دبي / سمير السعدي:
إن من ضمن الأعمال المنوطة بها وزارة تنمية المجتمع هي رعاية الأسر المنتجة ورعاية الموهوبين, لذا فمنذ عام 2008 تشارك وزارة تنمية المجتمع بجناح أسمه الصنعة لتعرض فيه الأسر المنتجة الإماراتية وكذلك الموهوبون منهم منتجاتهم التي قاموا بعملها في بيوتهم كنوع من زيادة الدخل, أو البدء بمشروع صغير على أمل أن يستمر وينمو ويكبر.. ليس هذا فحسب, بل تقوم الوزارة بعمل ورش عمل تدريبية لهم لتأهيلهم لدخول السوق بمنتجاتهم وكيفية عرضها وبيعها وكيفية التعامل مع الزبائن وما يعني السوق لهم.. وفي القرية العالمية قدمت الوزارة كل المساعدة والتسهيلات للمشاركين في جناح الصنعة وفدمت لهم كل ما يحتاجونه من أدوات ولوازم لتسهيل عملية البيع بالجناح مع العلم بأن هذه الأسر لا تملك رخصا تجارية, كما تقوم أيضاً بالمساعدة في إيجار المحلات بالجناح بمبالغ رمزية لدرجة أنها تقوم بتقسيط لمن يحتاج من الأسر المنتجة العارضة بالجناح.. كما تقوم بالدعاية والإعلان لمنتجاتهم في كل وسائل الإعلام من صحف وتليفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي.
أما عن تصميم واجهة الجناح تحاول الوزارة تحقيق شعار القرية العالمية هذا الموسم وتحتفل مع عارضي الجناح وضيوفه بالروائع التراثية الإماراتية فصممت الواجهة على غرار البيوت الإماراتية القديمة وذلك لإظهار التراث المعماري الإماراتي الذي كان سائدا في الزمان الماضي أيام الأجداد.. ولو تكلمنا عن هذا التراث المعماري لنجد أن المباني القديمة عموماً والبيوت على وجه الخصوص “التي بدأت بالخيام وبيوت الشعر ثم بيوت العريش وبعدها بيوت الطين ثم تطورت لبيوت من الحجر والحصى, وأخيرا الآن تطورت للأبراج وبكل وسائل ومواد البناء الحديثة” هذه المباني والبيوت تقف شاهداً على عراقة الماضي وتميز الأجداد في الابتكار المعماري البسيط، استناداً إلى الفراسة والذكاء الفطري في تشييد تلك المباني التي تفوح منها رائحة الطين وسعف النخيل وبيوت الشعر المصنوعة من الوبر, واتسمت البيوت في الإمارات قديماً بالحياة البسيطة والاعتماد الكلي على الطبيعة ومصادرها التي لا تعد ولا تحصى.. فالبحر والنخيل ورمال الصحراء هي ملخص عناصر الحياة قديماً في تشييد البيوت التي مرت بمختلف المراحل من التطور العمراني حتى وصلت لما نحن فيه الآن من معمار حديث وناطحات سحاب, وما يهمنا هو الماضي العريق الذي تصَرف نحوه أجدادنا بكثير من الذكاء في تشييد البيوت التي روعي فيها وسائل التهوية لتقليل ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة خصوصاً في فصل الصيف.. والبيوت والمباني المختلفة ليست مجرد هياكل معمارية جامدة ولكنها عناصر محمّلة بكثير من المؤشرات والدلالات الفنية والمعمارية إذ تمثل أشكال وأنماط العمارة جزءاً رئيساً من مكونات ثقافة أي دولة وتراثها فهي ترتبط بروابط وثيقة بالبيئة والجغرافيا التي تحيط بها وتستمد من المكان طابعها العام وملامح خصوصيتها.. كما تستمد مواد البناء من الخامات المتوافرة في البيئة وفقاً لطبيعتها وهو ما يجعلها قادرة على التكيف مع البيئة والحفاظ عليها لتكتسب صفة محوّرية وهي الاستدامة.. ولذلك تمثل دراسة الأنماط المعمارية السائدة في مكان ما عاملاً مهماً في دراسة طبيعة هذا المكان وتاريخه بينما تعدّ التحوّلات التي تطرأ على المباني وأشكال العمارة مؤشراً إلى تتبع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي يشهدها المجتمع.
