العطور الطبيعية العربية بالقرية العالمية بدبي -2

دبي / سمير السعدي:
كما ذكرنا في الجزء الأول من هذا الموضوع أنه منذ البدايات الإنسانية كان العطر جزءًا من السلوك الإنساني العاشق للجمال وأنه جزء من فلسفة الصراع بين لغة الجسد المكبل والروح العاشقة للتحرر من قواعد المادة وقوانين الأشياء, فما زال استنشاق شذى الأزهار بشكل محورًا شعوريًا هامًا رغم ألوف القوارير المعبأة في عالم العطر, ومازالت نغمات العطر ورائحته الزكية تروح وتريح أعصاب الإنسان المتأزمة بسبب ضغوط الحياة, وحتى لحظتنا هذه ما زالت الأبحاث والدراسات مستمرة من أجل تحديد سر العطور وسبب تأثيرها القوى في نفسياتنا.
مازالت حكاية العطر غامضة رغم آلاف السنين التي مرت على ابتكار أول قارورة, ومازالت قصة متجددة وحيّة في ذاكرة وسلوك الإنسان المعاصر مستمدة قوة الإقناع من إرثها الحضاري.. ومن أسرارها المحترفة القدرة على البقاء تمامًا مثل الأسطورة وكأنها نداء الغريزة الأبدي.. فالعطر فلسفة واتجاه وثقافة وهوية وعلم ووجود مستقل بذاته والشخصية الثابتة البدائية والمتغيرة العصرية.. تفتح أمامنا آفاقًا رحبة من التساؤلات وعلامات استفهام لا تنتهي, وكلما ازددنا عمقًا في البحث كلما ازدادت حيرتنا وتشعبت خطواتنا, ولكن لابد من إجابة على هذا السؤال, ما هي قصة العطور وكيف تصنع وما أسرارها؟, ولماذا تسبب العطور كل هذا التأثير في الإنسان؟, ولماذا يختلف الحكم على عطر معين بأكثر من رأي؟
واليوم أصبحت العطور العربيّة مرادفاً للتراث العريق والرفاهية الفاخرة بكل معنى الكلمة, لذلك توجهنا بسؤال إلى بعض خبراء العطور عن الأسرار الكامنة وراء هذه الابتكارات البديعة وما يختفي وراء جاذبيتها وسحرها المميز.. وفي هذا الجزء الثاني أيضا لقاء مع ثلاثة من العارضين وأصحاب الشركات الكبيرة للعطور العربية وعارضين لعطورهم ومنتجاتهم في القرية العالمية.
= كانت البداية مع معمر أحمد.. صاحب شركة بخور الدار للعطور, والذي يشارك في القرية العالمية بمنتجاته منذ أكقر من 12 عاما, يعرض في جناحي الإمارات والبحرين العطور والزيوت الطبيعية العربية والخلطات والتي يقوم بإنتاجها جميعاً, الى جانب أنواع اللبان العماني والعود المعطر والبخور بأنواعها.. وعن العطور الطبيعية العربية يقول بأنه يتم استحضار من الزيوت التي يتم تحضيرها واستخراجها من مختلف أنواع الزهور والورود والتي تعطي عطور طبيعية عربية.. وبعد جلب هذه الزيوت من مصادرها يقوم بخلطها بالروائح المختلفة للحصول على هذه العطور وكل حسب رائحتها.. والعطور العربية مفضلة بتميزها لأنها تحاكي المجتمع العربي الأصيل وخاصة المجتمع الخليجي وتعتبر جزء وطقس من تراث الخليج بشكل عام.. كما أن ضيوف القرية العالمية باختلاف جنسياتهم يهتمون دائما بالعطور والتركيبات العربية الفريدة المميزة والعريقة.. وما يميز هذه العطور عن غيرها أن رائحتها وعبيرها جذابة وفواحة أكثر, وثباتها وبقائها أكثر من الأنواع الأخرى وتدوم لفترات طويلة.. وهو ينصح الضيوف عند شراء العطور التي تعتبر كالبحر في كثرتها مراعاة الجودة العالية والتأكد من النوعية المطلوبة, واختيار العطور من الشركات التي أثبتت جدارتها في هذا النجال وفي تركيب الخلطات العربية الفريدة, وينصح بالتجربة قبل الشراء للتأكد من الجودة… وهو إلى جانب العطور العربية يعرض ويبيع أنواع عديدة من اللبان العماني المستخدم في العطور والكثير من المنتجات التي يدخل فيها اللبان, وكذلك البخور العربية والعمانية بأنواعها والعود المعطر والعود الخشب الفاخر ودهن العود الفاخر.
