وام/ مثلت العلاقة بين الحكومات والإعلام من جهة، والموقف من الإعلام الجديد وصلة الجمهور فيه من جهة ثانية، محور النقاش خلال جلسة ضمن “منتدى الإدارة الحكومية العربية” تناولت التحديات التي تواجهها الرسالة.
وتطرقت الجلسة التي جرت تحت عنوان “الإعلام.. الدور الجديد لبناء حكومات المستقبل”، التي شارك فيها معالي فيصل الشبول، وزير الدولة لشؤون الإعلام في المملكة الأردنية الهاشمية و سعادة سعيد محمد العطر الظنحاني ، رئيس المكتب الإعلامي لحكومة الإمارات، وعماد الدين أديب، الإعلامي والمحلل السياسي العربي.. إلى واقع الإعلام العربي في الظرف الراهن، وبرامج التطوير التي تهدف إلى رفع سوية الأداء الإعلامي للحكومات.
وأكد المشاركون على ضرورة حماية الإعلام وإعادة النظر بعلاقته بالحكومات، والمساعدة على تطويره بما يخدم إدماجه في مجتمع التغيير الذي تقوده التكنولوجيا، والخروج به من حالة الانتحار البطيء التي يعيشها على المستوى العربي، مؤكدين أن المستقبل لمن يملك قصة مقنعة.
وفي مستهل الجلسة، تحدث معالي فيصل الشبول عن العلاقة بين الحكومة والإعلام من جهة، والاعلام والشعوب من جهة أخرى، لافتاً إلى التغير في الأولويات، “من مرحلة الحديث عن حماية الإعلام من الحكومات إلى مرحلة حماية الشعوب من سطوة الإعلام” مستطردا أن الحكومات والإعلام اليوم كلاهما بحاجة إلى الحماية.
وفي ذات السياق، تطرق معاليه للحديث عن الإمكانيات المادية التي تمول الأنشطة الإعلامية، لافتاً إلى أن الإعلان يعد مصدر التمويل الأساسي، غير أنه أشار إلى أن سوق الإعلان في العالم لم يعد مفتوحاً ومتاحاً لوسائل الإعلام بعمومها، وأضحى مساحة خاصة تستحوذ عليها مجموعة من المؤسسات الإعلامية الكبرى.
وشدد الشبول على ضرورة صياغة العلاقة بين الحكومة والإعلام، حفاظا على القدرة الاتصالية والمصالح العامة للشعوب والحكومات، ورأى معاليه أنه في الوقت الذي تمثل فيه الحكومات المزود الرئيسي للأخبار، إلا أن هناك ضعفاً في الجهات الحكومية المسؤولة عن تصدير الأخبار والمعلومات، التي تتدفق في تيار غير مسيطر عليه، ولا يخدم الرسالة الإعلامية المنشودة.
وفي الحديث عن الإعلام الجديد، لفت الشبول إلى ثلاثة مخاطر رئيسه تتهدد حاضره ومستقبله ومصداقيته، وهي الزيادة الكبيرة في حجم الأخبار الزائفة وتصاعد خطاب الكراهية وتضاعف معدلات انتهاك الخصوصية الشخصية.
ومن جهته، تحدث سعادة سعيد محمد العطر حول أهمية المحتوى في الإعلام باعتباره الجوهر الأساس للعملية الاتصالية، لافتا إلى أن التغييرات التي شهدها ويشهدها الإعلام لا تمس المضمون في الواقع، وإنما تتعلق بالوسائل والوسائط الإعلامية.
وشدد سعادته على أهمية التوجه إلى الإعلام الجديد، لا سيما بالنسبة للحكومات، لافتاً إلى أن حكومة دولة الإمارات أخذت خيارات مبكرة بهذا الاتجاه، حيث بادرت الدولة بتوجيهات من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، إلى اعتماد وسائل الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي لإيصال مختلف الرسائل إلى المجتمع، ومنها الإعلان عن التغييرات الوزارية ومخرجات الاجتماعات الحكومية والقرارات الحكومية، وما هو سوى ذلك.
وفي هذا الإطار لفت سعيد العطر إلى تجربة دولة الإمارات في مجال صناعة المحتوى، ومواكبة الثورة المعلوماتية، من خلال أكاديمية الإعلام الجديد، التي دربت ما يزيد على ستة وثلاثين ألفاً من صناع المحتوى على نطاق العالم.
وأكد سعادته أن النجاح لم يعد حليفاً لمن يملك الأسلحة والجيوش، ولكنه من نصيب من تنتصر قصته، وتنجح في أن تكون مقبولة ومعتمدة من الجمهور.
وفي مداخلته، قال الإعلامي عماد الدين أديب إن الإعلام العربي، لا يقوم على الفكرة الإعلامية، بل يقوم بوظيفة إعلانية. أما هويته، فهي ليست عربية تماماً. بل نوع من الهوية الهجينة. وضمن هذه المعطيات، وهذا الواقع، فإن هذا الإعلام يلحق الضرر، ولا يعود بالفائدة.
وتطرق أديب إلى الأزمات التي تعيشها صناعة الإعلام، على المستوى الورقي والتلفزيوني، معتبراً أن هذه الأنواع الإعلامية تعيش حالة انتحار بطيء على المستوى العربي، لا سيما مع تفاقم مشكلة انخفاض مستويات الكفاءة في هذا القطاع، إلى جانب معضلة الحريات، التي لا تمثل حالة توافق بين الصحافة والحكومات.
وقال أديب إن العملية الإعلامية تقوم على ثلاثة عناصر، هي: مرسل ومستقبل ورسالة تنتقل بينهما، لافتاً إلى أن “الحالة العربية تشهد خللاً في هذه العناصر الثلاثة، أي على مستوى الكفاءات التي تشغل الإعلام، والمستقبل الذي لا يثق بإعلامه، وكذلك الرسالة المعدة على نحو ضعيف وغير مقنع”.
ولفت أديب إلى أن كثيراً من دول العالم العربي تشهد تغييرات إيجابية كبيرة، وعمليات إصلاحية مشجعة، إلا أن أسلوب الدعاية في العمل الإعلامي يقلل من نسبة نجاح هذه الدول في ما تسعى إليه.
ودعا أديب إلى عدم المكابرة لدى محاولة معالجة الحالة الإعلامية في العالم العربي، مشيراً في الأثناء إلى التجربة الناجحة التي حققتها دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية على مستوى الناطقين الرسميين.
يُذكر بأنّ إمارة دبي استضافت القمة العالمية للحكومات، التي انعقدت جلساتها على مدار يومين، وشكلت منصة عالمية لاستشراف كل ما هو جديد في مجال تشكيل حكومات المستقبل.
وأصبحت القمة الحكومية على مدى سنوات انعقادها، محطة عالمية لتبادل الخبرات وقيادة التحولات النوعية في آليات العمل الحكومي وأدوات استشراف آفاقه المستقبلية، حتى أضحت حدثاً عالمياً سنوياً يترقّبه كبار القادة من القطاعين العام والخاص، فضلاً عن العلماء والأدباء ورواد الأعمال.
وباتت القمة اليوم مختبراً عالمياً لأحدث الابتكارات وأفضل الممارسات والحلول الذكية والأفكار الإبداعية الملهمة، معززةً مكانتها كمؤسسة مرجعية لصناعة المستقبل وقراءة تحولاته وتحليل اتجاهاته واستباق تحدياته ورصد الفرص المتاحة أمام المجتمعات البشرية في العقود القادمة لصناعة مستقبل أفضل للإنسان.