أندرناخ (ألمانيا)-(د ب أ):
يوجد في ألمانيا ينبوع للمياه الباردة هو الأعلى في العالم ، وتحديدا على بعد 613 كيلومترا من منبع نهر الراين.
ويجد الزائرون ليس فقط ينبوع المياه التي تتدفق من باطن الأرض، ولكنهم يجدون أيضا الكثير من المعلومات المتوفرة بشأن النشاط البركاني في جبال إيفل، والتي يتم عرضها في صورة تركيبات ومجسمات رائعة.
وفي مركز “جيزر” ، الذي يقع على بعد نحو ساعة من مدينة كولونيا، يمكن للمرء التعرف على كيف أن غاز ثاني أكسيد الكربون ، الذي يعمل كقوة محركة لمنبع المياه في شبه جزيرة “ناميدي” على نهر الراين ، يأتي من غرف الحمم الضخمة المتدفقة من بركان “لاخر زي”. وكان البركان قد ثار أخر مرة قبل 12 ألفا و900 عام، مما أدى إلى تحويل مناطق شاسعة إلى مناظر طبيعية، في ظل تدفقات مدمرة من الحمم البركانية والرماد البركاني.
لمحة عن باطن الأرض الهائج:
يوضح رالف شونك، المدير العلمي لـ “مركز جيزر”: “اليوم، يظهر لنا غاز ثاني أكسيد الكربون الموجود هنا – شأنه شأن الينابيع الساخنة في أي مكان آخر – أن باطن الأرض لم يهدأ بعد”. ولكن لا داعي للقلق بشأن حدوث ثوران بركاني، حيث يطمئننا الخبير الجغرافي قائلا، إن ” الامر قد يستغرق عدة آلاف من السنين حتى تمتلىء غرف الحمم البركانية مرة أخرى”.
ويعتبر ينبوع المياه الباردة حتى الآن، تحت السيطرة تماما. وفي أندرناخ، يدفع ثاني أكسيد الكربون المياه الجوفية لتتدفق لارتفاع 60 مترا فوق سطح الأرض من عمق يصل إلى نحو 350 مترا. ومع ذلك، فإن هذا لا يعد مشهدا طبيعيا بالكامل. فإذا جاز التعبير، من الممكن تشغيل وإيقاف الينبوع. حيث يتم دفع صمام البوابة إلى الأمام ثم تسود حالة من الصمت، على الأقل فوق الأرض.
وكان قد تم اكتشاف رواسب من ثاني أكسيد الكربون في شبه جزيرة الراين في مطلع القرن العشرين. وفي المياه القريبة من شبه الجزيرة، كانت فقاعات ثاني أكسيد الكربون التي تحمل اسم “موفيتس” مرئية. وحتى في يومنا هذا، تتصاعد الغازات البركانية إلى السطح في سلسلة جبال إيفل ووادي الراين، وخاصة في المنطقة التي يتاخم فيها وادي الراين الأوسط حدود إيفل الشرقية.
الاستخراج الصناعي للحمض الكربوني:
وقد أدى البحث عن المياه المعدنية إلى القيام بأول عملية حفر في شبه جزيرة “نامدي”، وذلك في عام 1903، وهو الامر الذي أعاد ينبوع المياه إلى الحياة من جديد. وقد تمت هناك عمليات استخراج صناعي للمياه المعدنية والطبية، بالاضافة إلى الحمض الكربوني.
إلا أن استخراج غاز ثاني أكسيد الكربون صار أقل ربحا وتم إغلاق البئر في النهاية. وفيما بعد، وتحديدا بعد مرور نحو قرن من الزمان، تم حفره من جديد، ولكن كان لاغراض سياحية في هذه المرة. ومنذ عام 2006، كان “أعلى ينبوع للمياه الباردة في العالم” يتدفق إلى أعلى من جديد، كل ساعتين، لمدة تتراوح بين 12 و15 دقيقة. وقد أدى ارتفاعه وندرته إلى دخوله موسوعة جينيس للأرقام القياسية في عام 2008.
وتوجد بالفعل ينابيع مياه أعلى ارتفاعا حول العالم: وعلى سبيل المثال، تتدفق المياه من ينبوع “جاينت جيزر” العملاق الذي يقع في “حديقة يلوستون الوطنية” بولاية “وايومنج” الامريكية، إلى ارتفاع 83 مترا في الهواء. إلا أن الينبوع يمثل مشهدا نادرا، شأنه شأن جميع الينابيع حول العالم، التي يبلغ عددها حوالي ألف ينبوع، وتكون عبارة عن مياه ساخنة تم تبخيرها بواسطة الحمم البركانية . ومع ذلك، فإن ثاني أكسيد الكربون يدفع المياه إلى أعلى في أندرناخ، ويكون في أحسن الأحوال فاترا بعض الشيء.