انطلق اليوم المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية في دورته الأولى التي ينظمها مركز أبوظبي للغة العربية، التابع لدائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، ضمن فعاليات الدورة الـ31 من معرض أبوظبي الدولي للكتاب بمشاركة نخبة من الناشرين والخبراء العرب والغربيين لمناقشة أحدث التوجّهات وأبرز التحديات التي يواجهها قطاع النشر، واستعراض أهم الحلول والمقترحات الرامية للارتقاء به.
وتناول المؤتمر الذي أقيم في مركز أبوظبي الوطني للمعارض، أحدث التوجّهات في مجال صناعة النشر والمحتوى العربي، حيث شكّل منصّة فاعلة لتسهيل سبل الحوار بين جهات النشر، وصّناع المحتوى، وقادة الفكر ورواد الأعمال على اختلاف توجّهاتهم الإبداعية.
حضر المؤتمر كل من الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة الاتحاد الدولي للناشرين، وسعادة الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، وعدد من الشخصيات الممثلة للمؤسسات المعنية بالقطاع، وناشرون يمثلون دور نشر عربية وغير عربية، ومتخصصون وحشد من الإعلاميين.
وشدّدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، في كلمتها الافتتاحية ، على أهميّة إرساء أسس راسخة تُسهم في حماية حقوق النشر والملكية الفكرية، وتعزيز متانة ومرونة قطاع النشر العربي وضمان حريّته، مشيرةً إلى اللقاءات التي جمعتها مع أبرز الناشرين العرب في كلّ من المغرب، ومصر، وتونس، والمملكة العربية السعودية، مؤكدةّ أنها لمست رغبتهم المشتركة بمواصلة تطوير قطاع النشر، على الرغم من إعرابهم عن قلقهم اتجاه حالة حقوق النشر وحرية النشر في بعض دول المنطقة.
وأكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي استمراريّة دعم “الاتحاد الدولي للناشرين” والتزامه الكامل بالعمل مع الناشرين الأعضاء لتطوير الأطر القانونية وتنفيذها لضمان حماية الناشرين وأعمالهم، مشيرةً إلى أهمية أن ينصب تركيزهم على بناء نماذج أعمال جديدة والانتقال من الطريقة التقليدية في التفكير إلى التوجهات الحديثة، التي تتضمن توفير الفرص للمواهب الشابة للمشاركة في عملية صنع القرار، ما يسهم في خلق بيئة مبتكرة ودعم الأفكار الإبداعية.
من جانبه قال سعادة الدكتور علي بن تميم، في كلمته إن المؤتمر الدولي للنشر العربي والصناعات الإبداعية يشكل فصلاً جديداً لمواصلة العمل برؤية وإرث المغفور له الشيخ خليفة بن زايد آل نهيّان لترسيخ مكانة أبوظبي مركزاً ثقافياً عالمياً ونستذكر ذلك في قوله “لا تكبر الشعوب بالتمنّي، ولكن بالعمل والإنجاز”.
وأضاف ” نؤمن بشكل كبير بأهمية النشر والصناعات الإبداعية والدور الذي تلعبه في تعزيز حضور اللغة العربية ذات السمات الغنية والأثر العظيم في تعريف العالم على الثقافة العربية وخصوصيتها وهويتها، وهذا يتجلى في دعم قطاع النشر وإثراء صناعة المحتوى لنتحاور بإرثنا العظيم مع مختلف شعوب العالم، وما هذا المؤتمر الذي يجمع أبرز الناشرين والخبراء إلا خطوة في سبيل تحقيق تلك الرؤية، حيث يمكننا جميعاً أن نكون اليوم جزءاً من حقبة ثقافية جديدة تدعم المجتمعات ونموها الاقتصادي، حيث تكمن لغتنا في تشارك ابداعات الكلمة المكتوبة والفنون جميعها مع المجتمع، وهذا ما يعكس التزام إمارة أبوظبي في بناء قطاع ثقافي مستدام عبر استثمار 30 مليار درهم في إطار استراتيجيتها الرامية إلى دعم الصناعة الثقافية والإبداعية وتمكين صنّاعها في جميع أنحاء العالم”.
وأشارت آن هيات، المؤلفة الأمريكية الشهيرة لمجموعة الكتب الأكثر مبيعاً، ومن الشخصيات البارزة في وادي السيلكون، خلال كلمتها ، إلى وجود العديد من الفرص الطموحة لتبنّي التقنيات الجديدة والتي تساعد في دعم الملكية الفكرية وسياسات النشر مؤكدة أنّ النشر مسألة مهمة جداً للبشرية وقد استفدنا الكثير من التجارب على مرّ السنوات واليوم في منطقة الشرق الأوسط لدينا الكثير من القدرات والواقع الطموح الذي يبشّر بتحويل الأفكار إلى معارف على أرض الواقع، وهناك حاجة من وراء الابتكار تكمن في تقديم المعارف والثقافات للشعوب وعلينا أن تستثمر في جميع الفرص المتاحة وأن نقوم بخلق محتويات تمتاز بالكثير من الخبرات والمعارف لتوظّف ويستفيد منها الشعوب حول العالم.
