الخرطوم -وكالات:
ينذر العام الجاري ملايين آخرين من السودانيين بالجوع، فالأسعار ترتفع والمحاصيل تتقلص وسط اضطراب في الاقتصاد وفي هطول الأمطار، وذلك في وقت تواجه فيه إمدادات الغذاء خطرا أكبر في ظل تعليق مساعدات أجنبية ومع الحرب الدائرة في أوكرانيا.
فمستويات الجوع الآخذة في الارتفاع في توقعات وكالات الأمم المتحدة تهدد بالمزيد من زعزعة الاستقرار في بلد يتفاقم فيه الصراع والفقر منذ انقلاب عسكري في العام الماضي.
ويئن السودان تحت وطأة أزمة اقتصادية منذ ما قبل الإطاحة بالرئيس عمر البشير في انتفاضة عام 2019. واستقطبت الحكومة الانتقالية مساعدات دولية بمليارات الدولارات، لكن ذلك توقف بعد الانقلاب، مما دفع السودان إلى حافة هاوية الانهيار الاقتصادي.
وارتفعت الأسعار بفعل خفض قيمة العملة وتبني إصلاحات في منظومة الدعم، وقفز التضخم إلى ما يزيد عن 250 بالمئة. ففي العاصمة الخرطوم، زاد سعر رغيف الخبز الصغير من جنيهين سودانيين قبل عامين إلى حوالي 50 جنيها (0.11 دولار) ، مع أن حجمه آخذ في التناقص.
تشير بيانات منظمة الأغذية والزراعة إلى أن حوالي 87 بالمئة من القمح الذي يستورده السودان يأتي من روسيا وأوكرانيا، مما يجعله من أكثر دول العالم العربي تأثرا بالحرب في أوكرانيا.
وفي متجر صغير لبيع الخضروات في الحلفايا على أطراف العاصمة، قال حاج أحمد “إذا كان العيشة المايلة دي بخمسين جنيه، معيشة شنو تاني؟” أي كيف تكون الحياة.
وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أنه في 2021، كان 56 بالمئة من سكان السودان البالغ عددهم 44 مليونا يعيشون على أقل من 3.20 دولار، أي حوالي ألفي جنيه سوداني، في اليوم ارتفاعا من 43 بالمئة في 2009.
وفي الأسبوع الماضي، خلصت تقديرات برنامج الأغذية العالمي إلى أن عدد من يواجهون مستويات من الجوع ستجبرهم على بيع أصول أساسية، أو من لن يكون لديهم شيء آخر يمكن بيعه، سيتضاعف بحلول سبتمبر أيلول إلى 18 مليونا.
وتعمل وكالات الإغاثة منذ فترة طويلة لمساعدة الفقراء في المناطق الريفية ومن شردتهم الحرب في السودان. وفي 2019، وسع برنامج الأغذية العالمي نطاق عملياته لتشمل مراكز حضرية لأول مرة.
وقالت نائبة المدير القطري للبرنامج ماريان وارد “لم تحدث هذه القفزة بالأمس أو قبل شهر أو شهرين، إنها تراكمات”.
أضافت “لم تعد مدفوعة بالصراع وحده، بل ترتبط أيضا بمسائل هيكلية مثل التضخم وتوافر العملة الأجنبية”.
– تضاؤل المحاصيل
يقول الخبراء إن التضخم يحول دون استطاعة المزارعين تحمل تكاليف المستلزمات التي تشمل البذور والأسمدة والوقود. وهناك أيضا اضطرابات آخذة في التزايد ببعض المناطق الزراعية المهمة، وتشح الأمطار في بعض الأماكن بينما تهطل بغزارة في أخرى.
وأفادت تقديرات منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي بأن محاصيل الذرة والدخن والقمح انخفضت 30 بالمئة عما كانت عليه في المتوسط خلال السنوات الخمس الماضية.
وتتوقع هيئات تابعة للأمم المتحدة أن يواجه السودان عجزا في الذرة، وهو عادة من الحبوب الأساسية في البلاد، لأول مرة منذ موجات الجفاف التي عصفت بالمنطقة في ثمانينيات القرن الماضي. وقال أحد المتعاملين إن الأسعار تضاعفت في الأشهر الأربعة الماضية.
ولم ترُد وزارتا المالية والزراعة على طلب التعقيب.
وتم تجميد تمويل بمليارات الدولارات من البنك وصندوق النقد الدوليين، والذي كان جزء منه مخصصا لدعم الميزانية والتنمية الزراعية، ويمكن ألا يعود بسبب الانقلاب.
والمساعدات الإنسانية المباشرة مستمرة، لكن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وبرنامج الأغذية العالمي علقا البرامج التي كانت تستهدف دعم حكومة مدنية انتقالية عن طريق تغطية حوالي ربع استهلاك القمح في العام الماضي. ويقول برنامج الأغذية إن مخزوناته من الغذاء في السودان ستنفد بحلول مايو أيار في غياب تمويل جديد.
والحياة في الخرطوم ومدن أخرى تنتابها حالة من الشلل بسبب الاحتجاجات المتكررة المناهضة للحكم العسكري، والتي تذكيها عادة المشاكل الاقتصادية.
وقال قريب الله دفع الله، المهندس الزراعي في الحلفايا والذي يجد صعوبة في توفير تكاليف الغذاء والكهرباء، “كل التداعيات تقع على هذا المواطن.. هو من يتحمل ذلك العبث السياسي.
“يمكن زمان المواطن كان يخجل يقول أنا جعان، لكن الآن أصبحت المسألة واضحة”.
(الدولار = 445.3992 جنيه سوداني)