الصحي وتعزيز الرعاية الطبية والاستراتيجيات الصحية والبنية التحتية التكنولوجية، لتتصدر مؤشر شبكة “بلومبيرغ للمرونة” وتصبح أفضل الدول في تطويق كوفيد-19 وحماية أفراد المجتمع.
وقال إن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أعلن من منصة القمة عن التغيير الوزاري الأكبر من نوعه بتعيين وزير للتغير المناخي لمواجهة التحدي العالمي الذي يؤثر على جميع المجتمعات، لتكون دولة الإمارات من الدول السباقة في مواجهة هذا التحدي ووضع استراتيجياتها الاستباقية في تحقيق الحياد الكربوني، وقد شهدنا تبعات هذه التغيرات بعد عام واحد فقط، إذ أطلقت الحكومة “استراتيجية الإمارات للطاقة 2050”.
وأشار معالي محمد القرقاوي إلى أن السنوات الماضية شهدت تطورات عديدة في استراتيجيات دولة الإمارات وتوجهاتها نحو الطاقة النظيفة والمتجددة، ومبادراتها لتعزيز جهود مكافحة التغير المناخي، التي شكلت خطوة في تمكين دولة الإمارات من استضافة الدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ “كوب 28”.
وقال إن التحدي الثالث الذي استشرفته القمة تمثل في تعزيز الأمن السيبراني، وحماية الأنظمة الرقمية، وتطوير البنية التحتية الرقمية لحكومات المستقبل، وإن القمة شهدت الإعلان عن استحداث منصب وزاري يعنى بالتكنولوجيا المتقدمة، وكانت حوارات القمة أساساً في تعيين أول وزير للذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، كما ناقشت في 2016 مستقبل العملات الرقمية، وساهمت في تحديد منظومة للفرص العالمية في مجال الأصول الرقمية، باستضافة روّاد تكنولوجيا الـ”بلوك تشين”، واليوم تقدر القيمة السوقية للعملات المشفرة، بـ 2.5 تريليون دولار.
قمة الفرص
وأكد معالي محمد القرقاوي أن الدورة الحالية تمثل قمة الرؤى والتحديات لاستشراف مستقبل أفضل، وهي قمة الفرص، لتعزيز مشاركة الشباب الذين يشكّلون ثلثي سكان المنطقة في صنع القرار، وتوفير منصة خاصة بهم، مشيرا إلى أن القمة تخصص للشباب العربي منصة سنوية للمشاركة بتطلعاتهم ورؤاهم للمستقبل، ومن القمة جاء الإعلان عن تعييّن دولة الإمارات أصغر وزيرة للشباب، وتم إطلاق مجالس الشباب، واستراتيجيات خاصة بالشباب وتصميم سياسات الشباب، وانطلق مركز الشباب العربي من القمة ليساهم في إعداد نموذج رائد لتمكين الفئة الأكبر في الوطن العربي.
وقال إنه من القمة العالمية للحكومات استعرض المخترع ورائد الأعمال العالمي إيلون ماسك الملامح الأولى للميتافيرس، عالم الإنترنت المقبل، عندما قال إن ألعاب الفيديو ستتطور لتصبح عالماً كاملاً نعيش فيه ونعمل ونبدع أفكاراً جديدة لمستقبلنا، والآن يحمل لنا عالم الإنترنت فرصاً جديدة لابد أن نستكشفها، حيث يكتسب الميتافيرس أهمية كونه يقدم لنا عوالم افتراضية موازية لتبلغ القيمة السوقية بحلول عام 2026 أكثر من 750 مليار دولار.
وأضاف أن القمة العالمية للحكومات، بدأت منصة لتبادل الخبرات وستبقى ملتقى عالميا للممارسات العالمية المتميزة، استضفنا عبر دوراتها السابقة حكومات تمكّنت من تعزيز مكانتها العالمية وتطوير آليات عملها في مختلف القطاعات الحيوية.
قمة العقد المقبل للحكومات
وقال معاليه إن القمة التي ستدخل عقداً جديداً من مسيرتها، تضع رؤى تصلنا بالمستقبل، وستكون التجمع الأكبر من نوعه منذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد، وستشكل فرصة لدراسة أفضل الممارسات في تطويق الجائحة وتسريع جهود التعافي الشامل في جميع القطاعات.
وأضاف أن رسالة القمة هي أن صناعة الغد تبدأ اليوم، لهذا تم اختيار إكسبو 2020 دبي لإطلاق قمة العقد المقبل للحكومات، لتكون ختاماً لأكبر تجمع للعقول البشرية، قمة نستشرف بها متغيرات العقد الجديد، ونضع عبرها رؤى مختلفة، وفرصاً جديدة لتمكين أجيال المستقبل.
شراكات عالمية
وأشار معالي محمد القرقاوي إلى أن القمة العالمية للحكومات وقعت شراكات مع أكثر من 80 شريكاً استراتيجياً ومعرفياً وإعلامياً، وستصدر هذا العام 20 تقريراً معرفياً بالشراكة والتعاون مع أهم المؤسسات البحثية العالمية.
وقال إنه في نسخة استثنائية تكرّم القمة العالمية للحكومات هذا العام الوزير الذي تمكّن من إدارة الأزمات وتحويل جائحة كوفيد-19 إلى فرصة نوعية لتبني الرقمنة وأحدث الوسائل التكنولوجيا وتقديم خدمات حكومية متقدمة.
وأضاف: “المستقبل يحمل فرصاً كبيرة لتطوير وتبني منظومة حكومية استثنائية قادرة على توظيف نتائج التجارب السابقة في ابتكار حلول لمواجهة التحديات المستقبلية، المستقبل يبدأ اليوم، وكما قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم فإن المستقبل لا ينتظر.
الجدير بالذكر، أن القمة العالمية للحكومات تشكل منصة عالمية رائدة تجمع تحت مظلتها نخبة من قادة الحكومات والوزراء وكبار المسؤولين وصنّاع القرار ورواد الأفكار والمختصين في الشؤون المالية والاقتصادية والاجتماعية من مختلف دول العالم، لتبادل الخبرات والمعارف والأفكار التي تسهم في استشراف مستقبل الحكومات، وتستضيف مجموعة متنوعة من الورش والجلسات والمبادرات التي تركز على أحدث الاتجاهات وأفضل الممارسات في قيادة الحكومات، وتقديم حلول مبتكرة لاستباق التحديات العالمية.