من جهة أخرى ناقشت الجلسة الحوارية الأولى للمؤتمر والتي حملت عنوان “سوق النشر في العالم العربي: الوضع الراهن والتوجهات المستقبلية”، أفضل الأسواق الدولية لنشر الكتب باللغة العربية، وكيفية تقسيم الاستهلاك بين المؤلفات على اختلاف أنواعها، إلى جانب حجم سوق الكتب الرقمية، ومدى أهمية وجود الكتب المستوردة، لتلبية احتياجات السوق العربية.
شارك في الجلسة كل من شريف بكر، ناشر دار العربي للنشر والتوزيع، وشيرين كريدية، مدير عام دار أصالة للنشر، وستيفاني لامبرينيدي، مدير تنمية المحتوى الإقليمي في منصة ستوريتل، وروديغر فيشنبارت، كاتب متخصص في الشؤون الثقافية وأسواق الكتب العالمية، وهو مؤسس ورئيس شركة “كونتينت آند كونسيلتينج”، فيما أدار الجلسة كارلو كارينيو، استشاري صناعة النشر.
وفي مداخلة له قال شريف بكر.. ” أسواق النشر العربية صاعدة، وتنمو بشكل مستمر، وهناك قرابة 450 مليون متحدث باللغة العربية، عدا عن المتحدثين المقيمين في الخارج، إذ تُعد اللغة العربية ثاني اللغات المحكية في دولة السويد، في الوقت ذاته أشارت الإحصائيات إلى وجود مصر في المركز الخامس عالمياً على مستوى أعداد القرّاء”، كما لفت بكر إلى وجود العديد من الإمكانات التي تمتلكها أسواق النشر العربية والتي تخولها من التطور والنمو مستقبلاً”.
وقالت شيرين كريدية.. ” يوجد الكثير من العوامل المؤثرة في صناعة النشر، وبلا شك هذا أمر يسبب ارباكاً للقطاع أو يدفعه للنمو، وفي عالمنا العربي الكثير من النماذج الواعدة في مجال النشر لا سيما في ظلّ وجود العدد الكبير من الكتّاب والمترجمين ودور النشر، ويمكننا القول أن سوق النشر في منطقة الخليج العربي يعتبر من أكثر الأسواق نشاطاً وقوّة خاصة بما يتعلّق بصناعة الكتب الموجّهة للأطفال وهذا أمر يساعد الإعلام والإعلام الرقمي كثيراً في تطوير آليات النشر”.
ولفتت كريدية إلى أن أبرز الأسواق المستهدفة لبيع الكتب وترويجها هي المعارض، والجهات الحكومية وغير الحكومية، وأيضاً المدارس، كلها تساعد وتشجع القراءة.
وقدمت ستيفاني لامبرينيدي مدير تنمية المحتوى الاقليمي، في ستوريتل شرحاً عن السرد القصصي، إذ تُقدم شركتها خدمة لأكثر من 20 مليون مشترك كتب صوتية، داعية لتطوير هذا النوع من الكتب الذي يشهد واقعاً مزدهراً، حيث ذكرت أن ستوريتل تهتم كثيراً بالكتب المسموعة وطرق سماع القصص، واستطاعت بالتعاون مع شركائها أن تنشر أكثر من 8 آلاف كتاب صوتي في السنة، فهي شركة دخلت الشرق الأوسط وإفريقيا بأكثر من 2000 كتاب صوتي، وأصبحت كلها باللغة العربية، وتملك كتب بأكثر من 30 لغة، لأكثر الكتب قراءة على مستوى العالم.
وبيّن روديغر فيشاريت، كاتب متخصص في الشؤون الثقافية، مؤسس ورئيس شركة كنتنت أند كونسلتينج إن الترويج الناجح للكتاب يحتاج إلى دراسة كافية للسوق ومعرفة احتياجاته، مشيراً إلى أن العالم العربي يواجه مشكلة في الأرقام والإحصاءات التي تسهم في رفع كفاءة القطاع وتبرز القيمة الضرورية لتطويره بوتيرة نوعية، كما أكد سعيه لتسليط الضوء بشكل أكبر على قطاع النشر في العالم العربي والسعي لإدراك خصوصيته وما يتمتع به من مكانة في هذا القطاع. لقد أحدث التحول الرقمي ثورة في عالم النشر حيث باتت الكتب الصوتية، والرقمية تعيش حالة من الازدهار غير المسبوقة.
المصدر-وكالة أنباء الإمارات