والآن لا بد من دخول الجناح ومقابلة العارضين من هذه الأسر المنتجة لنتعرف على حكاياتهم وحكاية منتجاتهم وكيف بدأوها, وماذا تمثل لهم مشاركاتهم في جناح الصنعة بالقرية العالمية ومدى استفادتهم من هذه المشاركة, وما رد فعل ضيوف الجناح والقرية تجاه هذه المنتجات .
= كانت البداية مع الفنانة الموهوبة تغريد عيد المحرزي.. من محل الكجوجة “والكجوجة ألة كانت تستخدمها النساء في تطريز الملابس النسائية بالتلي”, هي فنانة موهوبة بالفطرة تهوى الرسم بصورة كبيرة وتقوم برسم كل ما يخطر وما لا يخطر على البال, بدأت طريقها الفني بفكرة الخروج من الصندوق بمعنى ألا تكون رسامة تقليدية وبالتعود على رسم اللوحات فقط, لهذا دخلت الرسم في أشياء عديدة ولوحات فنية مختلفة عن غيرها, فهي تقوم بالرسم بطريقة فنية بألوان متعددة كالشمع والألوان المائية والزيتية والأكليريك وألوان الزجاج وألوان القماش, ترسم على كل شئ بين أيدينا كملابس الأطفال والسيدات والرجال حيث ترسم أشياء يهواها الجميع وكل حسب عمرة, وترسم على الأثاث وعلى كاسات الشاي وفناجين القهوة والدلات والأطباق, وعلى أغطية الوسائد والشلتات والمفارش, وعلى الأحذية بأنواعها وعلى حقائب اليد الخاصة بالسيدات وعلى أكياس الشراء, حتى أرضية محلها لم تتركها بدون رسوم فقامت بتغطيتها بلوحة فنية تجريدية مختلفة وجميلة.. وأيضاً بعض اللوحات بأحجام مختلفة وبرسومات مختلفة أيضا.. كما أنها تقوم بإعادة تدوير الأشياء بطريقة مبتكرة, وقوم أيضا بعمل وتصنيع إكسسوارات من الخرز المتعدد الألوان والأحجام.. وآخر إنجازاتها أنها شاركت في جلسة حوارية بمعرض إكسبو دبي 2020 حول مشاريعها الصغيرة المبتكرة.
= وعائشة الحوسني.. التي تشارك في القرية العالمية منذ نشأتها, وتعرض الآن في جناح الصنعة الملابس النسائية وملابس الأطفال والتي تقوم هي بوضع تصاميمها, وتقوم بعمل الدخون والعطور العربية واللبان المعطر بالعطور العربية.. وتقول أنها تمارس هذا العمل منذ 30 عاما وفكرت بافتتاح محلا خاصا بها ولكن صادفتها بعض الغقبات مما اضطرها لتأجيل ذلك كما أن رأس المال كان محدودا.. وتقول أن ما تقوم به الآن وتنجزه ضمن مشروع الأسر النتتجة يعود عليها بربح قدره بنسبة 50% .. كما أنها افتتحت مطبخاً في بيتها لعمل الآكلات الشعبية الإماراتية وهي تقوم بكل هذه الأعمال بنفسها.. وهي تطمح للتوسع في المستقبل في كل ما تقوم بإنجازه وهي تشكر وزارة تنمية المجتمع لما تقوم به من دعم للأسر المنتجة وأنها تقوم بمساعدتهم داخل جناح الصنعة وتقدم لهم كل التسهيلات اللازمة.
= وسالم مطر وعثمان موسى.. يشاركان للمرة الأولى بالقرية العالمية ويعرضان ويبيعان القهوة العربية الإماراتية والخليجية والشرق أوسطية ولكن بنكهات مختلفة, كما يعرضان الحلويات التراثية كالبثيثة والتمور بمنتجاتها المتعددة.. ويقولان أن الفكرة بدأت قديمة ولكن تنفيذها تم الأن وذلك بالتوسع في إنتاج القهوة العربية وتعريف العالم بها ليشربوها بنكهاتها الثلاث التي ابتدعوها وهي نكهات خاصة القهوة الإماراتية, ونكهة للقهوة الخليجية, ونكهة للقهوة التركية.. وحاليا أضافا القهوة الشقراء التي يتم شربها في معظم الدول الخليجية حيث لاحظا أن الضيوف الخليجيين كانوا هذا الموسم بأعداد كبيرة وأنتجا هذه القهوة لبيعها لهم وتحقق لهما ما أراداه.. وهما يطمحان للتوسع في هذا المشروع وعمل مشروع كبير للقهوة العربية المختصة.