= والثاني عزت حازم.. صاحب شركة برسيتيج الإمارات للعطور والذي يشارك في القرية العالمية منذ عام 2010 عارضا فيها ما يقوم بإنتاجه من الأنواع المختلفة من العطور العربية الطبيعية في أجنحة السعودية والبحرين والكويت, والتي يقوم بتصنيعها مستخدما الزيوت الطبيعية التي يحصل عليها من مصادرها المختلفة ثم يخلطها ويضيف اليها الروائح الفرنسية للحصول على عدة أنواع بعدة روائح من العطور العربية الطبيعية, ويقول أن كل خلطة يعطي عطرا معينا يمتاز برائحة معينة حسب أنواع الزيوت الطبيعية المستخدمة وحسب الروائح المضافة إليها.. وتتنوع العطور العربية بأنواع كثيرة والتي يستخدم فيها زيوت الزهور والورود بأنواعها كالفل والياسمين والخزامي وغيرها وكذلك المسك والعنبر والعود والصندل.. ويقول أن سر العطور الطبيعية العربية يكمن في بقائها وثباتها لمدة أطول, وكذلك خلوها من أي مواد كيميائية قد تسبب الحساسية للبشرة, بعكس العطور الغربية التي تدوم لفترة قصيرة وتحنوي دائما على المواد الكيميائية.. كما ينتج ويعرض أيضا أنواع من الخلطات من اللبان العماني الممزوج بالرمان أو العود أو الزهور والمستخدمة كبخور داخل البيوت, كما يعرض أيضاً العود المعطر بدهن العود ومختلف أنواع الزيوت العربية الطبيعية.. وهو يقول أن أكثر زبائنه من ضيوف القرية العالمية هم من الجنسية العربية وخاصة أهل الخليج الذين يفضلون عطور العود والعنبر لأن هذه العطور تكون قوية عند استخداماً وبعد فترة تهدأ فيظهر عبيرها ورائحتها الأخاذة أكثر وأكثر ويزداد مع الوقت, أما الضيوف من الجنسيات الأخرى فيرغبون الخلطات بأنواعها مثل خلطة الياسمين مع العود أو خلطة اللادر مع الزيوت الفرنسية لأن أسعارها أقل.
= وأخيرا حسين الشمري.. صاحب شركة ذوق الهوامير للعطور والبخور والذي يشارك في القرية العالمية منذ عام 2011 وبعدة محلات ويعرض كل ما يقوم بإنتاجه وتصنيعه من العطورات الطبيعية العربية والخلطات الإماراتية التي تتميز بالعود والعنبر والمسك ومستوحاة من عبق الطيب الأصيل الإماراتي حيث تعتبر الإمارات مرجعا لأي سائح أو ضيف يعشق العطورات العربية الطبيعية, ويعرض أيضا الدخون وخشب العود الممزوج بالصندل والمشموم الظبياني, وتتنوع العطورات العربية ما بين الورد الطائفي ومسك العين وبعض الروائح الإماراتية الفواحة التي تبقى على الملابس أكثر من يوم, بالإضافة الى معطرات المجالس والفراش التي تغني عن البخور لأنها مصنعة من نفس الد خون العربية الإماراتية.. ويقول إن السر في تميز العطور العربية عن غيرها هو أنها تتكون من خليط متمازج يجمع ما بين الزيوت الشرقية والروائح الغربية ويسمى ذلك في عالم العطور العربية بالدمج الاستثنائي لأنه لا يكون إلا في العطورات العربية فقط, فمثلاً العطور الفرنسية تتميز بين صنفين أحدهما يكون للرجال فقط من خلال رائحته, والآخر للنساء فقط من خلال فوحاته ورائحته, أما نقطة التميز للعطور العربية أن أقل مكون لعطر عربي يتكون من 4 إلى 7 زيوت في قارورة واحدة, وأنا ما يضفي ويميز العطور العربية أنها تستخدم للرجال والسيدات في آن واحد.. وعن زبائنه من ضيوف القرية العالمية فجميع الجنسيات تهتم بشراء العطور العربية, وبالنسبة للجنسيات العربية وخاصة الخليجيين يرغبون شراء عطور خشب العود والصندل والعنبر الأسود والمسك الأبيض وزهور الباتشولي, أما الأوروبيون فيرغبون العطور العربية الطازجة التي تتكون من زهور الليمون مع خليط عربي يسمى زيت البخور, أما الجنسيات الأخرى فترغب العطور الهادئة والفواحة في نفس الوقت.. وبشكل أو بآخر فإن سبب تميز العطر العربي لأنه مكون من مثلث هرمي هو الرأس والوسط والقاعدة, وأغلب العطور العربية تتميز بالثبات العالي المركز لأن قاعدتها هي زيت خشب الصندل الذي يعطي الثبات والدوام للرائحة لمدة تفوق 24 ساعة.. وهو ينصح عند الشراء يجب أن يكون مدون على الزجاجة إيدي بارفيوم الذي تركيزه 80% أو بارفيوم وهو بدون كحول وتجنب الأودو تواليت لأنه عطر لا يدوم أكثر من ساعتين.