كشفت دراسة حديثة لغرفة تجارة دبي أجرتها بالتعاون مع “إيكونومست إمباكت” إن إجمالي استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في أمريكا اللاتينية بين عامي 2016 و2021 بلغت 4 مليارات دولار أمريكي، استحوذت الإمارات العربية المتحدة منها على 77% من الإجمالي ، وذلك وفق تقديرات منصة أسواق الاستثمار الأجنبي المباشر”إف دي آي ماركتس” وهي قاعدة بيانات إلكترونية.
وأظهرت الدراسة التي صدرت ضمن الاستعدادات لتنظيم الدورة الرابعة من المنتدى العالمي للأعمال لدول أمريكا اللاتينية، والذي تنظمه غرفة تجارة دبي بالتعاون مع إكسبو 2020 دبي، إن نصف هذه الاستثمارات في امريكا اللاتينية كانت استثمارات لشركات الخدمات اللوجستية والتوزيع والنقل، مع استحواذ “دي بي ورلد” على حصة كبيرة من هذه الاستثمارات.
وكشفت الدراسة ان الاستثمار الأجنبي المباشر من أمريكا اللاتينية إلى دول مجلس التعاون الخليجي كان أقل بكثير، حيث قُدّر بأقل من 500 مليون دولار أمريكي بين عامي 2017 و2021، كانت حصة البرازيل منها 85% وحصة الأرجنتين 13%. وتعود أكبر الاستثمارات في دول مجلس التعاون الخليجي لشركة “بي آر إف” البرازيلية، وهي واحدة من أكبر شركات تصنيع الأغذية في العالم ومورد رائد للدواجن إلى أسواق دول الخليج. وخلال السنوات القليلة الماضية، أسست الشركة مصانع لمعالجة الأغذية في كل من السعودية والإمارات .
ولفتت الدراسة إلى أن التجارة الثنائية بين أمريكا اللاتينية ودول مجلس التعاون الخليجي كانت آخذة في النمو في الفترة التي سبقت جائحة كوفيد-19، حيث ارتفعت الواردات بشكل حاد بين عامي 2017 و2019.
وبالتحديد، ارتفعت الواردات من أمريكا اللاتينية إلى دول مجلس التعاون الخليجي من 9.6 مليون دولار أمريكي في عام 2016 إلى 17.2 مليون دولار أمريكي في عام 2019، قبل أن تنخفض إلى 15.4 مليون دولار أمريكي في عام 2020. وتتألف هذه الواردات أساسًا من سلع أولية، وبشكل خاص الذهب واللحوم والحديد الخام والحبوب والسكر والقهوة.
وتشكل البرازيل أكبر حصة من واردات دول مجلس التعاون الخليجي من أمريكا اللاتينية /بنسبة 42%/ فهي أكبر منتج ومصدر للحوم الحلال إلى العالم، وخاصة لدول الخليج. وفي الواقع، تعتبر الأسمدة من أكبر صادرات دول مجلس التعاون الخليجي إلى أمريكا اللاتينية /17% من إجمالي الصادرات/، إلى جانب البوليمرات البلاستيكية /20%/ والألومنيوم /12%/ والأمونيا والنفط. ومع ذلك، فقد ظلّت القيمة الإجمالية للصادرات منخفضة نسبيًا عند حوالي 2.5-3.5 مليون دولار أمريكي في السنة بين عامي 2016 و2020.
وتستورد دول مجلس التعاون الخليجي الحديد الخام من أمريكا اللاتينية /9% من إجمالي الواردات/ لإنتاج منتجات الألومنيوم التي تقوم بتصديرها بعد ذلك إلى أمريكا اللاتينية. وتُستخدم الأسمدة والأمونيا المصدرة من دول مجلس التعاون الخليجي لدعم القطاع الزراعي الأساسي في أمريكا اللاتينية.
كما تستورد دول مجلس التعاون الخليجي من أمريكا اللاتينية الذهب /23%/ واللحوم /15%/.
وقال سعادة حمد مبارك بوعميم، مدير عام غرف دبي ان نتائج الدراسة تظهر بشكل مؤكد أن التفاؤل حول الوضع الاقتصادي في امريكا اللاتينية للفترة القادمة في تزايد خاصة فيما يتعلق بالقطاعات الرئيسية. وهذا أمر مهم للغاية، ليس فقط لاقتصادات أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، ولكن أيضاً لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي التي يمكن أن تكون شركاء رئيسيين لتسهيل النمو المتبادل والضروري للتعافي القوي والمستقر في حقبة ما بعد الجائحة.
وأضاف بوعميم ان نتائج الدراسة ستكون ضمن القضايا الرئيسية التي ستتم مناقشتها في النسخة الرابعة من المنتدى العالمي للأعمال لدول أمريكا اللاتينية 2022. ويستضيف المنتدى مجموعة من المسؤولين الحكوميين والاقتصاديين، بجانب الخبراء وقادة الأعمال وأصحاب المصلحة والمستثمرين من دبي وأمريكا اللاتينية لاستكشاف أوجه التعاون ومناقشة كيفية تعزيز التبادل التجاري، ودفعه نحو التقدم والازدهار، كما تشمل الموضوعات الأخرى التي سيتم مناقشتها على مدار يومين الإصلاحات المالية، وتطوير البنية التحتية، والتنويع الاقتصادي، والتكامل الإقليمي، والأمن الغذائي، وبناء سلاسل توريد أقوى، بهدف خلق اقتصادات أكثر مرونة ومجتمعات أكثر نجاحًا وشمولية”.
