دراسة مثيرة للجدل.. اجتماعات الفيديو تقتل الابتكار
دبي – وكالات
يبدو أن الاجتماعات التي تُعقد بتقنية الفيديو عبر الإنترنت والتي أصبحت أساسية منذ ازدهار العمل عن بُعد، تؤدي إلى إعاقة إنتاج الأفكار التعاونية.
هذا ما أظهرته دراسة أجريت على عيّنة تضمّ 1500 شخص من مختلف أنحاء العالم.
فقد لاحظت الدراسة التي نُشرت في مجلة “نيتشر، بحسب ما أفادت فرانس برس “أن هذا النمط الافتراضي من التعاون قد يتواصل، إذ أظهرت استطلاعات رأي أجريت أخيراً أن 20 في المئة من أيام العمل في الولايات المتحدة مثلاً ستكون من المنزل بعد انتهاء الجائحة”.
وسعى معدّو هذه الاستطلاعات، وهم خبراء تسويق في جامعتي كولومبيا وستانفورد الأميركيتين، إلى معرفة تأثير هذا الإحجام عن التفاعلات الحضورية على الابتكار، وتالياً انعكاسه على عملية توليد أفكار جديدة في الاجتماعات، أو ما يُسمى “العصف الذهني”.
نتائج الاختبارات
وأجرى معدّو الدراسة أولى الاختبارات في المختبر، بمشاركة طلاب متطوعين بلغ عددهم 602، وُزعوا عشوائياً كل اثنين معاً، إما وجهاً لوجه في الغرفة نفسها أو منفصلين في مكانين متباعدين، يتحادثان بتقنية الفيديو. وأُعطيَ كل فريق خمس دقائق لمناقشة استخدامات مبتكرة لعدد من المنتجات، كصحن فريسبي طائر وتغليف فقاعات، على أن يختار بعد ذلك أفضل فكرة مبتكرة.
ثم كرر الباحثون التجربة ولكن ليس في المختبر بل في شركات، وشملت 1490 مهندساً في فنلندا والمجر والبرتغال والهند وإسرائيل. وطُلب من المجموعات خلال ورش العمل المخصصة لهذا الغرض داخل مقار شركاتها، اقتراح منتجات مبتكرة لشركاتهم المتخصصة في الاتصالات.
لتظهر نتيجة الاختبارات أن التفاعلات الحضورية أثمرت أفكاراً تفوق بنسبة نحو 15 في المئة تلك التي تولّدت من التفاعلات الافتراضية، وأفكاراً مبتكرة أكثر بنسبة 13 في المئة.
لكن في المقابل أثبتت الاجتماعات الافتراضية أنها مثمرة تماماً بقدر ما هي اللقاءات المباشرة، وأحياناً أكثر بقليل، عندما كان على الفرق اختيار أفضل أفكارها.
واستنتج الباحثون من هذه النتائج أن مكالمات الفيديو تحدّ من القدرة على الابتكار فحسب، بينما بدا أن المهارات الأخرى لا تتأثر.
تركيز كبير على الشاشة
أما في ما يتعلق بسبب ذلك، أثبتت الأبحاث السابقة ارتباطاً عصبياً بين الرؤية والتركيز، وأظهرت مفارقة تتمثل في أن “الأشخاص يكونون أكثر قدرة على الابتكار عندما يكونون أقل تركيزاً”، على ما أوضحت أستاذة التسويق في كلية كولومبيا للأعمال ميلاني بروكس التي شاركت في إعداد الدراسة، في شرح بالفيديو لخلاصاتها.
وسعياً إلى اختبار ذلك، زودت الأشخاص الذين شاركوا في التجربة جهازاً لتتبع العين، ما أتاح لها التحقق من أن مَن اجتمعوا افتراضياً أمضوا في النظر أحدهم إلى الآخر وقتاً يناهز ضعف الوقت الذي أمضاه في ذلك من اجتمعوا وجهاً لوجه.
الشاشة تخطف الاهتمام
ولاحظ معدّو الدراسة أن الاجتماعات بواسطة الفيديو تجعل المشاركين فيها يركّزون انتباههم على مساحة محدودة هي الشاشة، مما يحد من العملية الإدراكية التي تؤول إلى الابتكار. أما الاجتماعات الحضورية، فيكون المشاركون فيها ضمن بيئة كاملة “أكثر ملاءمةً لتشعب أفكار تولّد أخرى جديدة”.
ولم يرَ الباحثون تالياً ضرورة للاستغناء عن الاجتماعات الافتراضية، إذ إن لها حسناتها، لكنهم اقترحوا الإبقاء عليها مع حصرها بمهام معينة، وإعطاء الأفضلية للحضور في المكتب من أجل تبادل الأفكار.
كذلك شددوا على ضرورة الحرص على ألا يتشتت تركيز المشاركين في الاجتماعات، كما حصل مع مجموعة مهندسين من بولندا نظمت شركتهم ورش العمل الاختبارية في فندق مخصص للمؤتمرات.
وبدا واضحاً خلالها أن المشاركين كانوا “أكثر اهتماماً بالقهوة والحلوى المقدمة في بار الفندق” مما كانوا بالبروتوكول التجريبي الذي استُبعدوا منه في نهاية المطاف.
يشار إلى أن قنيات مثل “زوم” و”تيمز” و”سكايب مكنت ملايين الموظفين خلال السنتين الماضيتين من عقد اجتماعات مِن بُعد بالصوت والصورة خلال جائحة كوفيد-19.