وبينت الدراسة التي حملت عنوان “تعزيز العلاقات: تعزيز التعاون التجاري والاستثمار بين أمريكا اللاتينية ودول مجلس التعاون الخليجي” وجود مؤشرات تؤكد استقرار نمو القطاعات الاقتصادية الرئيسية في دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، الأمر الذي يؤسس لفرص اقتصادية متنوعة وجديدة بالنسبة لمستثمري دول مجلس التعاون الخليجي.
واعتمدت الدراسة على قياس رأي 200 من كبار المسؤولين التنفيذيين من دول أمريكا اللاتينية ودول حوض الكاريبي من خلال استطلاعات الرأي والمقابلات الموسعة، التي أجريت بين مايو 2021 ويناير 2022، وركزت على كيفية أداء الشركات خلال جائحة كوفيد-19، واستجاباتهم للتحديات، وتوقعات الأعمال بعد انقضاء الوباء، ومحركات التعاون مع مناطق مختلفة، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط ودول مجلس التعاون الخليجي وأفريقيا وجنوب شرق آسيا.
واستعرضت الدراسة لمحة عن بيئة الأعمال والاستثمار في أمريكا اللاتينية والفرص المتاحة لمزيد من التعاون الاقتصادي مع دول مجلس التعاون الخليجي في حقبة ما بعد الجائحة، وتعتمد على آراء المشاركين ومجموعة من المقابلات التي تتناول مواضيع مختلفة حول عدد من الصناعات، بما في ذلك القطاعات الرئيسية في الزراعة والغذاء والخدمات المالية والتكنولوجيا المالية وتجارة التجزئة والتجارة الإلكترونية والصناعة والطاقة والخدمات المهنية والتسويق.
وتسلط الدراسة الضوء على أهمية مواضيع الرعاية الصحية، والزراعة والغذاء، والخدمات المالية والتكنولوجيا المالية، التي جاءت في صدارة الأنشطة الاقتصادية الرائدة في أمريكا اللاتينية خلال العام الماضي، والتي تشهد تحقيق معدلات نمو ملحوظة مدفوعة بتزايد الطلب المحلي القوي مع إعادة فتح اقتصادات المنطقة وانتعاش الاستهلاك المنزلي. وقد لعبت هذه العوامل مجتمعة دوراً أساسياً في نمو الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بنسبة 6.5٪ في عام 2021 بعد انكماش بنسبة 7٪ في عام 2020.
أما بالنسبة إلى الرعاية الصحية، لفت التقرير إلى أنه في الوقت الذي تمتلك في دول منطقة أمريكا اللاتينية قطاع رعاية صحية صغير نسبيًا حيث شكل نسبة قدرها 3.1٪ فقط من الناتج المحلي الإجمالي للرعاية الصحية في العالم في عام 2017، وتبرز البرازيل والمكسيك والأرجنتين لتكون في صدارة الدول التي تعد منتجة للمكونات الصيدلانية الفاعلة والأدوية العامة والمعدات الطبية، مع ازدهار صناعتها على خلفية الوباء والطلب على الأدوية والمعدات للعلاج والحماية من تفشي المرض الجديد.
من ناحية أخرى، سلطت الدراسة الضوء على الصناعة الزراعية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، إذ تعتبر قوة عالمية للإنتاج الزراعي والغذائي وأكبر شبكة تصدير للأغذية في العالم، ومن المتوقع أن يتجاوز توازنها التجاري الزراعي مثيله في أمريكا الشمالية بحلول عام 2024. وبعد انخفاضه بنسبة 10% في عام 2020، انتعشت صادرات المنطقة من السلع الزراعية من حيث القيمة بنسبة 12٪ في عام 2021 ، بينما ارتفعت مبيعاتها الخارجية من المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 3٪ فقط في عام 2020، وبنسبة 26٪ في عام 2021.
وأكدت الدراسة أن دول منطقة أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي هي موطن لواحدة من أكثر صناعات التكنولوجيا المالية ديناميكية في العالم، مع أكثر من 2300 شركة تكنولوجيا مالية تأسست في المنطقة. وتشير الدراسة إلى وجود تسارع حقيقي في التكنولوجيا المالية تم ملامسته أثناء الوباء ، حيث عززت جائحة كوفيد-19 من رقمنة المدفوعات جزئيًا بسبب قيود التنقل، وبسبب زيادة الحكومات في التحويلات النقدية لدعم الأسر الفقيرة المتضررة من الوباء.
الجدير بالذكر أن المنتدى العالمي للأعمال لدول أمريكا اللاتينية 2022 ينطلق تحت رعايةصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، في الفترة من 23 إلى 24 مارس الجاري.
المصدر-وكالة أنباء الإمارات